IMLebanon

عقدة «الثنائي الماروني» وإن حلت.. فلن تحل باقي العقد؟!  

 

يفتش الرئيس المكلف سعد الحريري عن مخارج وحلول لتبصر حكومته النور في أقرب وقت ممكن.. وهو ماض في ذلك، أياً كانت الصعوبات والعراقيل، خصوصاً وأنه يمسك بالكثير من المعطيات التي تجعل مهمته في غاية الصعوبة..

 

يؤكد الرئيس الحريري أنه لن يستسلم للأمر الواقع، وهذا حقه، بل واجبه.. والجميع ينتظر ويترقب ما ستكون عليه التطورات الدولية والاقليمية، وتحديداً في الجوار القريب ليبنى على الشيء مقتضاه..

 

اختصر الجميع تقريباً، العقد التي تحول دون ولادة الحكومة العتيدة بالثنائية المارونية السياسية «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» تماماً وبالعقدة الدرزية المتمثلة بتمسك وليد جنبلاط بحصرية التمثيل الدرزي، ويذهب البعض الى وضع حصرية والتمثيل السني بـ»المستقبل» من دون سواه.. في لائحة الصعوبات؟!

 

يخوض «التيار الحر» و»القوات اللبنانية» صراعاً ليس جديداً، ولم يكن «تفاهم معراب» سوى وسيلة لمنع تحول هذا الصراع السياسي – الاعلامي الى صراع على الارض.. وهو حقق نجاحات مقبولة على هذا الخط، إلا أنه بلغ ان «التيار» ليس «القوات» وان «القوات» ليست «التيار» ولكل الفريقين خصوصياته وتطلعاته الاستراتيجية البعيدة المدى، والتي لم يكن الصراع على عدد الحقائب ونوعيتها سوى إحدى مظاهرها وقد تعددت الحلول والمخارج والوساطات لكن، وعلى ما يظهر، فإن «التيار» و»القوات» في عالم وسائر الافرقاء اللبنانيين في عالم آخر..

 

لم يكن دخول البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي على خط ضبط إيقاعات الخلاف المتنامي بين الفريقين من باب الصدفة.. وهو يدرك عمق الازمة التي كادت تطيح بـ»المصالحة التاريخية الاساسية التي تمت بين «القوات» و»التيار».. ولم يكن العماد ميشال عون قد وصل الى بعبدا بعد.. خصوصاً وأن البطريرك الراعي يدرك مخاطر تحويل أي اختلاف سياسي بين الفريقين الى خلاف ستكون له تداعيات خطيرة، على لبنان، وبالتالي الوجود المسيحي فيه..

 

لقد وضع البطريرك الراعي صيغة «مسودة» سلمها الى عرابي المصالحة بين «القوات» و»التيار» (ملحم الرياشي وابراهيم كنعان)، لتسلم نسخة منها لاحقاً الي رئيس الجمهورية.. وهي مسودة (رسالة) تؤكد «المصالحة التاريخية» بين الفريقين وتدعو الى وقف التخاطب الاعلامي الذي يشحن الأجواء ويشنجها.. ووضع آلية عمل وتواصل مشترك لتنظيم العلاقات السياسية بين الطرفين، شرط ألاَّ تكون «آنية ومرهونة ببعض الاستحقاقات..» لتخلص الى الدعوة «للاسراع في تشكيل الحكومة وفق المعايير الدستورية..

 

على مدى ثلاث ساعات، تخللتها مأدبة غداء، تبارى الرياشي وكنعان («عرابي» التفاهم) في تقديم مطالعيتهما.. وكل واحد منهما يرمي التهمة على الآخر.. ويغسل يديه مما جرى ومما يجرى فالجميع «براء من دم هذا الصدّيق». خصوصاً وأن الفريقين مضيا في مفارقة التشديد على «أهمية المصالحة» التي تمت «وما من عودة الى الوراء..».

 

قد يكون من المبكر القول بما يمكن ان يؤول اليه «لقاء الديمان».. وان كانت الغالبة تؤكد «ان رحمة الله على تفاهم معراب الذي صار من الماضي..» كما وان كان عديدون من المتابعين عن كثب لمجريات الامور، يؤكدون أنه لو يحصل البطريرك الراعي على ضمانات من رئيس الجمهورية، الذي يشعر بالحصار الدولي والاقليمي الذي يحيط به، لما كان غامر في هذه المهمة، التي لم تكن الاولى، ولن تكون الاخيرة..» وهو أي سيد الصرح البطريركي، ينتظر جواب الفريقين على «الرسالة التي حملها «الراعيان» الى قيادة «القوات» و»التيار» كما ورئيس الجمهورية، ليبنى على الشيء مقتضاه.. فالمسألة، ليست فقط بالتجاوب مع دعوة البطريرك لحضور «لقاء الديمان».. وانتهى الموضوع..».

 

يتطلع عديدون الى الأيام القليلة المقبلة، والجميع يتساءلون، هل يتوج «لقاء الديمان» بلقاء جبران باسيل وسمير جعجع؟ أم أن المسألة تحتاج الى بعض الوقت بانتظار وضوح المزيد من المعطيات الداخلية والخارجية، خصوصاً مع تفاقم الصراع بين «التيار الحر» و»الحزب الاشتراكي» حيث لم يعد خافيا على أحد الدور الخارجي في الساحة اللبنانية، الذي لم ينقطع يوماً..

 

لم يعرف بعد ما اذا كانت البطريركية وضعت الرئيس الحريري في صورة اللقاء وما آل اليه.. خصوصاً وأنه ماض في لململة ما ستؤول اليه اتصالاته ليختمها بلقاء مع رئيس الجمهورية ويضع بين يديه صيغة أولية للحكومة المنتظرة.. وهو يعرف ان الرئيس عون ماض في خياراته وحساباته التي تخالف في العديد من البنود قراءة الحريري وتصوره، ما يعني ان المسألة تحتاج الى المزيد من الوقت.. وان سلك «لقاء الديمان» طريقه نحو المزيد من الانفراج، حيث تبقى العقدة الدرزية حاضرة، الخلاف على توزيع الحقائب حاضر.. وهذه مسؤولية لا تقع على فريق واحد من دون سائر الافرقاء.. وعلى الجميع العمل على تسهيل التأليف في سبيل البلد أولاً وأخيراً.. على ما يقول الرئيس نبيه بري..