IMLebanon

نهاد المشنوق.. كلمة حقّ

سأكشف اليوم للقارىء وبشفافية شديدة إجابة وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي عن سؤال طرحته عليه خلال زيارة تكرّم مشكوراً باستقبالي فيها في مكتبه في منزله في الأشرفية لبّى فيها طلب صديقٍ لي يعمل مهندس بترول في واحدة من دول الخليج العربي، وهو من أشدّ المعجبين ـ مثلي ـ باللواء ريفي، كانت الحملة على أشدها على وزير الداخليّة نهاد المشنوق بعد اجتماع أمني خرجت صورته إلى العلن وحضره وفيق صفا المكلّف من حزب الله بعد 7 أيار العار بتمثيله في اجتماعات وزارة الداخليّة، سألته يومها: «هل ارتكب نهاد المشنوق خطيئة بحضور وفيق صفا هذا الإجتماع، أجابني اللواء الشريف أشرف، هذه اجتماعات دوريّة تعقد في وزارة الداخليّة وكنت أحضرها عندما كنتُ على رأس مديرية قوى الأمن الداخلي، واللواء الشهيد وسام الحسن وكلّها اجتماعات حضرها وفيق صفا، الخطأ كان في خروج صورة صفا في الإجتماع، لم يتقبّلها الناس»…

هذه الصورة ـ برأيي ـ كانت ضرورية يومها، فقد وصل نهاد المشنوق إلى وزارة الداخليّة ليتلقّف بين يديه «كرة النار» اللبنانيّة، مع انفجاريين إنتحاريين استهدفا السفارة الإيرانيّة، وكرّت سلسلة التفجيرات الإرهابيّة، وكان الشحن المذهبي على أشدّه وغضب الضاحية منصبٌّ على بيروت وعلى الطائفة السُنيّة، من دون شكّ تحمّل كتفا نهاد المشنوق العريضيْن وصدره الواسع الكثير من الحملات التي شُنّت عليه، من داخل التيار المستقبلي ومن خارجه، حتى بلغ الأمر حدّ المهزلة!!

يوم الثلاثاء الماضي حملت مقالتي في هذا الهامش عنوان «نهاد المشنوق كبش محرقة زلزال طرابلس»، بالطبع لم أكن أتوقع الانفجار الذي ستحدثه صراحة وصدق وزير الداخليّة في إطلالته يوم الخميس الماضي عبر برنامج كلام الناس، وللمفارقة أنّه لا يوجد سياسي واحد ولا إعلامي ولا صحافي أو محلّل سياسي إلا وهو يعرف ويقول ما قاله نهاد المشنوق عن تنازلات المستقبل، منذ الإعلان عن المصالحة السعودية السورية المصرية القطرية في مقر الملك عبدالله خلال قمة الكويت العام 2009، والتي كان يُعلّل بها على سبيل المثال لا الحصر زيارات الرئيس سعد الحريري الثلاث التي قام بها إلى سوريا والتقى خلالها رئيس النظام السوري وسحب فيها كل الاتهامات التي وجهها الشعب اللبناني لبشار الأسد ونظامه باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتصنيفها اتهامات سياسيّة، بصفته رئيس حكومة لبنان، ويغلّب المصلحة الوطنية ويقدّم تضحية كبرى… وهذا تماماً ما فعله نهاد المشنوق يوم أصبح وزير داخليّة كلّ لبنان…

