IMLebanon

كم ناجي فليطي بعد؟  

 

استوقفني بالأمس كلاماً مسؤولاً صدر عن رئيس حزب القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع أنّه «يُراهن على حسّ المسؤولية والوعي عند المسؤولين السياسيين لإنهاء الازمة المستفحلة التي تقود البلاد نحو الانهيار الحتمي»، نحن في عمق الإنهيار وفي كونه الحقيقة الكبرى والوحيدة التي يعيشها اللبنانيّون، وأنّ الشّعب اللبناني لم يعد يُراهن على أيّ حسّ أو إحساس عند المسؤولين السياسيين، يوم أمس كان ثقيلاً جدّاً على اللبنانيين، كان يوم ناجي فليطي بامتياز، آلاف اللبنانيين هم في وضع ناجي فليطي وأسوأ، ولا يبدو أنّ لهذا المسار سوى نهاية واحدة مؤلمة!

 

في تموز العام 2018 حذّرنا مراراً من الضائقة الكبرى التي يعيشها اللبنانيّون وحذّرنا من أننا ذاهبون إلى انهيار إقتصادي ومالي كبير، إلا أننا كنّا نراهن وقتها على قدرة اللبناني على تحمّل ما لا يحتمل، اليوم وصل اللبنانيون إلى مرحلة عجزهم عن احتمال «قشّة»، وإذا كنّا وقتها رأينا في اليوميات القاسية التي يتعرّض لها المواطن اللبناني أنّها تطحنه في رحىً لا يتوقّف حجرها عن الدوران، وأنّه لم يعد فينا ما يطحن صرنا «طحين»، فماذا نقول عمّا يواجهه المواطن اللبناني اليوم؟!

 

أخوف ما نخافه أن تكون نهاية هذا الطريق المسدود على المستوى الوطني أن تنتهي ـ على طريقة جولات العنف خلال الحرب الأهليّة ـ باضطراب أمني وسياسي وحده الله يعرف إلى أين قد يقود البلاد إن وقع!! يحتاج اللبنانيون إلى رفع الصلوات والدّعوات معاً هذه الأزمة الخانقة «ليس لها من الله كاشفة»، مجدداً بعد عام ويزيد فكّرتُ كثيراً قبل أن أكتب مقالتي، أين المفرّ، أين المخرج، الأفق كلّه مسدود، أين أوجّه وجهي ووجوه اللبنانيّين، لم أرَ بارقة أمل إلا في الدّعاء نحن في أزمة مصيريّة تمرّ على لبنان وشعبه، ولا معين للبناني فيها إلا الله، نحن شعب مؤمن سبق  وواجهنا أيام الحروب الحالكة بالدّعاء والصلاة والمقاومة لاستمرار الثورة علّها تؤتي ثمارها وتطيح بهذه الطبقة الحاكمة التي أخذت لبنان إلى الانهيار، الثورة يجب أن تستمر ومهما رتّبت على اللبنانيّين من أثمان.

 

قلّبتُ أوراقي، لم أجد سوى «القصيدة المنفرجة» المنسوبة للإمام أبي حامد الغزالي أخفّف بها عن نفسي وعن كلّ لبناني قد يجد متنفسّا لكربه العظيم:

 

