IMLebanon

الاجتماع الخماسي في باريس اليوم غير مكتمل وغير مقرّر… بغياب إيران 

 

 

أخيراً بات موعد الاجتماع الخماسي الذي سيُعقد في باريس بشأن لبنان ثابتاً، بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس الفائت أنّ باريس ستستضيفه اليوم الاثنين في 6 شباط الجاري، وذلك تزامناً مع وجود وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في “زيارة مهمة” للمملكة العربية السعودية، الشريكة الأساسية لفرنسا في تولّي الملف اللبناني بكلّ تشعّباته، والتي استكملتها يوم الجمعة بزيارة الى أبو ظبي، الأمر الذي أكّد على مشاركة السعودية في الاجتماع، بعد أن كانت متردّدة وتشترط أموراً عديدة. أمّا الهدف من الاجتماع الذي كثُرت حوله التأويلات، بحسب المتحدّثة باسم وزارة الخارجية آن- كلير ليجاندر، فهو، على ما أعلنت، “تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود”، لا سيما مع القلق البالغ إزاء انسداد الأفق في لبنان من الناحية السياسية. وأسدل هذا الكلام الستار عمّا سبق وقيل بأنّ الاجتماع لن يتطرّق الى الملف الرئاسي أو لن يدخل في أسماء المرشّحين للرئاسة، بل سيكون له طابع تقديم المساعدات الإنسانية فقط.

 

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ اجتماع باريس الخماسي بشأن لبنان اليوم الاثنين، سيبقى غير مكتمل وغير مقرّر من دون دعوة إيران إليه، رغم الحديث عن تفويض دولة قطر الحوار مع المسؤولين المعنيين في طهران، حول جميع العناوين التي سيجري بحثها فيه. وتساءلت المصادر عمّا ستُقدّمه كلّا من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية وقطر ومصر للبنان، هل تسوية إقليمية – دولية على طريقة الطائف، أو التمهيد لحلّ ما أو رسم آلية لمخرج ما من الأزمة السياسية؟ فأي من هذه الأمور لا تمرّ من دون إيران، وتبقى ربما بعيدة عن التنفيذ.

 

وأوضحت المصادر أنّ هذا الاجتماع الذي سيُعقد على مستوى المستشارين (بالنسبة لفرنسا والسعودية)، ومساعدي وزراء الخارجية (بالنسبة لأميركا وقطر ومصر) سيناقش في الحدّ الأقصى الآلية لمساعدة لبنان إنسانياً، بهدف منع وصوله الى آخر القعر مع تخطّي الدولار الأميركي الـ 65 دولار، شرط قيامه بالإصلاحات المطلوبة. فضلاً عن مناقشة الملف الرئاسي من كلّ محاوره، أي مواصفات الرئيس المطلوبة للمرحلة المقبلة، وجوجلة الأسماء المطروحة والتي يجري تداولها على الساحة السياسية، إن في لقاءات بكركي أو كليمنصو وعين التينة، وصولاً الى طرح إسم رئيس الحكومة المقبل وخطة عمل الحكومة السياسية والإقتصادية والمالية وكلّ ما يرتبط بالمرحلة المقبلة. على أن يُعقد اجتماع آخر على مستوى وزراء الخارجية يجري تحديد موعده لاحقاً وفقاً لأجندات المعنيين.

 

وتقول المصادر نفسها انّ أي تصوّرات أولية لحلّ للأزمة السياسية، التي اختصرتها المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية بـ “تشجيع الطبقة السياسية اللبنانية على الخروج من الطريق المسدود”، قد لا يكفي من دون موافقة الدول الخمس المشاركة فضلاً عن الدولة “المغيّبة” لا سيما إيران من جهة، والمكوّنات السياسية الداخلية من جهة ثانية، كون التشجيع لا يكفي. فانتخاب الرئيس يحتاج الى ضغط فعلي، أو على الأقلّ غطاء خارجي في حال حصل التوافق الداخلي على اسم المرشّح الوسطي أو التوافقي الذي لا يستفزّ أي من الفريقين الكبيرين المتنازعين.

