IMLebanon

نتانياهو عند العرب

 

لا يستطيع أحد في العالم العربي بمعسكريْه أن يدّعي أن وجود رئيس وزراء حكومة العدوّ (المفترض) الإسرائيلي في سلطنة عُمان، لم يعلُ صراخ «الممانعة» (الوهميّة) الإيرانية وحلفائها، لأنّ عُمان ببساطة دولة شيعيّة (إباضيّة المذهب، وهو أحد المذاهب التي تفرّق إليها الخوارج)، ولأنّ عُمان تلعب دور «الوسيط» بين إيران ودول الخليج، وقبل كلّ هذه على الأقلّ سلطنة عُمان فعلتها في ضوء النّهار، وتصرّفت باحترام وعدم خداع للشعوب العربيّة، معظم الدول العربيّة تشتهي أن تفعلها كما فعلتها سلطنة عُمان، إلا أنّهم معتادون على «الظلمات» منذ العام 1918 من القرن الماضي!

 

لم يكذب بنيامين نتانياهو عندما قال أنّ زيارته «ستعقبها زيارات ومحادثات مع دول عربية أخرى»، والسؤال الذي يستدعيه هذا الإعلان «المتواضع» أيّ محادثات ستخوضها الدّول العربية التي أعلن نتانياهو عن زيارتها، ما الذي بين العرب وإسرائيل غير فلسطين و»القدس الشريف» المدينة المقدسّة، والشعب الفلسطيني، لن نقول شعب الشتات في دول العالم ـ مع قناعتنا التامّة بأنّه لن يكون هناك ما يسمّى بـ «حقّ العودة» للشتات الفلسطيني أمّا أنّ الذين صمدوا ولم يغادروا فلسطين ورابطوا فيها وحموا مقدّسات المسيحيين والمسلمين، فالمخاوف حقيقيّة من أن يتمّ التآمر عليهم لإخراجهم من ديارهم في نكبة جديدة!

 

لماذا عُمان؟ هي الصورة الأبعد والأبرد، هكذا يتمّ «تبليع» المشهد للشعوب العربيّة المريضة بداء الصمت، المهمّ أنّ الصورة تمّ تركيبها، والهدوء مستتبّ في كل العواصم العربيّة والشعوب مشغولة بقضائها وقدرها والبحث عن لقمة عيشها و»يا ربّ السترة»، «ركبت الصورة» الديكور عربي، الصالون عربي، النقشّ الرسمي على خشب الحائط «عربي» و»الدشداشة» عربيّة والعمامة «عربيّة» سيبقى نتانياهو جالساً والمسؤول العربي سيتغيّر في الصورة!

لم يكذب نتانياهو عندما حدّث حكومته عن «الدلالات الكبيرة» لزيارته إلى سلطنة عُمان، «قطعيّاً» لست من محبّي «القوميّة العربيّة» و»العروبة» بمعناهما السياسي، ولست من معجبي نظريّة البحث عن «أبطال» من ورق لتلعب دور قيادة للعالم العربي، وأساساً أرى التظاهر في العالم العربي تضييع لوقت هذه الشعوب وخداع لها لأنّ «التظاهر» وسيلة لـ «تنفيس» غضب هذه الشعوب و»إيهامها» أنّها ستغيّر في الواقع المفروض عليها شيئاً ما، ظلّت الشعوب العربيّة تتظاهر على مدى عقدين من الزمن في الخمسينات والستينات، وتمّ خداعها بإيهامها أنّها تتظاهر ضد العدو الإسرائيلي وضد الإستعمار والصهيونية والرأسماليّة والإمبرياليّة والرجعيّة، وتمّ اقتياد هذه الشعوب كالنّعاج من هزيمة إلى هزيمة حتى فقدنا الكثير من الأراضي ونحن نتظاهر ليس إلا!

 

سيأتي نتانياهو إلى الدول العربيّة بالمفرّق كالعادة، تجميع القوى والتوحّد في جسد واحد حالة لا تناسب العرب، فكلّ واحد منهم «شيخ القبيلة»، والقبائل لا تجيد التوحّد بل تتقن فنّ التناحر، «ويا مرحبابا بالعدوّ» في عقر بلادنا، وللمناسبة، الكلام لن يغيّر شيئاً في هذا الواقع، فإذا كنّا نعاج على مدى عقود في القرن الماضي، لقد أصبحنا «دجاج» ليس أكثر!

 

جارحٌ كان المشهد من مسقط، ومؤسف ومؤلم، ولكن ماذا بإمكان أي مواطن عربي لم يعجبه هذا المشهد؟ لا شيء! لم يعد يملك أحدنا أكثر من الحوقلة والحسبلة، وكفى الله العرب من شرّ قد اقترب.