IMLebanon

كوريا الشمالية «المنزلة بين المنزلتين»

 

إذا أخذنا بما ذهب إليه معظم الإعلام الأميركي على إختلاف وسائطه (المكتوب والمرئي والمسموع والإلكتروني…) لاستنتجنا أن الرئيس دونالد ترامب مُني بهزيمة لأنّ الإتفاق الثنائي بينه وبين نظيره الكوري الشمالي كيم يونغ غلب على نقطه الحسّاسة طابع الغموض، خصوصاً في مجال ديمومة هذا الإتفاق.

ولا بأس في هذا السياق من إعادة التذكير بما أوردته صحيفة «واشنطن بوست» فور توقيع الإتفاق بين الرجلين: بالإبتسامة والمصافحة والكلمة المعبّرة عن الدفء المتبادل دخل ترامب وكيم كتب التاريخ في قمة سنغافورة باعتبارهما أول رئيسين لبلديهما يلتقيان مباشرة. أما هل ستثمر القمة عن شيء تاريخي أو لا؟ فهذا ما سيتضح في وقت لاحق. وأجرت الواشنطن بوست مقارنة بين ترامب الذي بدا مبتسماً مع العدو (الكوري) وترامب نفسه الذي بدا (قبل 24 ساعة من التوقيع) متجهماً في قمة كندا مع حلفائه!

والمعلومات الموثقة عن الزعيم الكوري الشمالي تناقض الصورة التي رسمها له الغرب (الأميركي والأوروبي) والتي طبّلنا لها، نحن في لبنان والبلدان العربية وسائر بلدان المنطقة أيضاً.

هذا الرجل الذي يبلغ، اليوم، 35 عاما لا أكثر (من مواليد 1983) أثبت براعة فائقة وتجاوز والده وجده اللذين، هما أيضاً، توليا السلطة بقبضة من حديد. وهو آلت إليه مقاليد الحكم قبل نحو سبع سنوات (19 كانون الأول 2011). وسمّي بـ«الوريث العظيم». وهو حالياً في رتبة «دايغانغ» في الجيش الشعبي التي توازي رتبة فريق أوّل. درس سراً علوم الكمبيوتر. وكان درس في مدرسة بيرني الدولية في سويسرا حتى العام 1998 مستخدماً اسماً مستعاراً… وكانت الخلافة الطبيعية لأخيه غير الشقيق الذي سقط حظه في الحكم بعدما اعتقل في اليابان بجواز سفر مزوّر، وكانت شخصية الأخ تميل الى الأنوثة(…).

طوال توليه السلطة عرف بالقساوة المفرطة ونفذ سلسلة إعدامات طاول بعضها المسؤولين الكبار، وفي العام 2015 وحده أعدم 15 مسؤولاً كبيراً. بينهم إعدام مهندس أحد المطارات الذي لم يعجبه تصميمه، وإعدام وزير الدفاع هيون يونغ شول، وأعدم كذلك زوج عمته ومستشاره السياسي بتهم واهية وتوجه الى عمته معزّياً بوفاة زوجها. وفي 2016 أعدم وزير التعليم كيم يونغ – جين… وكان «المدخل» الى إعدامه أنه جلس «بوضع غير لائق» تحت المنصة خلال جلسة للبرلمان فبدأ التحقيق معه لتلصق به تهم أخرى… وهو أعدم بالرصاص بينما أُعدم آخرون شنقاً أو… بالسيف الخ…

يرى مراقبون غربيون بارزون أن أزمة الصواريخ البالستية عابرة القارات افتعلها هذا الزعيم الشاب ليستدرج الأميركي الى الإتفاق الذي توصلا إليه فيتم رفع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية و… تبدأ مسيرتها نحو التماثل (تدريجياً) بـ»توأمها» كوريا الجنوبية التي تعتبر متقدمة في العالم الأول. علماً أن كوريا الجنوبية ليست شيوعية كما نصورها في عالمنا تحت تأثير الإعلام الغربي، وليست في «الرأسمالية المتوحشة» كما تصف، هي، الولايات المتحدة الأميركية. إنها «في منزلة بين المنزلتين»… إنها ذات نظام غريب سيكون مدار أبحاث وتعليقات لا تحصى عندما تتدفق الشركات المستثمرة والإعلاميون من أنحاء العالم كافة على هذا البلد الكوري الذي لا مثيل له تحت الشمس.