IMLebanon

السيناريوات المستحيلة  

 

 

جمَعَ لقاءٌ عُقد في منزل شخصية سياسية لبنانية مخضرمة، متقاعدة حالياً، في باريس، بضع شخصيات بينها مسؤولان في خارجيتي بلدين معنيين بالتطورات المستجدّة في لبنان. جرى التداول في أربعة سيناريوات تتناول المسألة الحكومية في لبنان لم تلبث أن أُسقطت الواحد تلو الآخر.

 

السيناريو الأول: العودة إلى نسخة مُنقّحة ومُصغّرة عن حكومة تصريف الأعمال تكون برئاسة عسكري يوافق عليه الرئيس سعد الحريري وربما يسمّيه، على ألا يتجاوز عدد أعضائها الستة عشر. لم يدم هذا السيناريو طويلاً، واستعاد اللبناني المُضيف تجربة حكومة الرئيس نور الدين الرفاعي في عهد الرئيس سليمان فرنجية التي لم تُعمِّر أكثر من الوقت الذي إستغرقه جفاف حبر مرسوم تشكيلها.

 

السيناريو الثاني: حكومة عسكرية برئيسها وكامل أعضائها. وعندما سُئل اللبناني عن مدى فرص نجاح تجربة من هذا النوع، أعطى مثالاً الحكومة التي أصدر الرئيس أمين الجميل مراسيمها في الربع الساعة الأخير من عهده. وكانت كما هو معروف سُداسيّة برئاسة الجنرال ميشال عون قائد الجيش آنذاك، فلم يلبَث أن استقال منها وزراؤها الضباط الثلاثة المسلمون. واستمرّت عرجاء في قصر بعبدا ليتمّ إحياء حكومة مواجهة برئاسة الرئيس الدكتور سليم الحص في السراي مع نزاعٍ طويل أبرز معالمه حول دستورية وشرعية كلّ منهما.

 

السيناريو الثالث: إنقلاب عسكري وقد ادعى أحد أطراف الإجتماع بقدرة بلده على إقناع دول العالم الغربي والدول العربية «الفاعلة» بالموافقة على مدّ حكومة هذا الإنقلاب بمقوّمات الصمود، من خلال دعم مادي كبير تتولى تأمينه دول عربية وتُسهِم فيه الدولتان المشار إليهما في مطلع هذا الكلام. فذكّر اللبناني ضيوفه بقائد الجيش اللواء فؤاد شهاب عام 1958 عندما ردَّ على الضباط الذين فاتحوه بهكذا «حلّ» وكان لبنان في دوّامة «الثورة»، إذ انتفض شهاب في وجوههم بعبارة رنّانة: «هل أنتم مجانين؟ إنقلاب وفي لبنان؟»… ولن يكون موقف العماد جوزاف عون بمختلفٍ عن موقف مؤسس الجيش.

 

السيناريو الرابع: حكومة أقطاب مُصغّرة مثل التي عرفها لبنان غير مرّة في الأزمات تحت شعار «حكومات الإنقاذ» وكانت رُباعيّة، وأقطابها المرحومون: رشيد كرامي والحاج حسين العويني (السنيّان) عن الطيف المسلم، وبيار الجميل وريمون إده (المارونيّان) عن الطيف المسيحي، على أن يكون أحد أعضائها من الحراك المدني. فقال اللبناني: إسمحوا لي، رغم ادّعاءاتكم بأنكم تعرفون لبنان، يفوتكم الكثير. وعلى افتراض قيام حكومة رباعية (سني شيعي ماروني أرثوذوكسي) فمن هو القطب الذي سيمثّل المسيحيين فيها؟ ومن يقبل بالتنحّي للآخر بين الأقطاب الموارنة؟

 

وسأله أحدهم: وماذا تقترح بعد أن أبديتَ ملاحظات سلبية على تلك السيناريوات كلّها؟ أجاب: شكّلوها «كيفما كان» ولتعلِن هذه الحكومة حال طوارئ فيتسلم الجيش مقاليد الأمور فعلياً وتُترك التفاصيل إلى المدنيين. إستبعد الضيوف الفكرة من دون أن يستبعدوا حالة الطوارئ «المُخفَّفة» والمحصورة بالجانب الأمني تُقرّرها حكومة مدنيّة.