IMLebanon

الحياد في القانون الدولي العام وإمكانية اعتماده حلاً دائماً

القاضي أنطوان الناشف

 

مشاكل الحدود مع سوريا وإسرائيل

 

 

 

 

1 – يعد الحياد موقفاً دبلوماسياً واستراتيجياً يتخذه عدد من الدول عبر العالم، تكفله القوانين الدولية والتوازنات الإقليمية، ويختلف إلى أنواع بحسب كل تجربة.

 

2 – حسب ميثاق الأمم المتحدة، يعرف الحياد بأنه “الوضع القانوني الناجم عن امتناع دولة عن المشاركة في حرب مع دول أخرى، والحفاظ على موقف الحياد تجاه المتحاربين، واعتراف المتحاربين بهذا الامتناع وعدم التحيز

 

3 – تكفل معاهدة لاهاي 1907 الحق في الحياد، كما تحدد مفهومه بشكل عملي من خلال تحديدها حقوق وواجبات الدول المحايدة. وتمنع المعاهدة في مادتها الأولى “انتهاك حرمة أراضي القوى المحايدة”، وفي المادتين الثانية والثالثة تحرّم على الأطراف المتحاربة “عبور أرض دولة محايدة بقواتها أو قوافلها المحملة بالذخيرة أو الإمدادات الحربية” أو “إنشاء محطة لاسلكية أو أي جهاز آخر للاتصال مع قوات متحاربة برية أو بحرية

 

4 – بالمقابل، تسقط المعاهدة وصف الحياد على الدول التي تتبناه، حسب مادتها 17، إذا ما أتت هذه الدول أحد الأفعال الآتية: “ارتكاب أعمال عدائية ضد أحد الأطراف المتحاربة” أو “القيام بأعمال لصالح أحد الأطراف المتحاربة”. فيما “لا يعد عملاً عدائياً كل ما تفعله الدولة المحايدة لصد محاولات النيل من حيادها، حتى ولو كان ذلك بالقوة” حسب المادة 10 من ذات المعاهدة.

 

5 – في سنة 2017، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بدون تصويت قرار قدمته تركمانستان بجعل يوم 12 كانون الأول يوماً دولياً للحياد.

 

6 – تتبنى ثماني دول في العالم موقف الحياد، وهي: السويد، سويسرا، النمسا، فنلندا، إيرلندا، كوستاريكا، ولختنشتاين وتركمنستان فيما يختلف شكل الحياد في كل تجربة منها

 

7 – أشهر انواع الحياد هو الحياد المسلح، وهو الذي تتبناه كل من السويد وسويسرا، أي أن تلتزم الدولة بعدم الدخول إلى جانب أي طرف من أي نزاع مسلح، لكن هذا لا يمنعها من تطوير قدراتها العسكرية، وإنتاج الأسلحة وتصديرها، أو التعاون مع تكتلات عسكرية لتعزيز دفاعاتها الوطنية.

 

في الحالة السويسرية، تتعاون البلاد مع حلف شمال الأطلسي منذ سنوات طويلة، مع أنها ليست عضواً فيه، ومع ذلك تبحث عن تعاون عسكري من أجل الحصول على القوة اللازمة لإدارة علاقاتها الدولية، ولتكون قادرة على العمل إلى جانب دول الجوار.

أيضاً في الحالة السويدية تعد السويد من أقدم الدول المحايدة، وقد ظلت ثابتة على موقفها منذ 1812 وكان آخر نزاع مسلح خاضته مشاركتها في الحروب النابوليونية.

 

لكن ومنذ احتلال روسيا شبه جزيرة القرم سنة 2014، عمدت السويد إلى زيادة نفقاتها العسكرية، وتعزيز شراكاتها وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع حلف الناتو علماً انها ملتزمة بمبدأ الحياد.

 

8 – في حالة التجربة النمسوية، أتى الحياد بعد هزيمة البلاد في حربين عالميتين وخسارتها أراضيَ عديدة، وكان ذلك الخيار نوعاً من رفض فيينا اقتسامها بين المعسكرين الغربي والشرقي، على غرار جارتها ألمانيا. ومذاك سعت للنأي بنفسها عن الانضمام إلى التكتلات العسكرية الدولية، غير أنها انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في سنة 1995، وبالتالي تشملها اتفاقياته الدفاعية.

 

9 – تجربة كوستاريكا التي تبنت الحياد سنة 1949 مختلفة عن سواها، فقد ألغت جيشها بشكل كامل، وحافظت فقط على قوات أمن داخلي. وحذت جارتها بنما نفس السياق سنة 1989، وبالتالي أصبحت الحدود بين كوستاريكا وبنما هي الحدود الوحيدة غير العسكرية في العالم بعد أن حذت بنما حذو كوستاريكا وألغت جيشها في عام 1989.

 

 

 

10 – في لبنان هناك جدل دائم بشأن الحياد فالبعض يعتبره مدخلاً لإنقاذ البلد من الحروب المتتالية والبعض يعتبره خيانة مشهودة بسبب حالة العداء مع اسرائيل. المهم أن الجميع مدرك أن ليس هناك استقرار منذ سنوات طويلة على الحدود مع سوريا ومع اسرائيل. الحدود مع سوريا مجال للتهريب والسرقات والنزوح غير المنظم والاشتباكات مؤخراً والحدود مع اسرائيل في حالة توتر دائم بسبب وحالة الحرب علماً أننا في حالة هدنة مطبقة بعض الأحيان وغير مطبقة في أحيان أخرى. هناك قوات دولية على حدودنا مع اسرائيل وبالتالي يجب عند التمديد لهذه القوات أن يكون هناك طلب رسمي بأن تنتشر هذه القوات على الحدود السورية ايضاً لمراقبة التهريب والنزوح غير المشروع والسرقات وسواها في حال لم تتوصل المفاوضات مع سوريا إلى حلول بشأن هذه الامور.

 

 

 

ويبقى أن التزام الدولة اللبنانية الحياد المسلح وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الصادرة بشأن الحدود هو الحل المطلوب علماً أن هذا الحياد لا يتعارض مع انتساب لبنان إلى منظمات إقليمية (ومن بينها جامعة الدول العربية) كما هو وضع السويد والنمسا.