IMLebanon

الخارج يستعجل الرئاسة لمخاوف امنية واقتصادية

في انتظار ما قد تحمله جلسات اللجان النيابية المشتركة في اجتماعيها يومي الثلثاء والخميس المقبلين، بعدما أوحت المواقف التي اعقبت الجلسة الاخيرة بامكان حصول خرق ولو طفيف في اتجاه الاتفاق، ومع انحسار غبار الانتخابات البلدية تتظهر يوما بعد يوم الصورة الجديدة التي خلفتها على الساحة السياسية ، من تبدل في موازين القوى القائمة والمنضوية داخل الفريقين الآذاريين، الذي يعود الى ما قبل الاستحقاق البلدي مع تبدل مواقف المملكة العربية السعودية من لبنان ومن القيادات والمرجعيات التي كانت تعتمد عليها وتتعامل معها.

فانهماك اللبنانيين بما افرزته الصناديق، في ظل عجز القوى السياسية الداخلية المعنية، غير الآبهة بالمصير الذي يترصد النظام الدستوري، كما الاستقرار السياسي والامني، في ضوء الاخطار الكبرى التي تتهدد البلاد، لم يحل دون تعدد المبادرات والطروحات والاقتراحات الهادفة الى اخراج لبنان من المستنقع السياسي الذي يتخبط فيه منذ شغور سدة رئاسة الجمهورية، ومنها مبادرة عين التينة.

وبعيدا عن الزيارات العربية والاوروبية المتبادلة للعواصم المؤثرة في القراراللبناني، حققت مبادرة رئىس مجلس النواب نبيه بري هدفها ، بحسب مصادر متابعة، مع تظهير مواقف الافرقاء من قانون الانتخابات واجراء الاستحقاق الرئاسي، في الطريق نحو البلورة العلنية لخيار رئاسي ثالث بعد تراجع حظوظ كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية،لافتة الى شبه اقتناع بدأ يتكون في الرابية وبنشعي في هذا الاتجاه، خصوصا ان مؤشرات استبعادهما عن الاستحقاق باتت اكبرمن اي وقت مضى، استنادا لدعوة كل من رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط منذ اسابيع واللواء اشرف ريفي هذا الاسبوع حزب الله والرئيس سعد الحريري الى اقناع مرشحيهما بالتراجع امام الخيار الثالث ، في ترجمة للتوجهات الدولية التي ترى امكانات نجاح مبادرة بري في حال السير بالخيار الثالث.

قراءة تستند بحسب جهات في الرابع عشر من آذار الى ان حظوظ وصول اي مرشح رئاسي من فريق الثامن منه باتت شبه معدومة، اقله على مستوى التأييد العربي والدولي، خصوصا ان الجولات الـ40 الرئاسية التي لم يؤمن نصابها الحزب وحليفاه المرشحان ، أثبتت ان حارة حريك وبقرار من طهران، لا تريد رئيسا ولو من بين حلفائها، وهو ما يؤكد عليه بعض زوار موسكو الذين ابلغوا ان الاخيرة لن تتدخل لدى ايران لتسهيل الرئاسة في المرحلة الراهنة، الا بعد انجاز الطبخة السورية لعدم فتح باب المطالب والشروط في سوريا مقابل هذا التسهيل.

في المقابل، تشير اوساط دبلوماسية عربية مقيمة في باريس ،الى انّ الجهات الخارجية العاملة لانهاء المخاض الرئاسي اللبناني ماضية في مساعيها، كاشفة انّ شخصيات دبلوماسية غربية بارزة تتواصل حالياً مع مراجع لبنانية سياسية وغير سياسية بعيداً من الاضواء، ويتبادل الجانبان افكاراً واقتراحات قد تسمح بانجاز الاستحقاق الرئاسي ووضع حدّ للشغور. واذ تؤكد انّ الخارج يستعجل الرئاسة لجملة مخاوف امنية واقتصادية، تقول الاوساط انّ معالجة الازمة الرئاسية باتت تتطلب مقاربات جديدة كلياً، وعرابو الحل اللبناني في الخارج كما اطراف محليون، باتوا يرون انّ أول خطوة نحو الخروج من النفق الرئاسي قد تكون باقتناع الاقطاب الموارنة الأربعة بأنّ حظوظهم في الرئاسة استنفدت وانتفت ويجب البحث عن شخصية وفاقية من خارج الاصطفافات لتولي سدة الرئاسة.

وفي هذا الاطار تتوقف المصادر عند ظاهرة المواقف المتبادلة والمتباينة، في حرب الوكالة بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ووزير العدل المستقيل اشرف ريفي، والتي يبدو انها ابعد من الخروج عن خط المستقبل السياسي والتنظيمي، بما يعكس التطلعات المستقبلية المستندة الى ملامح التغيير التي تشهدها المنطقة وعواصمها وتصب في اطار الحسابات والرهانات على ما بعد ملء الشغورالرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل الحكومة ورئاستها، خصوصا ان ثمة حديثا في الافق عن تركات وارث سياسي على الساحة الداخلية بعد انفراط عقد الاحزاب والتحالفات السياسية القائمة راهنا وبروز وجوه جديدة على الساحة اللبنانية لا يستبعد دخولها اندية الرئاسيات اللبنانية، لافتة الى ان الموقف السعودي الحازم تجاه كلام المشنوق الذي طالما صنف في الصف السعودي، تزامن مع الاعلان عن زيارة اللواء الى الرياض.

عزز هذا التوجه ادراك السعودية لصعوبة لا بل استحالة إعادة جمع الحريري مع سمير جعجع سياسيا مع اتساع الهوة بينهما، رغم كل الجهود المبذولة للتخفيف من حدة التوتر بين الطرفين، مؤكدة أن المملكة لم تعد تعول على أي اتفاق بين الرجلين، وأن الأولوية لدى الرياض حاليا هي إعادة ترتيب البيت السني، حيث تبدو الأمور معقدة أيضا، ولكنها تحتاج في خلال فترة قصيرة لقرارات حاسمة باعتبار أن بقاء هذا البيت مشرذما سيصيب السياسة السعودية في المنطقة بالمزيد من الأضرار.