«الـشِّـدَّةُ أَوْدَتِ بِالْـمُـهَـجِ/ يَـا رَبِّ فَعَجِّـلْ بِالْـفَـرَجِ/ وَالأَنْفُسُ أَضْحَتْ فِي حَـرَجٍ/ وَبِيَـدِكَ تَفْرِيـجُ الْـحَـرَجِ/ هَاجَـتْ لِدُعَـاكَ خَوَاطِرُنَـا/ وَالْوَيْلُ لَهَـا إِنْ لَـمْ تَهِـجِ/ يَا مَنْ عَوَّدَتَ اللُّطْـفَ أَعِـدْ/ عَادَاتُـكَ بِاللّطْـفِ الْبَـهِـجِ/ وَاغْلِقْ ذَا الضِّيـقِ وَشِدَّتـه/ وَافْتَحْ مَا سُـدَّ مِـنَ الْفُـرُجِ/ عِجْنَـا لِجَنَابِـكَ نَقْـصِـدُهُ/ وَالأَنْفُسُ فِـي أَوْجِ الْوَهَـجِ/ وَالِـى أَفْضَالَـكَ يَـا أَملِـى/ يَـا ضَيْعَتَنَـا إِنْ لَـمْ نَعِـجِ/ مَنْ لِلْمَلْهُوفِ سِـوَاكَ يَغـثْ/ أَوْ لِلْمُضْطَـرِّ سِـوَاكَ نَجِـي/وَإِسَاءَتُنَـا لَــنْ تَقْطَعَـنَـا/ عَنْ بَابِـكَ حَتَّـى لَـمْ نَلِـجِ/ يَـا سِيِّدَنَـا يَـا خَالِقِـنَـا/ قَدْ ضَاقَ الْحَبْلُ عَلَى الْـوَدَجِ/ وَعِبَادُكَ أَضْحَـوا فِـي أَلَـمٍ/ مَا بَيْـنَ مُكَيْـربٍ وَشَجـى/ وَالأزْمَــةُ زَادَتْ شِدَّتُـهَـا/ يَـا أَزْمَـةٌ علَّـك تَنْـفَـرجِ/ جِئْنَـاكَ بَقَـلْـبٍ مُنْكَـسِـر/وَلِسَـانٍ بِالشَّكْـوَى لَـهـجِ/ وَبِعَيْنِـكَ مَـا تَلْقَـاهُ وَمَـا/ فِيهِ الأَحْوَالُ مِـنَ الْمزجِـى/ فَبِكُـلِّ نَبِـيٍّ نَـسْـأَلُ يَــا/رَبَّ الأَرْبَـاب وَكُـلِّ نَجِ/ وَبِفَضْـلِ الذِّكْـرِ وَحِكْمَتِـهِ/ وَبِمَا قَدْ أَوْضَحَ مِـنْ نَهَـجِ/ وَبِسِـرِّ الأَحْـرُفِ إِذْ وَرَدَتْ/ بِضِيَـاءِ النُّـورِ الْمنْبَـلِـجِ/ وَبِسِـرٍّ أُودِعَ فِـي بَـطَـدِ/ وَبِمَا فِـي وَاحٍ مَـعَ زَهَـجِ/ وَبِسِـرِّ الْبَـاءِ وَنُقْطَتِـهَـا/ مِنْ بِسْـمِ اللهِ لِـذِى النَّهَـجِ/ وَبِقَـافِ الْقَهْـرِ وَقُوَّتِـهَـا/وَبِقَهْـرِ الْقَاهِـرِ لِلْمُـهَـجِ/ وَبِبَـرْدِ الْمَـا وَإِسَاغَـتِـهِ/ وَعُمُومِ النَّفْـعِ مَـعَ الثَّلَـجِ/ وَبِحَـرِّ الـنَّـارِ وَحِدَّتـهـا/ وَبِسِـرِّ الْحُرْقَـةِ وَالنُّضْـجِ/ وَبِمَا طَعِمْتَ مِنَ التَّطْعِيم وَمَا/ ضَرَحَـتْ مِــنَ الـضَّـرَجِ/ يَا قَاهِرَ يَـا ذِي الشـدَّة يَـا/ ذِي الْبَطْشِ أَغِثْ يَا ذَا الْحُجَجِ/ يَـا رَبِّ ظَلَمْـنَـا أَنْفُسَـنَـا/ وَمُصِيبَتُنَا مِـنْ حَيْـثُ نَـجِ/ يَا رَبِّ خُلِقْنَـا مِـنْ عَجِـلٍ/ فَلِهَـذَا نَـدْعُـوا بِاللُّـجَـجِ/ يَـا رَبِّ وَلَيْـسَ لَنَـا جَلَـدٌ/أنَّى وَالْقَلْـبُ عَلَـى وَهَـجِ/ يَا رَبِّ عَبِيـدُكَ قَـدْ وَفَـدُوا/ يَدْعُـوكَ بِقَلْـبٍ مُنْـزَعِـجٍ/ يَا رَبِّ ضِعَافٌ لَيْـسَ لَهُـمْ/ أَحَد يَرْجُونَ لـدى الهَـرْجِ/ يَا رَبِّ فُصَّاحُ الأَلْسُـنِ قَـدْ/ أضْحُوا فِي الشِّدَّة كَالْهَمَـجِ/ السَّابِـقُ مِنَّـا صَــارَ إِذَا/ يَعْـدُوا يَسْبِقُـهُ ذُو الْعَـرَجِ/ وَحِكْمَـةُ رَبِّــي بَالِـغَـةٌ/ جَلَّتْ عَنْ حَيْـفٍ أَوْ عـوجِ/ وَالأَمْــرُ إِلَـيِـكَ تُـدَبِّـرُهُ/ فَأَغِثْنَـا بِاللُّطـفِ الْبَهِـجِ».

 

اللهمّ استجب.. يا أرحم الرّاحمين.. اللهم آمين.