لا أريد هنا أن أساجل نواب المستقبل الذين يتحدّثون بعجرفة فائقة عن كلام نهاد المشنوق، وهنا أحيل القارئ، والسفير السعودي علي عواض العسيري، على سنوات خمس من مئات المقالات الصحافيّة تحدّثت عن تخلّي السعودية عن لبنان بعد إفشال بشار الأسد مبادرة الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز بعدما تمّ التمهيد لها عبر زيارات الحريري ولحقت بها زيارات موفده الخاص ولده «عبد العزيز بن عبدالله» الذي صدر مرسوم ملكي بتعيينه نائباً لوزير الخارجية الراحل سعود الفيصل برتبة وزير في 22? تموز 2011، لم يطل الأمر بعد اصطحاب الراحل الملك عبدالله بشار الأسد إلى بيروت فيما اللبنانيّون يتجرّعون مرارة رؤية قاتل رئيس حكومتهم في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ولم يلبث الكاذب بشار الأسد أن انقلب على المملكة بإصداره في الرابع من تشرين الأول عام 2010  ثلاث وثلاثين مذكرة توقيف بحق قضاة ووزراء ونواب وأمنيين وصحافيين بتهمة ملفٍّ أسمته دمشق «شهود الزّور» مستفيدة من إعلان الرئيس الحريري الإبن أن اتهام النظام السوري باغتيال الحريري الأب كان اتهاماً سياسياً… وتبع كل ذلك مطلع العام 2011 عودة الوزير الراحل سعود الفيصل إلى الصورة في كانون الثاني 2011 ليعلن أن السعودية سحبت يدها من لبنان…

للمناسبة فقط، ولنواب المستقبل الذين زايدوا على خالد الضاهر حتى أخرجوه من المستقبل فانتزع منفرداً اثنتا عشرة بلدية في عكار، وزايدوا على اللواء أشرف ريفي حتى أسقطهم في انتخابات البلدية في عقر مناطقهم، وها هم يتعجرفون على نهاد المشنوق الذي كان أكبر ضحايا النظام السوري عام 1998 عندما فرض عليه وعلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن يتخلّى المشنوق عن عمله كمستشار إعلامي للرئيس الحريري، ومغادرة لبنان إلى منفاه ما بين باريس والقاهرة لمدة خمس سنوات، ليعود إلى وطنه عام 2003 ويلازم منزله حتى تاريخ استشهاد الرئيس رفيق الحريري..

وللمناسبة، نهاد المشنوق أحد مؤسسي اللقاء الإسلامي إلى جانب المفتي الشهيد حسن خالد عام 1983 وهو الهيئة المدنية الأهم في النصف الأول من الثمانينات التي سعت لإنهاء الحرب الأهلية ووضع حد للهيمنة السورية على السياسة اللبنانيّة…

أختم بثلاثة مواقف للوزير نهاد المشنوق «صقر بيروت» الأوّل في 23 كانون الثاني عام 2012 عندما ردّ على قاسم سليماني الذي أعلن عن تبعيّة العراق وجنوب لبنان واليمن قريباً لإيران، فخرج مطالباً نجيب ميقاتي رئيس حكومة القمصان السود بقطع العلاقات اللبنانية مع إيران، والثاني في 30 أيار العام 2013 عندما غرّد على تويتر: «نصرالله أعلن الحرب على السنّة العرب في كلّ مكان وسيخسر ومعه إيران»، والموقف الثالث في 14 نيسان العام 2015 عندما ردّ على مرشد إيران علي الخامنئي فتحدّث عن الزمن العربي الذي تغيّر واستعاد توازنه ما بين مصر والسعوديّة قائلاً: «نعيش زمناً عربياً جديداً تاجه مملكة سلمان بن عبدالعزيز ودرته مصر»…

الفراغ السياسي، والعجز السياسي، والفشل السياسي، يصنع المعجزات، وللمناسبة، الذين يتهمون نهاد المشنوق بطموحه أن يكون رئيس حكومة، نردّ على «عجز اتهاماتهم» بالقول: لم يعد لمنصب رئيس الحكومة أي قيمة منذ وضع حزب الله يده على الحكومة، وأسقط الرئيس سعد الحريري على باب البيت الأبيض، والمثال الحيّ أمام نهاد المشنوق حكومة الرئيس تمام سلام العاجزة والمشلولة والميتة وقد عفّنت وتحلّلت والرجل عاجز حتى عن الاستقالة ودفن الحكومة، فإكرام الميّت دفنه… أي مبرّر سطحي وسخيف، أليْس هذا الطموح هو نفسه الذي يتهمّون به اللواء أشرف ريفي؟!

ما أسهل التجني على نهاد المشنوق، والمسارعون لبل أيديهم وألسنتهم وأقلامهم به، فمصالحهم معروفة، ونفاقهم مكشوف!!