IMLebanon

قرارات الضرورة مثل تشريع الضرورة؟!

جاءت مقررات مجلس الوزراء بمثابة عمل ضروري يوازي ما يطالب به البعض لجهة تشريع الضرورة في مجلس النواب، لذا يشكر جزء من الوزراء على موافقتهم على القرارات من غير حاجة الى انتقاد الجزء الاخر الذي قاطع الجلسة على خلفية رفضه القضايا ذات العلاقة بسلطة رئيس الجمهورية، من غير ان يتوقف هؤلاء ولو  للحظة عند رفضهم ومن يمثلون حضور جلسات انتخاب الرئيس لاسباب يعرفونها شخصيا فيما هي غائبة عن غيرهم من النواب ومن الشعب الغبي في وقت واحد!

من هنا نفهم الضرورة على اساسين مختلفين الاول منطقي وقانوني ودستوري، والاساس الثاني غير منطقي ولا قانوني ولا دستوري، حيث تلعب المزاجية دورها ومعها المصالح الشخصية، كي لا نقول ان الامور العامة مرهونة بمن هو مع الدولة ومن جهة ثانية مرهونة بما على الوزراء وضعه في سياق السياسة العامة للدولة الغائبة من لحظة البدء بالشغور الرئاسي حتى الوصول الى المتاجرة بذلك من دون استعداد للمشاركة في الانتخابات!

ان ما صدر عن مجلس الوزراء، لم يأت عفوا بقدر ما جاء حتميا وملحا بشكل يتعدى العمل الحكومي التقليدي الذي يوازي «ضرورة الضرورة» مع كل ما تعنيه الكلمة التي من الواجب ان يسري مفعولها على تشريع  الضرورة في مجلس النواب الذي يتطلع بدوره الى فتح دورة استثنائية للبت بمواضيع  قد يكون خلاف شكلي عليها،  لكنه خلاف قابل للمعالجة، لان هناك قضايا ملحة تتطلب المعالجة  بمعزل عن المصالح الشخصية، وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية والبت بقانون اعطاء الجنسية للمغتربين، اضافة الى بعض  البنود العالقة منذ اكثر من سنة وسبعة اشهر!

اما الذين من هذا الرأي، فانهم ليسوا قلة، بل ان القرار عندما يصبح ناجزا سيشكلون الاكثرية التي قد يسري مفعولها على انتخاب الرئيس حيث بات الجميع يشعرون بانهم ارتكبوا ويرتكبون خطأ جراء مقاطعتهم جلسات الانتخاب على رغم معرفتهم بان تقادم الايام لن يصل برئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون الى بعبدا وهذا الامر محسوم مهما ارتفعت مزايدات حزب الله القاتلة «اما عون او لا احد»؟!

وفي عودة الى مجريات لعبة الشارع، فان المراقبين يجمعون على ان ثمة صعوبة بل استحالة امام الحكومة لان تتجاهل مطالب من سيتظاهر اليوم، والا ستكون كارثة في حال امكن اسقاط الحكومة بطريقة ام بأخرى، قياسا على الحجم الذي ستكون عليه مظاهرات اليوم حيث تردد ضمنا وعلنا ان هناك حراك مليوني على الطريق هذا في حال تجنب حصول ما بوسع البعض افتعاله من حوادث تقطع الطريق على المطالبين بكل شيء بما في ذلك «تغير النظام» الذي ان اعجب قلة من اللبنانيين لكنه يعجب زعماء الطوائف ومن يلف لفهم؟!

هذا الشيء الوحيد غير القابل للمهادنة، خصوصا ان قوى السلطة لن تكون قادرة على مواجهة المتظاهرين الا في حال تكرر مشهد الاحد الفائت حيث كانت معركة من طرف واحد لا يزال بعض من اصيب خلالها يتلقون العلاج في المستشفيات، والادلة على ذلك لم تخف على المنظمات الانسانية الدولية التي اعترضت صراحة على ما حصل الذي ان اعجب البعض، فانه كان محل ادانة الغالبية العظمى من اللبنانيين الذين لم تفاجئهم المطالبة بتغيير النظام من غير ان يكونوا مقتنعين بالعكس؟!

وفي المقابل ليس بوسع الدولة القول ان ثمة مزايدة في مجال اثارة المطالب ان لجهة النفايات او لجهة الكهرباء والمياه والخدمات العامة في ادنى مستوياتها، لاسيما ان معدل المدافعين عن مجلس النواب في صورته الحالية، ادنى بكثير ممن يرى في النواب ما يرضيهم لذا فانهم يطالبون بانتخابات نيابية مبكرة تكفل وضع الامور في نصابها الشعبي والسياسي والمناطقي طالما ان من الصعب انتظار تغيير جذري في وجوه من يحكم البلد من خلال احتكامهم الى المذهبية السياسية قبل كل ما عداها من مقتضيات وطنية؟!

وثمة من يجزم بان المطالب ستبقى عالقة حيث لا استعداد لدى الحكومة للاخذ بها وهكذا بالنسبة لمجلس النواب الذي بات يشكل ثلاثة ارباع المشكلة داخل السلطة بعدما تبين ان التمديد له لمرتين لم يؤد الى ما هو مرجو من تحسين ادائه، بمعزل عن كل ما تردد عن ان هناك جهات سياسية قد رفضت التمديد فيما لم تفعل شيئا لمنع تكريسه تباعا، وكأن الامور قد حسمت بشكل لا منطقي ولا عقلاني وغير دستوري؟!