IMLebanon

من معالم الرداءة

 

قبل أن يعلن الجانبان السعودي والفرنسي عن اختتام لقائهما الثنائي في إحدى قاعات قصر الإليزيه في باريس بدأت «المعلومات» تتوالى في بيروت، وكأنّ الذين يروجونها كانوا الى طاولة اللقاء، أو تحتها في أسوأ الاحتمالات. فعلاً، لم تكن قد مضت بضع دقائق على إنهاء الاجتماع في القصر الرئاسي الفرنسي حتى فاضت مخيلات صحافيين وإعلاميين ومعلّقين في سرد «الوقائع» المزعومة، ما يدل على مدى انحدار قِيَم مهنة الإعلام الشريفة الى مستوى متدنٍّ جدّاً لدى الذين يتعاملون معها على قاعدة «ومين رح يحاسبني؟». ولم تلبث نشرات أخبار تلفزيونية أن اعتمدت الأسلوب ذاته، لدرجة أن المشاهد فقد توازنه المعلوماتي بين مَن يقول له إن الجانب الفرنسي بات أقرب الى الموقف السعودي من الملف اللبناني، ومَن يقول العكس زاعماً أن السعودي تبنّى الموقف الفرنسي، وبين مَن يطلع على المشاهد والمستمع والقارئ والمتابع بما يدّعي أنه محضر اللقاء وقد تلقاه من مصادر موثوقة وكأنه كان برفقة البخاري والعلولا وأيضاً مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط.

 

والأكثر بؤساً ذاك الذي قال (حرفياً) «إن اللقاء انتهى بخلاف فرنسي – سعودي كبير يتهدد العلاقات بين الرياض وباريس»… الى ما هنالك من ترهات وثرثرات تدعو الى السخرية من مروّجيها.

 

وفي تقديرنا أنه عندما تطاول الرداءة زمناً ما، فهي لا تتوقف عند حدود السياسة أو الاقتصاد أو الفن أو الأخلاق الخ… بل تشمل تلك كلها وسواها من  المجتمعات، ونحن اليوم، في لبنان والعالم، في قلب الزمن الرديء. وليس ثمة ضرورة لأن نعطي أمثلة مع ذكر أسماء أولئك الكبار في الزمن الجميل في لبنان والإقليم والعالم (قادةً وفنانين وأدباء وشعراء…) فالجميع أتته أخبارهم!

 

وفي عَوْدٍ على بدء المهم أن ثمة دولاً لا تزال تهتم بنا وتعقد اجتماعات من أجل لبنان، حتى ولو كان لمصالحها دور في ذلك، فمع هذا العقم في الفكر السياسي اللبناني، مقروناً بالفساد الطاغي، أنّ أضعف الإيمان أن يتدخل الآخرون. وليت اللقاء الثنائي يعود خماسياً بالرغم من الانشغالات الكبرى لكل من الدول المعنية.