IMLebanon

جرعات التفاؤل مُفتعلة… ولا تلغي العِقَد المقبلة

 

 

في خضم المعلومات المتسارعة حول اقتراب الحلول وبدء العد العكسي لولادة الحكومة الجديدة، تستبعد مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن يشهد الملف الحكومي أي تحرك أو تطوّر بارز ما دام اللقاء ال14 بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، لم يتحدّد موعده بعد، وذلك في دلالة واضحة على أن جرعات التفاؤل، والتي أتت في الدرجة الأولى من رئيس الجمهورية خلال استقباله وفد الكونغرس الأميركي، وإعلانه عن اقتراب الحل الحكومي. وتؤكد المصادر، أن استمرار انقطاع التواصل ما بين الرئيس عون وميقاتي، لا يُنذر بأي مستجدات تحمل على التوقعات الإيجابية، وخصوصاً أن مثل هذه الأجواء قد تكرّرت في أكثر من محطة في الأسابيع الماضية حيث كان كل أسبوع يحمل معه سيناريو الاتفاق بين طرفي التشكيل، ثم ينتهي مع سقوط لكل الآمال لتعود الأمور مجدداً إلى نقطة البداية.

 

مع العلم أن الرئيس المكلّف قد كشف عن هذه المعادلة التي تحصل بشكل متكرر، غداة اللقاء الثالث عشر الأخير، حيث لفت إلى أن المباحثات الحكومية لا تتقدم بل على العكس تعود دائماً إلى نقطة البداية من حيث التعقيدات التي تسجّل في كل مرة، وبالتالي، فإن الحديث عن أسبوع مفصلي وساعات حاسمة ليس في محله، بحسب المصادر، إذ ان احتمال استعادة البحث من حيث توقّف في الاجتماع الأخير بين فريقي التأليف، يبقى وارداً، على الرغم من أن البحث الآن يتركّز فقط حول الأسماء، بعدما اقتضى الاتفاق على التوزيع الطائفي والسياسي ثلاثة عشر اجتماعاً، والعديد من الاتصالات والتحركات من أكثر من فريق معني بعملية التأليف.

 

وعلى الرغم من أن الرئيس المكلّف لا يبدي، وما زال حتى اليوم، أي توجّه نحو الاعتذار عن المهمة التي أقرّ بأنه يدرك حجم أثقالها، فإن ما سُجّل في مسار التأليف، قد زاد من حجم التحدّيات أمامه برأي المصادر، كما أنه رفع منسوب الضغوط التي يتعرّض لها في مهمته الشائكة هذه، حيث ان قرار الاستمرار في عملية التأليف، على الرغم من كل الصعوبات التي تعترضه، ليس قراراً سهلاً، إذ ان المفاوضات الطويلة ما زالت مستمرة، ولن يتمكن من الحديث عن تقدّم أو حسم إلا قبل ساعات معدودة على إسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية من خلال لقاء مباشر مع رئيس الجمهورية.

 

وثمة سؤال يُطرح بقوة اليوم، كما تضيف المصادر نفسها، ويتمحور حول ما سيحمله اليوم التالي، وتحديداً نهاية الأسبوع الجاري، حيث من المرجّح أن يبقى الواقع الحكومي على حاله، بانتظار الإعلان الصريح عن تذليل كل العقد، وليس فقط الترويج لمناخات متفائلة بقرب ولادة الحكومة. وتعتبر المصادر ذاتها، أنه لم يعد جائزاً البقاء في هذه الدائرة المفرغة، حيث يستمرّ خلاف الصلاحيات، ويدفع الجميع الثمن، ومن دون أي تقدّم، أو الالتقاء عند نقطة وسطية، وبالتالي، التراجع عن الشروط التي ما زالت قائمة، والتي تؤخّر الانطلاق في مشوار وقف السقوط المدوّي والانفجار الاجتماعي الكبير..

 

 

 

طرح الدائرة الواحدة يُوحّد بندقية «القوات» و<التيار» لمواجهته مخاوف مسيحية من العددية وعودة المحادل… وسعي للمقايضة بملفات حساسة – ابتسام شديد

 

لم تتضح الأسباب والخلفيات التي دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري لفتح ملف تعديل قانون الانتخابات من خارج سياق الأحداث السياسية ووسط الانشغالات بالأزمات مع الوقت الفاصل للانتخابات المقررة في شهر أيار ٢٠٢٢.

 

فليس عاديا كما تقول مصادر سياسية، ان يناقش قانون الانتخابات في مرحلة فائقة الدقة والحساسية وزمن انهيار لبنان وعلى أبواب انفجار اجتماعي وشيك، الا إذا كان الموضوع في سياق ما يحدث من تجاذبات بين القوى السياسية، وفي اطار ما يحكى من تبادل رسائل جار بين عين التينة وبعبدا.

 

قانون الدائرة الانتخابية الواحدة يحتاج الى دراسة وتوفر ظروف معينة، ومن وجهة نظر المقربين من عين التينة، فان الطرح يعزز الغاء الطائفية ويقوم على معايير  وطنية، وطرحه ليس جديدا، اذ سبق لرئيس المجلس ان كلف نواب «التنمية والتحرير» بجولات استطلاعية على الأطراف السياسية لاستمزاج الأراء حوله.

 

موقف عين التينة أثار ريبة قوى مسيحية  اعتبرت ان الطرح يحتاج الى تعديلات تواكبه بالولوج الى الدولة المدنية واجراء انتخابات مجلس شيوخ، والا سيكون القانون عودة الى زمن المحادل السياسية و»البوسطات» الانتخابية.

 

وتتحدث مصادر نيابية عن هواجس حقيقية للفريق المسيحي، فقانون الدائرة الانتخابية يطيح بالصوت المسيحي ولا يصب في مصلحة الأقليات، لأنه يؤدي الى طغيان العددية على ما عداها من معايير، حيث لن يتمكن  المسيحيين من إيصال ٣٨ نائبا ينتخبهم المسلمون مثلا.

 

التسويق لقانون انتخابي بهذا الحجم يطرح تساؤلات، وفيما يؤكد المطلعون على موقف الثنائي الشيعي الذي يتحمس لطرح الدائرة الواحدة، يتحدث المعارضون للقانون عن بازار سياسي، وان هناك طرفا يريد مقايضة القانون بملفات حامية.

 

المفارقة الكبرى ان «القوات» و»التيار» يتصدران معا مشهد معارضة الطرح، وعلى الرغم من خصومتهما العميقة التي وصلت الى درجة مطالبة رئيس حزب القوات سمير جعجع باقالة رئيس الجمهورية، فان مصيبة القانون توحّد الطرفان، وتجمع «التيار» و «القوات» خوفا من عودة المحادل الانتخابية وبعد ان استطاع الاثنان ايصال النواب المسيحيين بالأصوات المسيحية الصرف مع تحالفات صديقة، فالقانون لا يلائم «القوات» التي سجلت «سكور» مسيحي كبير في انتخابات ٢٠١٨ وارتفع عدد نوابها الى ١٥ نائبا، وتصدر التيار الكتلة الأكبر في مجلس النواب، بالمقابل تتطلع «الكتائب» الى الدائرة الفردية، ولدى الحزب التقدمي الاشتراكي التحفظات العددية نفسها التي يخشى منها الفريق المسيحي من الذوبان في بحر الأعداد والأرقام.

 

يثير القانون مخاوف الأحزاب المسيحية التي حققت نتائج في قانون النسبية والصوت التفضيلي الا ان هذه الأحزاب تراهن على ان لايبصر القانون النور اذا نزعت عنه الميثاقية المسيحية وقاطعه المسيحيون.