 

وبرأي المصادر، إنّ الولايات المتحدة تعطي فرنسا قيادة ورعاية الإجتماع، من دون أن تبذل أي جهد فعلي لحلّ الأزمة اللبنانية، إذ لا تزال تفرض الحصار الإقتصادي والمالي على لبنان رغم توقيعه على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، كما لا تزال تُعيق مشروع استجرار الغاز والطاقة من مصر والأردن عبر سوريا الى لبنان من خلال فرضها “قانون قيصر”، مع إمكان أن تفرض العقوبات الاقتصادية على “المعطّلين” في حال لم تتمّ مواكبة التسوية التي سيتمّ التوصّل اليها بين الدول الخمس، أو تلك التي سيضمّها الاجتماع التالي لاحقاً، أي الأردن وبعض الدول الأوروبية. من هنا، يبدو واضحاً أنّ الولايات المتحدة لا تزال تخفي أوراقها الفعلية في لبنان، وتكتفي بالإعلان عن مقدار مساعداتها المالية ضمن برنامج دعم لعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي من خلال دفعها 100 دولار كبدل شهري لكلّ عنصر على مدى 6 أشهر، بمبلغ إجمالي وصل الى 72 مليون دولار، والتي تدنّت كثيراً عن مساعداتها السابقة للبنان بفعل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، مقابل تدنّي القيمة الشرائية لليرة اللبنانية.

 

فيما تهتم فرنسا بلبنان منذ ما قبل ترؤس شركة “توتال” لكونسورتيوم الشركات النفطية، على ما أكّدت المصادر ذاتها، وازداد اهتمامها أكثر مع حاجتها الى مادتي الغاز والنفط بعد الحرب الأوكرانية، ومساهمتها في توقيع اتفاقية الترسيم لتأمين مصالحها في لبنان الى جانب مصلحته الوطنية. أمّا السعودية فتبدي اهتماماً بالدرجة الأولى باسم رئيس الحكومة المقبل، آملة أن “يُمثّلها” بطريقة أو بأخرى في لبنان، كما يهمّها ألا يأتي أي رئيس للجمهورية يعاديها هي والدول الخليجية، وتتمسّك في هذا الإطار ببنود المبادرة الكويتية الـ 12، وبكلّ ما جرى الاتفاق عليه بينها وبين أميركا وفرنسا. وتهتمّ قطر بالوضع اللبناني منذ زمن، واليوم بصفتها الشريكة الثالثة في كونسورتيوم الشركات الذي لُزّم بأعمال الإستكشاف والتنقيب في البلوكين 9 و4 في المنطقة البحرية التابعة للبنان. فيما يهمّ مصر أن تتحرّك في لبنان، على ما تفعل أيضاَ في العراق، ليكون لها دور جديد في المنطقة. ومن هنا، لا بدّ من معرفة موقف إيران التي لا تريد أن يُنتخب أي رئيس “يطعن المقاومة في ظهرها”، وهي تحاول التقرّب اليوم من السعودية، بهدف حصول تسوية ما بين البلدين.

 

وتعتبر المصادر أنّ بياناً سيخرج عن الإجتماع، قد يكون بمثابة مسودة لخارطة طريق لخروج لبنان من أزمته، قد يجري خلاله تحديد مهلة زمنية لها تتراوح ربما من 3 الى 6 أشهر، مع ضرورة الحفاظ على الاستقرار الأمني الداخلي وعدم زعزعته، والقيام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة. ولكن لا يمكن أن يتمّ تنفيذ بنود هذا البيان أو الورقة من دون موافقة القوى السياسية في الداخل عليها. لهذا، فإنّ انتخاب الرئيس ومن ثمّ تشكيل الحكومة الجديدة يحتاجان الى تسوية إقليمية ودولية، أو حصول توافق داخلي يجري تسويقه الى دول الخارج.