حين يشهد بلد معين تغييرًا أو تحولًا ما، يكثر الحديث عن أن فرصةً أعطيت لهذا البلد، لينتقل من الحال البائسة التي هو فيها، إلى حالٍ فضلى.
ينطبق هذا الواقع على لبنان، بمقدار ما ينطبق على دول أخرى، القريبة منها والبعيدة، وسوريا أسطع مثال.
اندلعت حرب في السابع من تشرين الأول 2023، بين إسرائيل وحركة «حماس»، دخل «حزب الله» هذه الحرب، في اليوم التالي، أي في الثامن من تشرين الأول. دامت هذه الحرب، في شقها اللبناني، قرابة الأربعة عشر شهرًا، من أوائل تشرين الأول 2023 إلى أواخر تشرين الثاني 2024، خرج منها «حزب الله» بخسائر فادحة بشريًا وتسليحيًا، وفي مقدِّم هذه الخسائر اغتيال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي كان رجلًا استثنائيًا ليس على مستوى لبنان فقط بل على مستوى إيران، حتى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أقرَّ بهذه الأهمية حين قال أخيرًا إن اغتيال نصرالله سهَّل ضرب إيران.
هذه التحولات الجذرية، أين موقع لبنان منها؟
قراءات متعددة خلُصت إلى أن لبنان خرج من هذه الحرب بما يمكن تسميته «فرصة»، ويُدرِج بعض العناوين تحت هذا المسمَّى:
انتخاب رئيس للجمهورية هو العماد جوزاف عون، الذي أتى من قيادة الجيش حاملًا Baguage من السِمعة والصدقية والحزم، وإلقاؤه خطاب قسمٍ نال استحسان اللبنانيين وارتياح العواصم، ولا سيما منها عواصم القرار، المعنية بالشأن اللبناني.
تسمية الرئيس نواف سلام لرئاسة الحكومة، من خارج نادي رؤساء الحكومات، والآتي من عالم الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.
تشكيل حكومةٍ من وجوه واعدة.
فعلًا شعر اللبنانيون بأن هناك فرصة سنحت للبنان، انطلاقاً من تبدلات وتحولات لم يكن أحدٌ يتوقَّع حصولها، وضعوا خطاب القسم والبيان الوزاري أمامهم، واستبشروا خيرًا ببدء التنفيذ. ازدادات التحولات ومنها سقوط النظام في سوريا، هذا النظام الذي استبد بلبنان لنحو نصف قرن.
أعطى اللبنانيون، لأنفسهم وللسلطة التنفيذية المهلة المتعارف عليها وهي مئة يوم، انقضت هذه المدة، فبدأ اللبنانيون يطالبون بما اصطلح على تسميته «جردة»، فوضِع عنوان جديد للمعادلة وهو «الجردة للفرصة»:
لم يلمس اللبنانيون الشيء الكثير من «جردة الفرصة»:
سلاح «حزب الله» ما زال ورقة بيده، بدليل ما أعلِن أخيرًا أن الدولة تلقت وعدًا من «الحزب» بأنه لن يدخل الحرب، فلو لم يكن يمتلك السلاح، الثقيل، كيف كان سيعلِن ما أعلنه؟
يجدر التنويه هنا بأن الرئيس عون كان حدد مهلة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، تنتهي نهاية سنة 2025، يعني أن هناك ستة أشهر وأسبوعين لانتهاء هذه المدة، ولا لزوم لاستباق المهل.
السلاح الفلسطيني تعثَّر بدء جمعه، وحتى وضع جدول لهذه الغاية.
ملفات الفساد تُثقِل الإدارات، وهناك انطباع عام بأن الفاسدين ما زالوا يحظون بغطاءات وحمايات مَن كانوا يغطونهم ويحمونهم قبل هذا العهد، وما زالوا.
يقرأ اللبناني في هذه العناوين، ويسأل: هل ضاعت الفرصة؟ أم جرى التمديد لها مئة يومٍ إضافية؟