IMLebanon

عقد جديد

أخيراً عرفت الولايات المتحدة الاميركية القيمة الحقيقية الكبيرة للمملكة العربية السعودية، وربّـما كان لا بدّ من هذه الزيارة المهمّة التي يواصلها في أميركا ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، ذلك أنّ مروحة اللقاءات الكبيرة التي يجريها مع كبار المسؤولين، والتي تبلغ ذروتها بلقاء الرئيس باراك أوباما تشير الى الجدّية التي تنظر بها واشنطن الى صاحب الرؤية الاستراتيجية للعام 2030 التي وضعها الأمير محمد بن سلمان ولقيت ردود الفعل الايجابية العالمية على المستويات كافة: المستوى الداخلي في المملكة والمستوى الإقليمي والمستوى العالمي… وكان إجماع على اعتبارها نهجاً رؤيوياً عصرياً للحكم من شأنه أن يعزز دور المملكة الاستراتيجي وحضورها العام، ويعطي لقرارها فاعلية أكبر… علماً أنّ دور المملكة كان دائماً موضع اهتمام كبير.

فقد التقى ولي ولي العهد المسؤولين الكبار في الإدارة الاميركية إن على مستوى الخارجية أم الدفاع أم المالية، إضافة الى عدد كبير من قادة وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي مثل رئيس مجلس النواب بول رايان وزعيمة الأقلية الديموقراطية نانسي بيلوسي، الى أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ… ولوحظ أنّ بعض تلك الاجتماعات كان مغلقاً.

والمعلومات التي سُرّبت أشارت إلى أنّ المحادثات ركّزت بصورة خاصة على الأزمة السورية وسبل مكافحة الإرهاب، إضافة الى الوضع الدقيق في اليمن والأحداث المأساوية المستمرة في ليبيا، وطبعاً السياسة الايرانية وأنشطتها الهادفة الى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط… وثمة ملف كبير الأهمية تناولته مباحثات ولي ولي العهد مع كبار المسؤولين الاميركيين وهو ما يُعرف بـ«الصفحات الــ28 » التي كانت لجنة التحقيق في هجمات « 11 أيلول» قد حجبتها وفيها حسمٌ بأنّ لا إدانة للمملكة، وهذه النقطة كان مدير الـ»سي اي آيه» جون برينان قد أكدها بدوره عشيّة الزيارة، علماً أنّ لقاء جمعه والأمير محمد بن سلمان الذي التقى في وقت سابق أيضاً مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلاير.

وقد يكون ضرورياً التذكير بما قاله أمس الناطق باسم الخارجية الاميركية جون كيري وجاء فيه: «إنّ المملكة العربية السعودية هي عضو مؤسّس في التحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش، ولولا الدور السعودي لما وُجدت المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم نحو 20 دولة وتسعى لإيجاد حل سياسي للنزاع السوري(…) والمملكة كانت تعمل منذ البداية مع الولايات المتحدة وروسيا وتركيا للدفع بهذه العملية الى الأمام، والسعوديون يشاطروننا بواعث القلق بشأن محاولة التوصّل الى عملية إنتقالية وتشكيل حكومة في سوريا لا يرأسها بشار الاسد(…) بصراحة تامة كان السعوديون رواداً في مساعدتنا للوصول الى هذه النتيجة ونحن لدينا طريق طويل لنقطعه».

وليس المهم أن يأتي هذا الإعتراف الاميركي متأخراً، المهم أنه جاء، وهو مرتبط مباشرة بمفاعيل هذه الزيارة التاريخية التي هي بمثابة عقد جديد بين الإدارة الجديدة في السعودية وواشنطن… فقد بات في المملكة جيل من الشباب يعطي ارتياحاً في العالم كله وبالذات في واشنطن التي هي، بالفعل، المحرّك الأوّل والأساسي للحراك العالمي، وهذا الجيل الجديد يجيد مخاطبة العقل الاميركي والعالمي بالطبع.

يحدث هذا في وقت تتجه المملكة الى الدخول الى الصناعة العسكرية… وهذا سيكون له تأثير كبير على الصعيدين المالي والاستراتيجي، والمعلومات المتوافرة على هذا الصعيد تشير الى أنّ سنوات قليلة وتكون هذه الصناعة العسكرية السعودية قد بدأت تقدّم إنتاجها الى السوق المحلي أولاً…

إنّه فجر سعودي – عربي – إسلامي جديد يحمل بشائر الخير للمملكة وللأمة أيضاً.

عوني الكعكي