IMLebanon

مبادرة السيد.. وثوابت الحزب

قررت قوى «14 آذار» بغالبية أطيافها، التعامل بإيجابية مع مبادرة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الداعية الى تسوية تقوم على سلة متكاملة تشمل الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب. لكن هذه الايجابية رافقتها قراءات متعددة لهذه المبادرة، وإن كانت هذه القراءات قد تقاطعت عند تصور يراهن على أن الحزب «محشور» ويسعى الى تسوية تجنبه المزيد من الخسائر.

لكن أوساط الحزب التي عبرت عن ارتياحها لمعظم الردود الإيجابية تجاه مبادرة الأمين العام، ترى في الوقت نفسه أن التعامل معها على أساس أن الحزب «محشور»، لن يؤدي الى النتيجة المتوخاة، وأن الرهان على تنازلات وتراجعات جذرية في مواقف الحزب هو من باب الأوهام.

في المحصلة، لدى الحزب ثوابت لن يحيد عنها وأهمها:

أولا: عدم انتظار الخارج وتطوراته للبناء على القضايا الداخلية المطروحة واتخاذ المواقف منها. وفي هذا الاطار فإن التطورات الخارجية تعمل لمصلحة المحور الذي انخرط فيه الحزب، لا سيما بعد الدخول العسكري الروسي على خط المواجهة، والموقف الدولي من الإرهاب الذي يعمل الحزب على محاربته في كل المواقع. ومع ذلك، فإن الحزب يختصر الطريق ويقول لشركائه في الوطن «لا تراهنوا على التطورات الاقليمية أيا كانت نتائجها، وتعالوا لنبني حلا داخليا مستقلا».

ثانيا: إن الحزب من الأساس مع أجواء التهدئة الداخلية، ولم ولن يلجأ الى أي تصعيد، ليس من باب العجز أو لانشغاله بالمعركة في سوريا، بل حرصا على أرواح اللبنانيين، كل اللبنانيين، وليس جمهور المقاومة فقط، خاصة أن هذا الجمهور أثبت قدرته على تحمل الصعاب والمعاناة أكثر من أي طرف آخر.

ثالثا: لا تراجع عن موقفه المشارك في الحرب على الارهاب في كل الساحات، وواهم من يعتقد أن الحزب سوف ينسحب من سوريا قبل تحقيق الأهداف التي شارك من أجلها في القتال، وأن هذا الأمر ليس ورقة مساومة بالنسبة اليه في إطار مبادرة السيد نصر الله.

رابعا: إن الحزب لن يتخلى عن دعم ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة إلا اذا تخلى العماد عون عن ترشيح نفسه بنفسه. واذا ما استمر الجنرال في ترشحه، فإن الحزب سيبقى الى جانبه، واذا ما تخلى، فهو مستعد للبحث في البدائل.

خامسا: خارج هذه المبادئ، لا بد من التوازن في تقديم التنازلات. فالحزب يعرف ويفهم جيدا أن التسويات عادة تتطلب تنازلات متبادلة من فريقي النزاع، بشكل لا يطغى فريق على فريق. ولطالما قدم الحزب في الماضي تنازلات من خارج قناعاته في الكثير من السياسات الداخلية، ضنا منه بتيسير شؤون البلاد والعباد، لا سيما في قوانين الانتخاب والتشكيلات الحكومية والعمل التشريعي وبعض القوانين وقضايا أخرى.

في اطار هذه الأسس، لا يبدو الحزب مصرا على الأولويات في مجال التفاهم على سلة التسوية. المهم أن يتم التفاهم الكامل على كل القضايا المطروحة قبل البدء في التنفيذ. أما اذا كان الفريق الآخر مصرا على انتخاب الرئيس و «بعدها لكل حادث حديث»، فإن ذلك لا يفضي الى حلول ولا يتناغم مع مبادرة السيد نصر الله.

لقد بات واضحا أن لبنان ليس على جدول أولويات العالم في هذه المرحلة، بل لا يبدو على جدول الاهتمامات أساسا، على الرغم من بعض الكلام الدولي والاقليمي في هذا المجال. وهذا الأمر في حد ذاته، قد يشكل فرصة للبنانيين للأخذ بناصية أزمتهم ومعالجة شؤونهم الداخلية قبل أن يضغط الآخرون على البلد، لفرض حلول قد لا تعجب أحدا.