IMLebanon

الحكومة المعلّقة

 

ليس دقيقاً أبداً بل ليس صحيحاً القول إنّ «مجلس الوزراء ليس ساحة لتصفية الخلافات السياسية أو للإنتقام»، فمنذ العام 2006 تمّ تعطيل كلّ الحكومات التي تمّ تشكيلها بطريقة ما، حتى استحصل فريق حزب الله والتيار العوني على الثلث المعطّل فتحوّلت الحكومة مع أدائهم السياسي «العاطل» إلى ساحة لتصفية الخلافات السياسيّة والانتقام وفرض الرأي وشلّ البلد وأكثر من ذلك أيضاً!!

 

وليس صحيحاً أبداً ولا بأي شكل من الأشكال أنّ الحكومة هي «مؤسسة لترجمة الوفاق الوطني وإدارةِ شؤون الدولة تحت سقف القانون والعدالة والدستور والعيش المشترك»، هي كلام بعيد جداً عن الحقيقة ويجانبها تماماً، هذا ما تفترضه النصوص المفرغة من مضمونها والمعطّلة بقوة الاحتلال وبقوة بدعة التعطيل الميثاقي، منذ اخترع الاحتلال السوري للبنان بعد حرب السنتين بدعة «حكومة وفاق وطني» أو «حكومة وحدة وطنيّة» أو مهما كانت تسميتها صار الاحتلال شريكاً في الحكومة، ومنذ سبعينات القرن الماضي كان الاحتلال السوري قادراً على «الحرتقة» على كلّ رؤساء الجمهوريّة بالإيعاز لأي رئيس حكومة بالحرد أو الاعتكاف في بيته، وهكذا…

 

بعد اتفاق الطائف، حضر جواسيس الاحتلال السوري في كلّ الحكومات التي تم تشكيلها وانحصرت مهمتهم في نقل تفاصيل ما يقول رئيس الحكومة، وفرضت على لبنان الحكومات الثلاثينيّة، وسمّيت كلّ الحكومات باسم الوفاق والوحدة الوطنيّة، لكن في الحقيقة «حرتق» وزراء الاحتلال وحلفاؤه واستطاعوا تعطيل مركب أي حكومة وعرقلة مسيرها، وبعد العام 2005 ورث حزب الله وحليفه التيار العوني الاحتلال السوري، ومشهد إطاحة الوزراء العونيين برئيس الحكومة سعد الحريري من عند باب البيت الأبيض الأميركي ماثلٌ في الأذهان، وهذا أمرٌ يحدث الآن ولكن ربّما على طريقة أحرجوه فأخرجوه!

 

حان الوقت لقول الأمور كما هي، فقدت رئاسة الحكومة دورها وقد عمد فريق سياسي إلى  تمريغ أنفها في وحول الحكم وإضعافها إلى حدّ يترحّم فيه كثيرون على رؤساء حكومات ما قبل الطائف، والمؤسف فيما يحدث إصرار رئيس الحكومة سعد الحريري على الاستمرار في هذه اللعبة التي أطاحت برصيده كلّه، تحت عنوان الـ»تحصّنُ بالصبر والتفاؤل والأمل والتهدئة»، فيما يضع شريك التسوية لبنان على حافّة انفجار حرب أهليّة، ويضرب عرض الحائط بكلّ الأصول السياسية المتعارف عليها في العمل السياسي اللبناني، نحن أمام فريق يقامر باستقرار لبنان لنزوات ومآرب شخصيّة،  لذا لم يعد جائزاً الاكتفاء بالاستياء والظنّ بأنّ التفاؤل والأمل سيغيّر شيئاً من هذا الواقع المأزوم الذي يعيشه اللبنانيّون بمرارة ما بعدها مرارة!

 

هؤلاء لا ينفع معهم الحديث عن الانزعاج والاستياء ولا الغضب ولا سواها من مصطلحات التعبير عن الحال التي وصلت إليها الأمور، لا ينفع مع هؤلاء إلا إلقاء ورقة استقالة الحكومة في وجه العهد، وليقلّع شوكه بيد من حكّمهم برقبة البلاد والعباد، وليغرقوا جميعاً متحمّلين نتائج هذا العبث السياسي الذي ترك مقاليد حكم البلد للصهر، لبنان ليس أميركا، والرئيس ميشال عون ليس دونالد ترامب، والوزير جبران باسيل ليس جاريد كوشنر، من فضلكم ضعوا نقطة على سطر هذه الأزمة، «بيكفّي هالقد»!

 

أفضل ما قد يفعله الرئيس سعد الحريري في وجه كلّ ما يفعل بالبلاد هو الاستقالة، فلغة «البقاء حتى قيام الساعة في السراي الحكومي»، لا تجدي نفعاً مع فريق سياسي بقي في الشارع أكثر من سنة ونصف ليفرض على الرئيس فؤاد السنيورة الاستقالة.. أفضل ما يفعله رئيس الحكومة اليوم هو رمي قفّازه في وجه عبث الوزير جبران باسيل بمصير لبنان، لغة العقل والعقلاء لا تجدي نفعاً مع جنون شهوة السلطة والحكم والتحكّم!