IMLebanon

لا مبادرات دولية رئاسية ما دام الامن ممسوكا

كما حضر وزير الخارجية الفرنسي الى بيروت سيغادر، فالمكتوب يقرأ من عنوانه الاقليمي، ولولا محاولات حفظ ماء الوجه الفرنسي لكان رئيس الدبلوماسية الفرنسية أرجأ زيارته للمرة الثانية، بعدما حولها الى جزء من الاهتمام الداخلي الفرنسي مع بدء التحضيرات للانتخابات الفرنسية ، عبر ربطها بملف الهجرة الى اوروبا وازمة النزوح السوري. فالتنبؤ بان زيارته لن تحدث خرقا رئاسيا لم يكن صعبا، اذ لا الجو الدولي – الاقليمي، ولا التوازنات الداخلية ، نجحت حتى الساعة في تظهير صورة الرئيس العتيد .

فالحركة الداخلية المستجدة التي شهدتها الساحة اللبنانية من سحور بيت الوسط الى عشاء طعمة والحج الى الحارة فمعايدة عين التينة ودار الفتوى، بقيت بلا بركة، رغم كل الكلام التفاؤلي الذي رافقها وتبعها وأوحى بقرب انجاز الاستحقاق وبأن الكفّة مالت لصالح خيار انتخاب العماد عون، بحسب مصادر متابعة، والتي رأت ان الاصرار على ربط الوضع الللبناني بالازمة السورية والتسويات المرتقبة، وعدم الاصغاء الى النصائح التي يحملها الموفدون والدبلوماسيون الدوليون، تؤكد ان لا نية صادقة لدى الاطراف اللبنانية المختلفة على اخراج البلد من الدوامة التي يدور فيها، ورغبة واضحة بابقاء البلد ساحة للنزاع السعودي – الايراني، لا يقبل الطرفان بالتنازل عنها الا مقابل موقع أو دور على الخريطة الاقليمية يفرده لها عرّابا الحلول أزمات المنطقة في واشنطن وموسكو، في التسويات التي ينسجانها لأزمات سوريا والعراق واليمن.

وعلى اهمية الابعاد والدلالات التي اكتسبتها زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيروت على مدى يومين ولقاءاته التي لم تستثنِ اي من القوى السياسية الكبرى على الساحة المحلية، فان اي جديد لم يسجل في محوري الرئاسة والامن اللذين شكلا عنوان الحركة الفرنسية في اتجاه لبنان منذ زيارة الرئيس فرنسوا هولاند في الربيع الماضي. واذا كانت التوقعات التي استبقت الزيارة تطابقت مع الوقائع في شكل كبير، من زاوية عدم وجود مبادرات فرنسية او مشروع حل للازمة الرئاسية، فان الساعات المقبلة كفيلة بكشف ما تضمنته الزيارة من طروحات فرنسية بنتيجة اللقاءات اللبنانية لاسيما مع حزب الله المعني مباشرة بتعطيل الاستحقاق.

ايرلوت الذي بدأ اتصالاته من قصر الصنوبر باجتماع مع فريق عمل فرنسي وبلقاءات سياسية لبنانية بقيت طي الكتمان بعيدا عن الاضواء، اوحى بصورة سوداوية عند الجهات التي التقاها مبينا أن لا مساع جدية لاتمام الاستحقاق غير المدرج حتى الساعة على أجندة أولويات الدول الكبرى المنشغلة حاليا بملفات أخرى من سوريا الى العراق واليمن فالحرب على الارهاب، ناهيك عن انهماكها بقضايا داخلية كالانتخابات الرئاسية المرتقبة في الولايات المتحدة، بحسب اوساط دبلوماسية متابعة، مؤكدة انه لن يكون هناك أي مسعى خارجي محوره الرئاسة في المدى المنظور، طالما ان  الاستقرار وضرورة الحفاظ عليه مؤمن بحده الادنى، لافتة الى ان الخارج يولي الاولوية المطلقة  للملف الامني، لافتة الى ان بقاء الوضع المحلي تحت السيطرة حيوي بالنسبة الى المجتمع الدولي الذي يخشى موجات نزوح جديدة الى أوروبا اذا انهار الاستقرار.

من هنا، كان الابرز في لقاءات ايرلوت تشديده على الاستمرار في دعم الجيش ،رغم تاكيده ان المكرمة السعودية انتهت الى غير رجعة، وان البحث جار عن وسائل اخرى لتمويل عملية دعم الجيش وتأمين المساعدات له، رغم العرقلة الداخلية وعدم اقرار التشريعات الضرورية على هذا الصعيد، اذ ان نجاح الجيش اللبناني في ضبط الساحة اللبنانية ورد الخطر الارهابي هو جزء من الحرب العالمية ضد الارهاب، لذلك فان الاستثمار في الامن اللبناني مكسب للغرب أيضا، مستبعدا، بحسب احد من التقاهم، امتداد نيران المنطقة الى لبنان طالما ان المظلة الدولية موجودة، ولو سجلت من وقت الى آخر خروقات أمنية.

في بيروت ضيفان الأول مقيم لفترة غير محددة وهو السفيرة الاميركية الجديدة اليزابيت ريتشارد التي وصلت حاملة ملف لبنان بكل تفاصيل اوضاعه ولا سيما مسألة الشغور الرئاسي الطويل، والثاني مؤقت هو وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الذي يحمل ملفا عاجلا يتعلق بكيفية انتخاب رئيس للجمهورية ضمن سلة حل سياسي كامل، ورسالة تحمّل طاولة الحوار مسؤولية الخروج بنتيجة ما كانت ضمن سلّة متكاملة أو بالمفرّق، حيث فهم ان هناك غطاء ما لطاولة الحوار في آب المقبل ستوفره باريس من خلال اتصالاتها.

باختصار انتهت المهمة الى الاستمرار في دعم الجيش. تأكيد الاهتمام بقضية النازحين السوريين، وأخيرا، لا جديد في الرئاسة.