IMLebanon

مَن صَدَقك لا مَن صدَّقك  

أخذت مفاعيل الكلام الإيجابي لسماحة أمين عام حزب اللّه السيّد حسن نصراللّه تترجم عملياً من خلال المعلومات المتداولة حول تشكيل الحكومة في الساعات المقبلة إذا لم يطرأ أي جديد غير منتظر يُعرقل المسار الذي بلغته عملية التأليف يوم أمس تحديداً.

طبعاً كان الوزير سليمان فرنجية مدار جذب إعلامي أمس من خلال زيارتين قام بهما الى بكركي وعين التينة، ووزّع من كلي المقرّين الإشادة بصاحبي المقامين ولم يفته أن يوجّه تحية، وإن خجولة الى الرئيس المكلف سعد الحريري. إلاّ أنّ الرئيس نبيه بري إستأثر بالإشادة وعبارات العرفان من رئيس تيار المردة، وبلغت الإشادة فيه حداً ربما غير مسبوق من زعيم بزعيم آخر، أو من قيادي بقيادي آخر.

وهذا لا يعني على الإطلاق أنّ رئيس مجلس النواب غير مستحق، على العكس فهو يستحق وأكثر. ولا يعني، على الإطلاق، إن الوزير فرنجية  يجب ألاّ يكون عارفاً للجميل، خصوصاً الرجل معروف عنه الإلتزام بصداقاته. إنما كان محبو الزعيم الزغرتاوي يأملون منه لا أن يشمل رئيس الجمهورية باحتفال الإشادة، إنما أقله عدم الغمز من قناته، ولو بصورة غير مباشرة. إلا أنّ سليمان بك صريح وما في قلبه هو على لسانه أيضاً. وهذه معروفة عنه وأن اصابته، أحياناً ببعض الأذية. خصوصاً وإن حملته المتمادية على العماد ميشال عون سبقت الإستحقاق الرئاسي وتستمر بعده.

ثم قد لا يفوت الوزير فرنجية أنّ هناك رأياً عاماً مسيحياً يراقب، وقد زادته يقظة التطورات الأخيرة والعراقيل المصطنعة في وجه العهد، منذ جلسة الإنتخاب الرئاسية، وهو حسّاس جداً… ولا مزيد في هذه النقطة.

إنّ سليمان فرنجية يشعر، عن صواب أو عن خطأ، إنه مغبون. وإن اللقمة (الرئاسية) وصلت الى فمه ثم سُحبت منه. ولكن الرجل »مستقبله أمامه« كما يقال. فإذا كان يريد أن يمضي في الإعداد للطريق الى قصر بعبدا، (وهذا حقه المشروع) فإنه لا يمكنه أن يجتاز درب الجلجلة هذا وهو على خلاف حاد مع طيفين مسيحيين كبيرين هما التيار الوطني الحر (وضمناً العونيون) والقوات اللبنانية، ليس فقط لحضورهما الوازن في الشارع، بل كذلك (خصوصاً) لأنهما سيمتلكان حضوراً نيابياً كبيراً كائناً ما كان الوضع الذي سيستقر عليه قانون الإنتخاب.

إن الوزير فرنجية إبن بيت عريق وأسرة اصيلة في التعامل مع السياسة منذ نحو قرن على الأقل، وهي أعطت لبنان زعيماً وطنياً كبيراً (المرحوم حميد فرنجية (»رئيس مؤتمر الشعوب العربية«) والرئيس المرحوم سليمان فرنجية، والزعيم المرحوم طوني فرنجية، والمفكر سمير حميد فرنجية… وحالياً الوزير سليمان فرنجية نفسه، وهو من دون شك حريص على هذا التراث… إلا أنّ ذلك يستوجب سلوكاً معيناً يعتمد على الجدية، ووزن الكلمة مرات قبل إطلاقها، والتعامل مع رئيس الجمهورية بأسلوب مختلف.

***

أنا من الذين أحبّوا العميد ريمون إده، الرجل الديموقراطي بامتياز، ووثقوا به، وبنوا عليه الآمال العريضة… وكنت أقول له: يا عميد الحقد قاتل… يقتل صاحبه. وكان رحمه اللّه يقول لي: معك حق. ولكنه قالها متأخراً!