IMLebanon

ألسنة النيران و… الإهمال

 

منذ ثلاثة عقود على الأقل والدفاع المدني يطالب بتزويده بالطائرات المخصصة لمكافحة الحرائق. المدير العام السابق للدفاع المدني العميد الطيار درويش حبيقة طالب وراسل ودبج الكتب الى السلطات المختصة عبر وزراء الداخلية المتعاقبين (وزراء المرجعية للمديرية العامة للدفاع المدني) وتقدم بمشاريع العقود والمناقصات، وما شابه، ولكن الدفاع المدني بقي من دون تلك الطائرات التي من المؤسف القول إن ثمن بضع منها لا يوازي ما يتسبب به حريق متوسط من أضرار.

 

نقول إنه منذ تسعينات القرن العشرين الماضي وحتى اليوم، تراكمت ملفات المطالبة بالطائرات المختصة، بعدما زاد عليها المدير العام الحالي العميد ريمون خطار…

 

وأيضاً سُدت الآذان ولم تأتِ الطائرات الى أن تكرم البعض في القطاع الخاص بتقديم طائرتين تبين أنهما غير ملائمتين  لطبيعة لبنان حيث الوهاد والجبال والوديان ما يحدّ من حركة الطيران  غير الملائم لهكذا طبيعة.

 

ولكن النقطة المركزية كم من المليارات هُدرت منذ التسعينات حتى اليوم؟؟ هدرت فعلاً فتحولت الى جيوب مسؤولين ومحيطين بهم، وكان القليل منها يمكنه أن يشتري أسطولاً من الطائرات ذات المواصفات المطابقة للطبيعة اللبنانية الحرجية؟! لا نملك الأرقام بالطبع، فلسنا محققين قضائيين ولا نريد أن نكون. ولكن ليؤذن لنا أن نعرب عن الأسف الكبير لأحوالنا المتردية التي بلغت أسفل الدرك في المجالات كافة تقريباً.

كل سنة يتعرض لبنان للحرائق العديدة. والموضوع، هنا، ليس ما اذا كانت كلها قضاءً وقدراً أو أن بعضها مفتعل كما رجح خبراء أمس، مستغربين هذا التزامن المريب في اندلاع ألسنة النيران من الجنوب الى عكار مرورا بمختلف المناطق اللبنانية، فإذا بنا أمام عجز مروع بالرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها رجال الدفاع المدني وعناصر الجيش ومن يؤازرهم من فرق الصليب الأحمر وأفواج الإطفاء المنتشرة في مختلف المناطق.

 

وبالرغم من الإيجابية الجميلة التي أظهرها الناس الذين كانوا مؤازرين في عمليات التصدي للنيران وسقط أحد المواطنين شهيداً (أبو مجاهد في الشوف) فإن هذه الحرائق تكشفت عن سلسلة سلبيات قد يكون أبشعها على الإطلاق هو أن يكون بعضها مفتعلاً وفق ما ذهب إليه الظن لدى الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري والكثيرين من أبناء المناطق. لذلك طالب الرئيسان بالتحقيق، وتحركت النيابات العامة!

 

إننا في مواجهة ظاهرة هي فقط نتيجة الإهمال المزمن الذي كان حالاً موصوفة لدى المسؤولين طوال عقود. وفي كل حريق نندب الحظ، بينما يجب أن نندد بالتقصير. وعسانا نبادر هذه المرة، وحتى قبل إهماد الحرائق، الى المباشرة فوراً بالتزود بما قد لا يقضي على الحرائق سريعاً وإنما يقلل من مضارها البيئية والمادية أيضاً. مع الحسرة على الثروة الحرجية التي التهمها الإهمال والتردد والفساد (وربما فقدان الضمير في حال ثبوت الجريمة بالافتعال) قبل أن تلتهمها  ألسنة النيران.