IMLebanon

الحريري عاجز عن التشكيل دون قرار فرنسي كبير غير مُتوافر حالياً

 

فريق رئاسي لا يُريد الحريري في السراي: التفاهم معه مُستحيل

 

نشاط «اسرائيلي» بين الأوزاعي وصور…. واستعراض اميركي غير مسبوق للقوّة

 

لا حكومة والمشكلة اكبر من عقد «الداخلية» و«العدل» وغيرهما من الوزارات، ومباحثات التأليف كشفت استحالة الوصول الى حد أدنى من التفاهم بين الرئيس ميشال عون ورئيس التيار جبران باسيل من جهة والرئيس سعد الحريري من جهة أخرى، وبشكل أوضح حسب مصادر متابعة للتأليف، فإنه من الصعوبة تشكيل الحكومة في ظل وجود فريق قوي في القصر الجمهوري من وزراء سابقين وقريبين جداً من الرئيس عون ويشكلون حلقة واحدة مع باسيل لا يريدون الرئيس المكلف في السراي، وبالاحرى رئيسا للحكومة في السنتين الأخيرتين من ولاية الرئيس عون، ولذلك لن يستطيع الحريري تشكيل الحكومة اذا لم يحصل ضغط فرنسي كبير أو حسم رئاسي فرنسي لمصلحة تشكيل الحكومة بأيام.

 

وهذا القرار الفرنسي لم يصدر بعد لأسباب مجهولة وربما يرتبط بعقبات إقليمية تعرقل الضغط الفرنسي الكبير على الرئيس عون في ظل العلاقة المتينة لرئيس الجمهورية مع الإيرانيين والسوريين، والحاجة الفرنسية لعلاقات جيدة مع إيران بعد نجاح بايدن وتطور الملف الأميركي الإيراني ودور فرنسا، كما أن فرنسا بحاجة لطهران في ظل الكباش الفرنسي ـ التركي.

 

هذا على الصعيد الإيراني، اما على الصعيد السوري، فإن كل دول القرار تدرك مدى حاجة المخابرات الفرنسية والاوروبية الى التعاون مع المخابرات السورية، والفرنسيون طلبوا مؤخرا وبشكل علني مساعدات امنية سورية في ملف الاسلاميين الفرنسيين بعد اعتداء نيس الإرهابي، ويبدو أن المطلب الفرنسي لم يلق الحماس في دمشق لانه من المعروف، انه ليس هناك أي شيء «ببلاش» عند السوريين، في ظل الاصرار الفرنسي على التدخل بالشأن السوري بعيون أميركية والاعلان عن رفض الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية، الا اذا جرت بإشراف دولي ومشاركة اللاجئين السوريين بالخارج وفق قرار مجلس الأمن 2254، وهذا ما يرفضه بالمطلق الروس والايرانيون.

 

وبالتالي ما الحكمة في تسهيل الحل الفرنسي في لبنان وهو بالأساس غير مغطى أميركياً وسعودياً، و فرنسا ليست اللاعب الاول على الساحة اللبنانية ولا تستطيع تجاوز كل اللاعبين الآخرين غير المتحمسين لسعد الحريري وتسليفه أوراق قوة في ظل التجارب المرة معه سابقا، وبالتالي، من المستحيل ان يشكل الحريري الحكومة الا عبر ضغط فرنسي كبير على 8 و14 آذار وصك مرور أميركي ـ سعودي ـ إيراني ـ سوري، وهذا غير متوافر حالياً.

 

