IMLebanon

الحراك في الشارع

 

 

يفسح عدم تشكيل الحكومة في المجال الواسع أمام الخطط والمخططين والمخططات، وأيضاً أمام التكهنات على أنواعها المختلفة. ولقد جاء بيان مديرية التوجيه في قيادة الجيش، أمس، ليؤكد (من غير أن يقولها مباشرة) على بعض ما قد يجول في خواطر المحرّضين والمنفذين في الشارع.

 

صحيح أن الحال تستدعي حراكاً شعبياً، أقله لحثّ المعنيين بتشكيل الحكومة على تسريع خطوات المتباطئين منهم، وإزالة عراقيل المعرقلين… ولكن الصحيح كذلك أن هشاشة الوضع لا تسمح بالتمادي في حراك الشارع، خشية الوقوع في المحظور.

 

فمن يضمن أن تبقى التظاهرات والإعتصامات سلمية؟

 

ومن يضمن ألاّ تتحرّك الطوابير الخامسة بين المتظاهرين والمعتصمين من أصحاب المطالب المحقة؟

 

ومن يضمن إستطراداً ألاّ يغتنم المندسّون في صفوف المتظاهرين المسالمين أصحاب الحقوق ليحرفوا التظاهرات عن أهدافها؟

 

أما في الأساس فنحن نفهم أن تكون التظاهرات للحث على تشكيل الحكومة. ولكننا لا نفهم أن تكون التظاهرات مطلبية في غياب الحكومة. فمن ذا الذي سيتلقى المطالب ويعمل على تحقيقها غير الحكومة مجتمعة والوزراء المعنيين كل في إطار مسؤولية وزارته.  وهذا ما ليس في مقدور وزراء حكومة تصريف الأعمال أن يقوموا به.

 

في أي حال قد لا نكشف سراً إذا قلنا إن ثمة «معلومات» (؟!) متداولة تشير الى أهداف عديدة لبعض المندسين بين المشاركين في الحراك الذي لا يزال مضبوطاً حتى الآن! في تلك المعلومات:

 

أولاً – هناك من يراها الفرصة السانحة للإنقضاض على النظام. وليس من باب المصادفة أن ترفع هتافات من نوع «الشعب يريد إسقاط النظام». وقد تكررت هذه الهتافات بالصوت والصورة عبر يافطات رُفعت سابقاً.

 

ثانياً – هناك من لا يكتفي بإسقاط النظام، سلمياً، ولكنه يذهب أبعد مدى بكثير فيقول بالـ«ثورة». ولقد إستمعنا الى هتافات بالثورة خصوصاً في تظاهرة سابقة وأمس أيضاً.

 

 

ثالثاً – البعض يراها مناسبة لضرب موقع رئاسة الجمهورية أو ما تبقى منه (بعد تقليص الصلاحيات).

 

رابعاً – الأكثرية تلتقي على اعتبار الطبقة السياسية فاسدة، وبالتالي يجب الإنتهاء منها.

 

عملياً، ثمة قضايا مطلبية محقة، بل أكثرية المطالب محقة إن لم تكن كلها على أحقية. ولكن النيات ليست كلها صافية لدى الذين يقنصون هكذا تطورات ليمتطوا ظهر المطالب ولو بغير حق. وما رافق تظاهرة أمس من شغب يحكي عن ذاته.

 

وأيضاً: ما هو المطلوب؟ ومن هو البديل؟

 

ما هو المطلوب تحديداً في القرارات التي يراد للتظاهرات أن تبلغ إليها؟ وهل هذا المطلوب في المتناول؟!

 

ومن هو البديل؟ وهل ثمة من يعتقد، فعلاً، أنّ هناك من يستطيع أن يأتي بالبدائل لهذا النظام وأيضاً رجالات وقيادات؟!

 

صحيح أن البعض ممن يتولون شؤوننا يصح فيهم الوصف بـ«الغباء» الذي نسب قوله الى غبطة البطريرك الماروني، إلا أن من يديرون شؤون الحراك ليسوا (جميعاً) منزّهين أو نازلين بقفّة من السماء!

 

في تقديرنا أن الحراك يجب أن يستهدف، في المرحلة الآتية، المطالبة الضاغطة بتشكيل الحكومة، ومن ثم الإنتظار الى ما بعد البيان الوزاري والثقة وفترة سماح لا تتجاوز الأشهر الثلاثة… وما بعد ذلك يصبح الحراك واجباً.