IMLebanon

أزمة العسكريين… إنهم يشترون الوقت

جميلة هي البادرة التي صدرت، أمس، عن الفنانين الذين توافدوا الى ساحة رياض الصلح كمجموعة كبيرة وحرصوا على إعلان تضامنهم الكامل مع أهالي عسكريي الجيش وعناصر قوى الأمن الداخلي.

وفي التقدير أنّ مثل هذه المبادرات هي الأكثر جدوى من أي عمل سلبي يقدم عليه الأهالي (تكراراً: مع التقدير لأوضاعهم وظروفهم وأحاسيسهم وآلامهم والقهر الذي يعتصر قلوبهم).

إنّ الأزمات تولد كبيرة ثم تصغر… أمّا هذه الأزمة التي ضربتنا باختطاف العسكريين فهي بدأت كبيرة وأخذت تتعاظم وتزداد إنتفاخاً وخطورة وتداعيات مروّعة.

ويجب الإعتراف، بداهة، بأنّ لا أمل في حل منظور لها. فالإرهابيون الذين يشكلون «الطرف الآخر» في هذه الأزمة ليسوا يملكون في صدورهم ووجدانهم مشاعر وقلوباً… والنفس البشرية بالنسبة إليهم لا قيمة لها… بدليل ما هو معروف عنهم من عدم إهتمام بقتلاهم الذين يسقطون بالمئات على مختلف الجبهات… فلا يطالبون بجثث ولا يكترثون لدفن، ولا يبلغون ذوي القتلى بفقدان أبنائهم… إنهم حال فريدة من الناس الذين لا قيمة للحياة الإنسانية والقيم والمبادىء في ناموسهم… فهم مجرّد شراذم جيء بهم (ولنعترف جاء الكثيرون منهم طوعاً) من مختلف أصقاع المعمورة، وبالتالي يمكنهم أن يقدموا على أي إرتكاب، مهما كان بشعاً، بل في غاية الشناعة.

وكان لافتاً أمس قرار هيئة العلماء المسلمين العودة الى الوساطة إنطلاقاً من دار الفتوى، وتلك واحدة من إيجابيات إنتخاب سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً للجمهورية. وهذه الوساطة يجب الإعتراف بأنها نجحت في مطلع هذه الأزمة في إطلاق بضعة مختطفين من عسكريي الجيش وعناصر قوى الأمن، ويؤمل أن تتوصل، في هذه المرة أيضاً، الى إطلاق الكثيرين من العسكريين إن لم يكن كلهم. مع ملاحظة أنّ ظروف ووقائع وتطورات القضية، لم تعد كما كانت في السابق بل تراكمت عليها مقادير كبيرة من الأحقاد والضغائن والدماء… بل انّ موقف الدولة الإسلامية للعراق وبلاد الشام (داعش) هو اليوم مختلف كثيراً عمّا كان عليه في الثالث من آب الماضي يوم إختطاف العسكريين. وذلك يعود الى تطورات على الأرض سواء أفي العراق أم في سوريا.

في أي حال، فإنّ «العلماء» قرروا الحراك إنطلاقاً من تحفظ (كي لا نقول إعتراض واضح) على مجريات المرحلة الماضية، مشترطين ان تكلفهم الحكومة رسميا مهمة التفاوض.

إلاّ أنّ هذه التحرّكات المحلية ليس من شأنها أن تمنحنا كبير أمل في نهاية سعيدة للأزمة.

وفي تقديرنا أن ما يجري هو كله «شراء للوقت» … فلا أحد يريد الآن حلاً باستثناء لبنان. فالإرهابيون الخاطفون يريدون تمرير الوقت لينتهي فصل الشتاء فتصبح حركتهم في الجرود أكثر راحة وإطمئناناً، ودولة قطر ليست مستعجلة على أي حل لن تجد له ثمناً لدى الأطراف الدولية والإقليمية. والدول العظمى تبدو غير معنية بالملف كله على الإطلاق.

وكان الله في عون لبنان.