وفي المقابل، وحسب المصادر المتابعة للتاليف، فإن الحريري أيضا لن يتراجع، ولن يشكل حكومة كيفما كان، و يريد ان يكون صاحب القرار الأول فيها وبصلاحيات مطلقة تستعيد هيبة رئاسة الحكومة وصورة والده والتوازن مع الرئاستين الاولى والثانية، وصاحب الكلمة الفصل في قانون الانتخابات والاصلاحات واستحقاقات 2022 الرئاسية والنيابية والبلدية، ومقارعة عون وبري وجنبلاط وجعجع وفرنجية من الند للند وكسر باسيل، وهذا امر لن يحصل عليه، وما يطالب به الحريري الان لم يعط للشهيد رفيق الحريري في أوج وهجه، فكيف سيعطى لسعد الحريري في ظل كباش إقليمي لا يرحم، ومفتوح على كل الاحتمالات والحرب الشاملة، مع جنون ترامب حتى 20 كانون الثاني، وبالتالي، لا ثقة عند عون و8 آذار أن يكون الحريري وفريقه في رئاسة الحكومة قبل 20 كانون الثائي، لأن التجربة معه ومع السنيورة وجنبلاط بعد حرب تموز لم تكن مشجعة، وهذا ما ظهر بوضوح خلال المحادثات مع كونداليزا رايس، ولذلك، فإن الرئيس عون يستطيع الآن ان يضع رأسه على المخدة وهو مطمئن لحكومة تصريف الأعمال ووزراء الخارجية والدفاع والعدل والداخلية وغيرهم، وإدارة الملفات عبر مجلس الدفاع الأعلى وحكومة تصريف الأعمال، وليس عبر حكومة الحريري وحجمه ودوره.

 

وبالتالي من رابع المستحيلات، تضيف المصادر، ان يقتنع عون وباسيل ان الحريري يريد نجاح بعبدا خلال ما تبقى من عهد الرئيس عون، وعدم نصب الكمائن لباسيل على طريق القصر الجمهوري، هذا بالإضافة إلى أن الرئيسين عون والحريري من مدرستين مختلفتين سياسياً واقتصادياً وامنياً وعربياً ودولياً وهما خطان لا يلتقيان، والرئيس عون بنى كل وهجه على العداء للسياسات الحريرية، ومقتنع بأن السنتين الأخيرتين من عهده ستكونان جحيماً، اذا كان الحريري في السراي، ولذلك يريد حكومة عليها بصمته بنسبة كبيرة ومن خلالها يلمع صورة عهده ويمحو ما اعتراه في السنوات الأربع، وبالتالي استعادة الدور الذي كان يؤديه في الرابية كصانع للسياسات والرئاسات في البلد، وحسب المصادر، فإن الثقة مفقودة بين الرجلين كليا وبالتالي كيف ستتألف الحكومة والرئيس عون قد نسف في اللقاء الأخير كل مسودة الحريري وسمى اختصاصيين لوزارات الداخلية والثقافة والإعلام، وحسب المعلومات الاعلامية المتداولة اقترح الزميلة ندى اندراوس للاعلام.

 

وبعيداً عن حسابات عون والحريري وباسيل والافرقاء، وحسب المصادر المتابعة للتأليف، فإن على الحاكمين ان يدركوا ان لبنان والمنطقة يمران بمرحلة دقيقة وقد تتدهور الأمور نحو مواجهات قد تصل الى حرب شاملة، وحزب الله لا يستبعد حرباً «إسرائيلية» على لبنان، وهناك استنفار شامل من لبنان وصولاً حتى طهران في ظل جنون ترامب ومحاولة استغلال قصف السفارة الأميركية في العراق لشن عملية عسكرية او تنفيذ عملية اغتيال كبيرة، ويتزامن ذلك مع حركة مكثفة جوية وبحرية للبوارج «الاسرائيلية» انطلاقاً من الأوزاعي حتى صور، وهذا يفرض ضرورة اخذ الحيطة من عمل «اسرائيلي» عبر انزالات او تسلل عناصر كوماندوس «اسرائيلية» في نقاط مكشوفة وضعيفة أمنياً ومفتوحة، كما يتزامن ذلك مع اكبر حشود أميركية في مياه الخليج عبر استعراض للقوة غير مسبوق وهو الاضخم منذ الخليج الاولى، بالإضافة إلى نشاط إرهابي وتحركات لخلايا ارهابية نائمة في المخيمات، وهذا يفرض أقصى درجات الاستنفار والتضامن الداخلي والابتعاد عن ممارسة الترف، لان عامل الوقت يداهم الجميع، وهذا يفرض من عون والحريري اجراء مصارحة بينهما من دون ديبلوماسية والوصول الى مخرج سريع يفضي إلى التشكيل او الاعتذار، والا على الدنيا السلام.