عند الاستماع إلى اللقاء الذي حصل مع الدكتور نواف سلام الذي شاركت فيه مجموعة من الإعلاميين عبر قناة تلفزيون لبنان، يستخلص المستمع ان د. سلام كان مستوعباً، للمشروع الاصلاحي للرئيس عون. تفسيره ومقارناته لمضامين خطاب القسم.غير الملتبسة وصراحته وحضوره الارادي والذهني، يثبت انه كان مدركا لما سيواجهه من مشاكل، بل انه رسم ما يشبه المخطط ليواجه ما هو من واقع، عليه ان يتصدى له.
اجاب سلام على مروحة واسعة من الاسئلة تتعلق بالقرار 170١ وبحصرية السلاح بعد الليطاني او ما قبل الليطاني، لكنه أكد ان السلاح سيكون حصرا بيد الدولة، اي بيد الجيش اللبناني الذي سينتشر من الناقورة حتى آخر بقعة أرض من لبنان .. وعن اسئلة اخرى أجاب بانه سيعمل على اعادة ودائع اللبنانيين ..وان شؤون الكهرباء والمياه والتعليم والضمان الاجتماعي ومجلس الخدمة المدنية، وإعادة الاعتبار لوزارة التصميم وإلغاء وزارة المهجرين ومجلس الجنوب والإنماء والإعمار لم تكن بعيدة عن همومه. وفي خلاصة اجوبته كان سلام يعي ما يعترضه. وأثبت للمستمع بانه سيكون على قدر المسؤولية الموكلة إليه. في اجوبته وحضوره الصريح ايضا أعطى سلام شحنة ثقة للبنانيين من أن المشروع الاصلاحي للرئيس عون بيد امينة. لقد كان مشروع الرئيس جوزف عون على المشرحة حاضراً في جميع ثنايا المقابلة. وبدا سلام ملماً ومدركاً ليس فقط لاهمية المشروع الإصلاحي للرئيس عون، بل لكيفية تشكيل الادوات التي يمكن الاعتماد عليها لانجاح مخطط الانقاذ والاصلاح الذي رسمه الرئيس جوزاف عون.
وعد سلام اللبنانيين بأنه سيعمل على تحويل المشروع من مشروع نظري إلى واقع عملي. يرى المتابع لما ورد في الخطاب الاصلاحي لعون المنحدر من نفس المؤسسة التي انحدر منها الرئيس شهاب، يرى تشابها بين شهاب وعون، وان معاناة فؤاد شهاب من الطبقة السياسية التي تكتلت ضده آنذاك شبيهة بمعاناة الرئيس عون، وان وجود نواف سلام وغسان سلامه وطارق متري إلى جانب الرئيس عون لتنفيذ مشروعه الاصلاحي مشابه لوجود كمال جنبلاط ورشيد كرامي الى جانب فؤاد شهاب . وان سلام هو افضل رئيس للوزراء يمكن أن ينفذ ورقة الإصلاح الذي طرحها جوزاف عون، خاصة انه تجرأ على تشكيل وزارة بمعاييره هو،وليس بالمعايير التي شكلتها الطبقة السياسة التي حكمت بعد اتفاق الطائف.
لقد ذهب سلام بعيداً عبر تشكيلته الوزارية في مراهناته على الجيل الذي كان مستبعداً منذ نصف قرن. والسؤال: هل أن الروافد السياسية للطبقة السياسية، وسيطرتها على المجلس النيابي ستسمح لسلام بتحقيق المشروع الاصلاحي لجوزاف عون ؟! ام انهما عون وسلام سيحتاجان لروافد سياسية تمثيلية جديدة، يمكن الركون اليها لتحقيق مشروعهما الذي أصبح مشتركا ؟! وهل الفريق الوزاري الذي اتى به سلام ( نسبياً) من خارج وصاية الطبقة السياسية سيبقى موحداً اذا مسّ مصالح الطبقة السياسية ؟!
إن الظروف إلاقليمية والدولية اليوم مغايرة تماما لما كانت عليه في عصر فؤاد شهاب .. ولكن ( هذه الظروف) من جهة اخرى في حالة تحولات كبرى. وهذا ما يمكن استغلاله لتحقيق المشروع الاصلاحي لعون .؟! لا شك أن د. طارق متري وغسان سلامه سيكونان الرافعة التي يعتمد عليها الرئيسان عون وسلام . والرهان من ان ما سيقومان به سيكون مشابه لدور فؤاد بطرس وموريس الجميل الاصلاحي؟! لذا تم تكليف غسان سلامه بوزارة الثقافة لمخاطبة وتوجيه مؤسسات الرأي العام ، وسيكون سلامه حاضرا لمواجهة تلك القوى التي يمكن أن تقوم بتضليل الرأى العام عبر رواسب القوى السلطوية المضادة . اما دور د. طارق متري فسيكون حاضراً لشرح كل ما يتخذ من قرارات في مجلس الوزراء. والسؤال ما موقف القوات اللبنانية اذا مس المسار الاصلاحي الذي وضع صورته العهد مصالحها ؟! .اما عن دور الرئيس وليد جنبلاط الذي كان على حلف عضوي مع الرئيس نبيه بري هنا هل سيحيي ابنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط دور جده كمال وأنه سيكون الرافد الاساسي للمشروع الإصلاحي للرئيس عون .؟!. هذه الاسئلة هي التي تراود معظم اللبنانيين الذين يراهنون على نجاح جوزاف عون ونواف سلام في مهمتهما الصعبة..
لا شك أن المقابلة مع الرئيس نواف سلام أظهرت أنه هو الشخص الكفوء للقيام بدوره الإنقاذي، وأنه الشخص الذي يمكن الاعتماد عليه للتنفيذ. لقد نجح سلام في المقابلة، بل أظهر وعياً مضافاً لما سيواجه هذا العهد من مشاكل ومصاعب في المرحلة المقبلة .. وأثبت في اجوبته وعياً بما يحيط بلبنان من مخاطر ومشاكل .. وفي المجمل اثبت انه الشخص المهيأ لتنفيذ خطاب القسم…
كل التحية للدكتور سلام، ومبروك للرئيس جوزاف عون شريكه الذي هو القادر على تحقيق حلمه الإصلاحي.