IMLebanon

فجأة برنامج جديد مضر لوزير الطاقة

 

 

منذ قدومه الى لبنان بعد تخليه عن مسؤوليات دراسة لدى شركة محاسبة ومشورة ادارية دولية يدلي وزير الطاقة بتصاريح غير مفهومة وغير مستندة الى دراسات احصائية او ادارية. هو يظن ان سمعته كافية لإقناع المستمعين اكانوا من الشعب او النواب او الوزراء بأنه وقع على برنامج لمعالجة معضلة الكهرباء. لقد كان هذا القطاع منتظماً ومربحاً ويسمح بتطورات سنوية مفيدة حتى عام 1975 وتفجر احداث لبنان.

 

بعد ذلك استطاع الرئيس رفيق الحريري انجاز معملين لإنتاج الكهرباء في الذوق والزهراني بطاقة 450 ميغاواط لكل منهما واستطاع تأمين تجهيز معملين بطاقة 70 ميغاوط لكل منهما في بعلبك والنبطية، وبالتالي كان لبنان ينعم بالكهرباء مع بداية القرن الواحد والعشرين، وقد شهد هذا القرن اتجاهات في الصناعة والخدمات والاتصالات تعتمد على توافر الكهرباء بشكل مستمر وإلى حد ما اقتصادي. وقد واجهنا منذ عام 1998 مشكلة تخصيص التيار الوطني الحر بموضوع الكهرباء فأجهض وزراء التيار اي انجاز بما فيه تحقيق عقد انجزه الوزير جبران باسيل لإنجاز معمل بطاقة 450 ميغاواط ولم نشهد من وعده اي ميغاواط. فالمفاوضات مع الشركة القبرصية – اليونانية تعثرت حول موضوع استحقاق او عدم استحقاق ضريبة القيمة المضافة التي كانت 10٪ على قيمة العقد تدفع من قبل وزارة الطاقة وتحوّل من الشركة الى وزارة المالية، فأين المشكلة حسب ما نسمع من الوزير باسيل… ما خلونا، من هم هؤلاء الراغبين في تعثر توافر الكهرباء؟ رجاء ابلغونا فأنتم كحزب حصرتم وزارة الكهرباء بتمثيلكم منذ 1998 وحتى اليوم… 24 عاماً ولا كهرباء سوى استئجار بواخر تركية بأكلاف تتجاوز كلفة بناء البواخر المذكورة.

 

اليوم يعاود وزير الكهرباء الجديد المحاولة بعد إعلانه عن فشل شراء الغاز من مصر، وكنا اول ما نبهه الى ان سعر الغاز المطلوب لإنتاج الكهرباء مع المحافظة على البيئة قد ارتفع 6 اضعاف نتيجة الحرب الروسية – الاوكرانية، وأن سوريا لا بد وأن تتقاضى رسوم عبور عبر الخط القائم في اراضيها والذي ساهم في توافر الغاز عام 2009، ومن حق سوريا ان تتقاضى رسوم عبور عبر الخط الممتد بأراضيها لأن صيانة الخط توجب نفقات وتأمين فريق جاهز للقيام بأعمال التصليحات في اي وقت تظهر الحاجة لذلك.

 

اخبرنا وزير الطاقة الجديد صاحب المشاريع العديدة ان استيراد الغاز المصري لم يعد قيد التنفيذ، وأن البنك الدولي لن يموّل هذه العملية، وكأن مصير لبنان معلق على توافر التمويل من البنك الدولي، ولو فكر الوزير بمنهج آخر ربما كنا نرى مبرراً لاستمراره في وظيفته، وحتى تاريخه لا يمكن وصف إنجازاته إلا بالفشل ومحاولته زيادة الفشل.

 

وزير الطاقة لم يصرّح بأي شكل حول توافر الكهرباء من الاردن من حقل واسع لإنتاج الكهرباء من الالواح الزجاجية الخاصة وتبلغ طاقة هذا الحقل 1000 ميغاواط، لم تتوافر لنا في لبنان، رغم عروض الكويت بإنجاز معامل بطاقة 3000 ميغاواط عام 2013 وتمويل متدني الكلفة على مدى 20 عاماً، وكذلك كان العرض الالماني بوجود انجلا ميركل مع وفد عائد من مصر حيث انجزوا 13 الف ميغاوط خلال سنتين وشاء الوزير القيصر (سيزار ابي خليل) رفض العرض لاننا كما بلغ الوزير الالماني حققنا وسائل ادارية افضل من الالمان… وعسى هنالك من يصدق هكذا ادعاء، والوزير ذاته في مؤتمر حضرته وسمعت حديثه خلاله، وعد في شباط 2017 بتوافر الكهرباء ٢٤/٢٤ خلال سنة، وكان جزائه انتخابه نائباً لأنه كان وزيراً فاشلاً.

 

اليوم الوزير الحالي يقترح حلاً هو الأسوأ بين الحلول الممكنة، فهو يدعو الى تكليف اصحاب المولدات الخاصة ذات الطاقة المرتفعة 5010 ميغاواط بتأمين الكهرباء للقطاع الخاص، على ان تتولى وزارة الطاقة  تأمين المازوت للمولدات.

 

اي مهندس بسيط يعلم ان استهلاك المازوت من المولدات الصغيرة يزيد بالنسبة لإنتاج الكيلووات ساعة من استهلك المحطات الكبيرة وبالتالي الوزير الحالي يدعو المستهلكين، والصناعيين وأصحاب المكاتب الى تحمل نفقات اعلى مما يعانون اليوم لتأمين الكهرباء. وهو يعلم بأن قدرة المستهلكين على ذلك غير متوافرة، وفي الوقت ذاته يعتبر ان دعم الاكلاف لاستيراد المازوت يجب ان يتوافر من الدولة، وهو لو كان عالماً بل لو كان تقنياً لكان يعلم ان استيراد المازوت ودعمه تسبب خلال سنتين ونصف السنة في تآكل الاحتياطي لدى مصرف لبنان، لأن 30٪ من المستوردات كانت تصدّر الى سوريا بواسطة المقتدرين على التحكم بتشغيل عمليات تسهيل النقل من دون اي شروحات حول كلفة الاستيراد وكيفية تغطيتها.

 

اقتراحات الوزير بتكليف اصحاب المولدات الخاصة تأمين الكهرباء لمدة 16 ساعة يومياً للمنازل، والمدارس والمكاتب والمصانع يؤدي في حال تنفيذه الى إفقار لبنان اكثر مما يعاني اهله اليوم. وفي حال قبول اقتراحاته لا بد من إقالته او استقالة الحكومة، والواقع ان استقالة الحكومة اصبحت ضرورية بالرغم من نجاحات وزير التربية، ووزير الصحة، ووزير الداخلية، ووزير الاشغال العامة، ووزير الاقتصاد في الحصول على منحة لدعم استيراد القمح من اجل كفاية ابسط الحاجات الغذائية. رغم نجاحات هؤلاء الوزراء بإقدامهم على خطوات شجاعة ومبادرات مقنعة مع الهيئات والدول المانحة، الا ان هذه النجاحات لا تكفي لطلب استمرار تشكيلة الحكومة الحالية إلا اذا شاء اصحاب المسؤولية الانغماس في نار جهنم.