IMLebanon

المُبالغة في التحليل تتسبَّب بالشلل!

علّق المسؤول الأول نفسه في أعرق مركز أبحاث أميركي، بل في أفضل مركز أبحاث في العالم على الإطلاق، على وصفي الناقد لتصرّف الرئيس أوباما في سوريا، قال: “كنت أُجري مراجعة لسياسة أوباما، واليوم انتهيت من وضع كتاب سيصدر أواخر السنة الجارية. خطابه في القاهرة بعد انتخابه رئيساً للمرة الأولى مع استعداداته التي ضمّنها إياه أعطى العالم العربي آمالاً عريضة. لكن ذلك لم يكن حقيقيّاً لأنه لم يضع خطة لتنفيذ ما تحدّث عنه، ولأنّه لم يُناقش خطواته وأعماله على نحو جيّد. فهو في أثناء الحوار أو النقاش يضع كل الاحتمالات على الطاولة على كثرتها فيقع في التردُّد وتالياً يُحجم عن اتخاذ قرار أو قرارات. عندنا قول مهم Analysis Brings Paralysis أي التحليل يؤدي إلى الشلل. والآن نحن في فراغ وهناك حملة انتخابيّة. ويعني ذلك أن لا مجال لسياسة سورية أو شرق أوسطية أو إيرانيّة أو دوليّة عند إدارة أوباما. ولن ينتهي هذا الفراغ مع تسلُّم الرئيس المُنتخب سلطاته الدستورية في الـ 20 من شهر كانون الثاني المقبل (2017)، بل بعد انقضاء ستة أشهر على تسلُّمه على الأقل. إذ عليه تركيز إدارته واختيار معاونيه ووضع الخطط والاستراتيجيّات لسياسته. أوباما ليبرالي وديموقراطي وصادق… لكن منطقة الشرق الأوسط ليست مهيّأة لذلك كلّه. لا بد من واقعية في التعاطي معها، بل مع أزماتها والمشكلات. أذكر أنني تحدّثت في إحدى المقابلات عن حرب الـ 30 عاماً. منطقتكم انتهى فيها اتفاق سايكس – بيكو الذي توصّلت إليه بريطانيا وفرنسا الحليفتان قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى. لكن لم يبرز بعد البديل منه أي النظام الاقليمي الجديد. ما تراه برز الآن على السطح هو حقيقة المنطقة وواقعها (Reality) أي طوائف ومذاهب وأديان وإتنيات. في سوريا كل فريق من هؤلاء يسيطر على منطقة، أي العلويّون و”داعش” و”النصرة” مع فارق مهم هذه المرّة هو أن وجود “القاعدة” سيكون ملحوظاً في سوريا وفي لبنان الذي ينتظر نهاية ما يجري في سوريا. مفاوضات التسوية السياسيّة للأزمة السورية الجارية في جنيف ستستمر سنوات طويلة وقد تبلغ عقداً”. علّقتُ: هناك مناطق أخرى في الشرق الأوسط لا بد من الحديث عنها أيضاً. ألا تعتقد ذلك؟ أجاب: “نعم أعتقد ذلك. لكن لن أتحدّث طويلاً عن هذا الأمر. المملكة العربية السعودية Vulnerable غير حصينة وقابلة للعطب. قامت أساساً على ركنين علماء الدين (الوهابيّون) وعائلة سعود الحاكمة. مع الوقت وتضخّم “الثروة” انصرفت العائلة إلى الحكم والسلطة والفساد و… فشعر العلماء، الذين كانوا يمثِّلون في بداية الدعوة وعند تأسيس المملكة السعودية إسلاماً نقيّاً تطهُّرياً متزمتاً (Puritan)، أن الدولة سلكت إتجاهاً آخر منحرفاً عن النهج الصحيح”. علّقتُ: أخطأت العائلة في المعالجة الجزئية لهذا الأمر. إذ وجّهت هؤلاء (العلماء وأنصارهم) نحو الخارج لنشر الدعوة الإسلاميّة مع ملايين النسخ من القرآن الكريم ومئات الملايين من الدولارات وربما أكثر وآلاف مؤلّفة من الدُعاة. وعندما بدأت أزمة أفغانستان بعد الاحتلال السوفياتي لها توجّه إليها لقتاله المتشدِّدون. وبعد انتصارهم عادوا باسم تنظيم “القاعدة” إلى المملكة بل إلى المنطقة كلّها مستهدفين الأنظمة الحاكمة فيها. وها هم الآن، بعد “ربيع” سوريا وحربها الأهلية والمذهبيّة وبعد انتشار الأخيرة في العالم العربي والإسلامي سياسياً وحربياً، يعملون لاعادة الإسلام النقي في رأيهم إلى المنطقة والسعوديّة واحدة من دولها. ردّ: “صحيح ما تقول”. تابعتُ: هناك أمرٌ آخر. السعوديّة كانت دائماً ذات استراتيجيا إنكفائيّة ودفاعية، ربما باستثناء مواجهتها مصر عبد الناصر مرة واحدة في اليمن مباشرة بالسياسة وبالوكالة بالحرب العسكرية. وقد انتصرت في حينه. الآن تتحوّل المملكة دولة هجوميّة ودولة عسكريّة وإن من دون استراتيجيا واضحة وسياسات تطبيقيّة لها تتضمَّن كل التفاصيل، بدليل حرب اليمن غير الناجحة حتى الآن، وبدليل عجز حكامها عن إقناع حلفائهم العرب والمسلمين بالاشتراك فيها بقوات بريّة رغم مساعداتها الماليّة الضخمة لهم ورغم علمهم باستحالة انتصارها بالحملة الجويّة فقط. لن تعود السعوديّة إلى الوراء رغم الخيبات الحالية وعندما تتعسكر ستكون لها طموحات خليجيّة ثم عربيّة فإقليمية. علّق: “تفكير سليم. وهذا يفتح الباب أمام احتمالات أخرى. في أي حال دخلت السعودية حرب اليمن أو شنّتها من دون خطّة. دوافعها كثيرة في رأيي”. ما هي هذه الدوافع؟ سألتُ: ماذا أجاب؟