IMLebanon

عن السيادة الوطنية

 

غادرَنا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتبقى ملائكته عندنا مُتمثِّلة بتردُّدات كلامه الواضح والصريح إن بالنسبة إلى المهل التي حدَّدها لبعض الإجراءات المطلوبة، أو بالنسبة إلى فريق العمل الفرنسي الذي يُواصل المشاركة في التحقيق مع المحققين اللبنانيين والأميركيين كذلك. وأيضاً إلتزامه بالعودة إلينا في زيارة ثالثة.

 

اللافت في ردود الفعل على حراك ماكرون إثارة البعض مسألة السيادة الوطنية، وهو ما تكرّر ترداده على ألسنة بعض النواب وبالذات مُمثّلو بعض الكتل لدى مغادرتهم الإستشارات مع الرئيس المُكلَّف يوم أمس، وقول آخرين «نحن نعرف في شؤوننا أكثر من ماكرون». قد يكون هذا الكلام صحيحاً لو أنّ الذين يتحدّثون بالسيادة وبالمعرفة أكثر من الرئيس الفرنسي لم يكونوا يتلقّون التعليمات والأوامر بعضهم، ذات زمن من الإسرائيلي، وبعضهم الآخر، ذات زمنٍ أيضاً، من عنجر والرملة البيضاء وسواهما (…).

 

نودّ أن نوضِح أننا لسنا من الذين يستطيبون الإنقياد إلى الخارج، أخاً وصديقاً كان أو عدوّاً، بل نرفضه بقوّة. ولكننا لا نفهم هذا الحقد الدفين على تجربة حكومية يؤمَل أن تكون واعدة، ولسنا ممن يحكم عليها قبل ظهور خيرها من شرّها.

 

إنّ الذين اتّخذوا قرارات متسرّعة من الحكومة الآتية، طبعاً قبل تشكيلها، وربّـما لمواقف مسبقة من الرئيس سعد الحريري الذي دعَم (ووراءه القيادات السنيّة الفاعلة) تكليف الدكتور مصطفى أديب، إنما يُصرّون على الإمعان في تسرُّعهم. وهم أحرار في ما يذهبون إليه. إلا أنّ إثارة قضيّة السيادة الوطنيّة فليؤذَن لنا أن نقول إنها ليست في موقعها، أو ربّما هو كلام حقّ يُراد به باطلٌ تحقيقاً لأهداف سياسيّة، ومُدالَسة رأي عام لم يتقبّلهُم أساساً وعلّقَهم مع سواهم على أعواد المشانق الصوَريّة، التي هي أيضاً رفَضناها واعتبرناها في حينه كما نعتبرها اليوم، مجرّد همروجة بروباغاندية لا غير، ولا تأثير لها سوى لدى بعض الغوغاء الذين يُسيئون إلى مفهوم الثورة والثوّار الحقيقيين يوم انطلقوا من دعم شعبي كبير إلى أن حرَفَت الغوغاء الثوّرة عن مُنطلقِها.

 

ثمّ، هل يتعارض والسيادة أن تمتدّ يدٌ دوليّة فاعلة إلى لبنان لفكّ عزلته والسعي إلى إقالته من عثراته، والنُصح الصادق بتقويم الإعوجاج ومكافحة الفساد الضارِبَين في مختلف المواقع المسؤولة في السياسة والمال والإدارة؟