IMLebanon

أخطر من الشغور الرئاسي : تعطيل آلية النظام

ليس من المناسب، وإن كان من التقاليد، اختصار العام ٢٠١٤ الراحل اليوم بعنوان واحد. لا في النظرة الى الأحداث الكونية. ولا حتى في النظرة الى الأحداث في بلد واحد. فما سمته مجلة فورين بوليسي الأميركية عام الصدمات هو من وجهة نظر أخرى عام الفرص. وما يجمع بين الصدمات والفرص هو الأخطار. وكل قراءة في الأحداث، سواء كانت ايجابية أو سلبية، تبقى أسيرة رؤية آنية محكومة بما تيسر من الحقائق في انتظار مرور الزمن لاكتشاف الحقائق الكاملة وراء ظاهر الأحداث. ولم يكن الشاعر الروسي ألكسندر بوب على خطأ عندما قال: قليل من المعرفة شيء خطير.

ذلك أن العام ٢٠١٤ له أكثر من عنوان على المستوى الدولي: عام استعادة شبه جزيرة القرم بالنسبة الى موسكو، وإن فتح حديث الرئيس بوتين عن روسيا الجديدة باب الحرب الباردة. عام هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات النصفية وسيطرة الجمهوريين المحافظين على مجلسي الشيوخ والنواب. عام السقوط المبرمج لأسعار النفط من أجل الصراخ في روسيا وايران وفنزويلا. عام التشديد الصيني من جديد على تعلم الماركسية مع ادارة السوق. وعام التراجع الأميركي أمام صمود كوبا على مدى نصف قرن في مواجهة حصار عبثي.

أما العناوين الاقليمية للعام ٢٠١٤، فإن مختصرها أربعة: عام الخلافة الداعشية. عام المطالبة بالتدخل العسكري الدولي. عام تمدد الحوثيين في اليمن على الطريق لعودة الإمامة. وعام المسار الديمقراطي لصمود الربيع العربي في تونس، وسط النيران التي تحرق ليبيا وسوريا والعراق وتقترب من الامتداد الى لبنان والأردن.

وأما العنوان اللبناني، وسط طقوس الحوار والسجال، فإنه الانتظار كالعادة. انتظار ما تنتهي اليه حرب سوريا، وهي طويلة، لمعرفة مصير الجمهورية. انتظار ما نعرفه وما لا نعرفه من صراعات جيوسياسية في المنطقة وعليها، وما له وما ليس له علاقة بنا، لكي ننتخب رئيساً للجمهورية. واذا كان الشغور الرئاسي هو حدث العام ٢٠١٤، فإن المشكلة الأكبر هي إدارة الشغور.

ذلك أن الأخطر من الشغور هو تعطيل آلية النظام، والتكيف مع الأمر الغريب كأنه أمر مقبول. فالبرلمان اليوناني لم يشهد تعطيلاً لآلية النظام وإن فشل للمرة الثالثة في انتخاب رئيس للجمهورية. إذ كان المخرج واضحاً: حل المجلس واجراء انتخابات جديدة. أما البرلمان اللبناني، فإن اللعبة الديمقراطية فيه عطلها فريق يرفض الذهاب الى جلسة انتخاب إن لم يضمن انتخاب مرشحه. وليس هناك أي مخرج دستوري لاعادة العمل بآلية النظام. وعلى العكس فإن المجلس المقصر في واجباته كافأ نفسه بالتمديد.

ويحدثونك عن الأخطار، وهم يضحكون ويتركون الباب مفتوحاً لكل أنواع المخاطر.