IMLebanon

نهاد المشنوق «اغتيال معنوي»  

كنتُ لأكتبَ اليوم عن الذين فكّوا «ما يُسمّى» بإضرابهم عن الطعام، وفك اعتصامهم أمام وزارة، وعن المواقف «المرفوضة» للذين يصرّون على وصف حرص القوى الأمنية على القيام بأداء واجبهم وحماية مؤسسات الدولة بـ»بردّ فعل عنيف»، لولا أن طارئاً استجدّ يؤكّد ما سبق وذهبتُ إليه عن «استهداف نهاد المشنوق»، والذي تمّ استكمال أحد فصوله بالأمس بتداول صورة شيك مصرفي تم صرفه من بنك المدينة ثمناً لمنزله الذي باعه في ضهور الشوير، الأمر الذي اضطر وزير الداخليّة للردّ وعبر صفحته الرسمية على موقع «Face Book»، لم يستطع متظاهرو «الحراك العبثي الغوغائي» أن يرفعوا صوتهم مطالبين بإسقاط المشنوق، ولا التظاهر أمام وزارة الداخلية باعتبار أنّ الذين أوسعوهم ضرباً، هم جماعة مناصري الرئيس نبيه بري!!

وهنا لا بُدّ لنا من إعادة قراءة تسلسل الأحداث ليتابع معنا القارئ حجم الاستهداف الذي يتعرّض له وزير الداخليّة نهاد المشنوق، منذ تشكّلت حكومة الرئيس تمام سلام في 15 شباط 2014، فإذا به يتحمّل بالنيابة عن الرئيس سعد الحريري ثمن مزاج الشارع الممتعض من «ربط النزاع»، تجاوز الرّجل وأعلن أنه «وزير داخليّة كلّ لبنان»، بدأ الهجوم الأول عليه مع اعتصام مركز تعبئة الغاز الذي سعت بعض قوى الأمن الميليشياوي خوفاً من استهدافه بتفجير مفخّخ، وفي مواجهة مواطن غاضب تصرف الوزير بتواضع ـ مفترضاً أن هذا المواطن لا يعرف من هو ـ و»يا كلمة اللي قالها» هل تعرف مع من تتحدث؟ هكذا شنّت عليه أولى الحروب عليه، والمشنوق اصطدم في أول أيامه في الحكومة بتفجير السفارة الإيرانيّة، يومها انزعج كثيرون من مشهد وقوف المشنوق في موقع التفجيريْن الإرهابيين اللذين طالا السفارة الإيرانية وإلى جانبه مساعد رئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، ومساعد أمين عام حزب الله الحاج وفيق صفا، فهل يفترض بمعاليه البقاء في مكتبه ليتجنّب هذا المشهد؟!

جاءت بعدها حكاية «صورة» الحاج وفيق صفا في الاجتماع الأمني في سراي الداخليّة، وهذه الاجتماعات لطالما عقدت قبل ذلك وبحضور اللواء أشرف ريفي قائد قوى الأمن الداخلي يومها، والعميد وسام الحسن قائد شعبة المعلومات ولطالما حضرها الحاج وفيق صفا، والصورة كانت يومها أكثر من ضرورية لطمأنة اللبنانيين الذين يجتاح الإرهابيون شوارعهم بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، فهاج وماج البعض من تيار «المستقبل»، واستغلوا اللحظة أسوأ استغلال وفعلوا أكثر مما قد يفعله من يريد التشكيك بدور وزير الداخليّة!! دفع المشنوق ثمن الصورة، ولم يعبء بـ»الشعبويين» الذين لا عمل لهم سوى تشويه صورة الآخر والتحريض عليه، فالرجل نعرفه مترفعاً جداً عن سفاسف السياسة وأذنابها.

اتخذ من سجن رومية منبر لاستهداف المشنوق وإطلاق نار «المساجين الإسلاميين» مع أنهم لم يسجنوا في عهده، فهذه كارثة ورثها وبذل فيها أقصى جهوده، قصد العالم العربي ليمدّ يد المساعدة للبنان فاعتذروا بأنهم لا يحبّون أن توضع أسماؤهم على مباني السجون، ومع هذا نجح الرجل في القضاء على «الإمارة الإرهابيّة» المقامة في سجن رومية وبرعاية ضباط وعناصر خالفوا ضمائرهم مقابل حفنة دولارات، فحولوا على مجلس التأديب وتم معاقبة البعض وتسريح الآخر!!

وعندما بدأت أزمة النفايات وخرجت تظاهرات ذاك السبت وواجهتها القوى الأمنية بحدّ من العنف، لم يسلم نهاد المشنوق حتى من صديقه وليد جنبلاط الذي سعى للاستثمار سياسياً ـ في انتظار استثماره المالي وحصته من النفايات ـ فغرّد بـ»تحميل وزير الداخلية مسؤولية أحداث أمس مُطالباً إياه بالاستقالة»، فيما نشر ـ وفي محاولة اغتيال معنويّة ـ ڤيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للمشنوق في عطلة «يستحقّها» من يمسك بين يديه «كرة نار» كلبنان وشعبه!!

بالأمس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي محاولة اغتيال معنوية ثانية، في الأولى فشل الاغتيال، لم يكن هناك ما يسيء للمشنوق في الفيديو، لذا تكررت المحاولة، والناس «ذمتّها» واسعة فقدّموا لهم صور شيك تجاوز المليار ليرة لتلطيخ صورة المشنوق بحقبة الوصاية السورية التي دفع نهاد المشنوق ثمناً باهظاً خلالها هو المنفى..

بالمناسبة، أتوجّه لمعاليه، ألم يحن بعد موعد كشف هوية هؤلاء ومن وراءهم؟!