IMLebanon

النظام الإيراني على طاولة المفاوضات مجرَّداً من أوراق القوة

 

«قوة التفاوض» فشلت في حماية نووي إيران من التدمير

 

 

دخلت ايران بالمفاوضات مع الولايات المتحدة الاميركية، لإيجاد حل لمشكلة التخصيب النووي، منذ اكثرمن سبعين يوما، وفي حساباتها تكرار اسلوب التفاوض السابق الذي اجرته مع الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الامن والاتحاد الاوروبي، وانتهى الى اتفاق تم توقيعه في العام ٢٠١٥، خلال ولاية الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، وتضمن جملة ضوابط تلزم ايران بالتخلص من كميات اليورانيوم متوسط وضعيف التخصيب وخفض اجهزة الطرد المركزي، مقابل الافراج عن قسم من الاموال الايرانية المجمدة في المصارف الاميركية والحليفة.

هذه المرة دخلت ايران المفاوضات وجهاً لوجه مع مسؤولين من ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي بادر، بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع ايران في العام ٢٠١٨، باعتبار انه لم يكن اتفاقاً مثالياً، وكان لصالح النظام الايراني، الذي استفاد منه باستعادة الاموال المحتجزة لتمويل اذرعه والمليشيات التابعة له لاستهداف امن واستقرار الدول العربية في المنطقة والعالم.

وقف تخصيب اليورانيوم، عنوان وحيد، لم يطرح غيره الوفد الاميريكي خلال جولات المفاوضات الخمس، التي توزعت بين سلطنة عمان والعاصمة الايطالية روما، بينما اصر الوفد الايراني على التأكيد بأن « لاسلاح نووياً ومع استمرار التخصيب». لم يأخذ النظام الايراني مهلة الستين يوما، التي حددها الرئيس الاميركي للتوصل الى اتفاق نهائي حول الملف الايراني، ولم يحسب حساب حشد قطع الاسطول البحري الاميركي بالمنطقة، قبل تنفيذ تهديداته بضرب المفاعلات النووية ومواقع تخصيب اليورانيوم، على محمل الجدّ، واعتبرها بمثابة مناورة لارغام ايران على توقيع اتفاق يتعارض مع مصالحها وتوجهاتها، ويحرمها من مواصلة التخصيب، ولو للاغراض السلمية، كما اعلن اكثر من مسؤول ايراني بارز بهذا الخصوص.

لم ينفع اسلوب «قوة التفاوض» لرئيس الديبلوماسية الايرانية عباس عراقجي الذي روَّج لكتابه في بيروت بين جلسات التفاوض، باطالة امد التفاوض اكثر مما كان مقررا لها، للالتفاف على مطلب الجانب الاميركي الوحيد والمحدد، بوقف التخصيب، ولم تنفع التهديدات بالاسلحة النوعية الايرانية، لاستدراج اتفاق مع الادارة الاميركية، مشابه في بعض جوانبه لاتفاق العام ٢٠١٥، وكان الهجوم الاسرائيلي على المواقع والمفاعلات النووية الايرانية في اليوم الواحد والستين، وبعدها تولت الولايات المتحدة الاميركية، بقاذفاتها الاستراتيجية، تدميرها بالكامل.

سقط الملف النووي الايراني بالضربة القاضية هذه المرة، ولم تعد تنفع معه كل الادعاءات الفضفاضة، بردود فعل تدميربة ضد الوجود العسكري الاميركي بالمنطقة،او في قلب موازين القوى واعادة الاعتبار للنظام الايراني، الذي اضاع فرصة فريدة للتوصل الى اتفاق للملف النووي يحفظ له ما تبقَّى من ماء الوجه، بعد سلسلة النكبات والنكسات التي ادت لخسارته، لاذرعه في لبنان وغزة، وخسارة وجوده بسوريا بسقوط نظام بشار الاسد، وتراجع نفوذه بالعراق، واصبح جلوسه على اي طاولة للمفاوضات مع الجانب الاميركي، محكوما بخسارته كل اوراق التفاوض التي كانت بيديه، قبل تدمير المنشآت والمفاعلات النووية.