IMLebanon

أضرب بعصاك

 

سيّدنا صاحب النيافة والغبطة مار بشارة بطرس الراعي، مع الإحترام والتقدير لشخصكم الذي نعرف ما يتحلى به من علم وثقافة وغيرة وأبوّة وروحانية (…) نتوجّه إليكم بنداء عاجل: أوقفوا هذا الذي يجري في الساحة المسيحية الذي بقدر ما يدعو إلى الحزن والألم والحسرة فإنه يستثير الغضب والقرف وحتى الخجل في آن معاً.

 

إنّ ما وصلت إليه الحال في الوسط المسيحي عموماً وبين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية بالذات لم يعد مسموحاً أن يستمرّ تحت أيّ مسمّىً، ولو اقتضى الأمر أن تقفوا أمام مذبح الرب لتنددوا بقوة وصراحة ووضوح بهذا التمادي في الوقاحة وحتى بهذه الجريمة بحق المسيحيين، أي بحق لبنان كلّه.

 

نحن نلجأ إليكم في الملمّات. إلى بكركي الدور والموقع والرمز، وإلى بشارة الراعي… الراعي الذي نعرف مدى غيرته على الرعية وعلى الوطن بأطيافه كافةً.

 

نحن اللبنانيين أولاً والمسيحيين ثانياً لم نعد قادرين على احتمال هذا الخلاف الفظيع الذي انعكس على القاعدة حقداً وبغضاء وانعداماً في الأخلاق.

 

لم نعد نقبل أن يكون الصراع على الكراسي يحلل كلّ محرّم ويستبيح كلّ محظور.

 

لن نقبل أن يتحوّل التنافس في السياسة إلى هذا القدر من الإنحطاط وأن تصل المتاجرة بالوطن وبالدين إلى حدّ أن يطوّب المجرمون أنفسهم قدّيسين أو أولياء الله الصالحين.

 

إنها مجزرة وطنية أخلاقية لا تقلّ خطورة عن مجازر الدم التي لم نقم، بعد، من تحت وطأتها الثقيلة.

 

ولم نعد نقبل بتضليل الأجيال الطالعة بشعارات، يعرفُ جيلنا أنها كاذبة ولا تعبّر عن الحقيقة التي عشناها…

 

لسنا نحن من يقول لكم، يا صاحب النيافة والغبطة، ماذا تفعلون وكيف تتصرفون إزاء هذه الجريمة التي تُرتكَب في حقّ لبنان عموماً والمسيحيين خصوصاً. فأنتم سيّد العارفين وأوّل الساعين إلى الخير والوئام.

 

فقط نناشدكم أن ترفعوا الصوت عالياً، وأن ترسموا طريقاً واضح المعالم ومَن يرفضه يرَ إليكم وأنتم تُشيرون إليه بالبنان وتسمّونه بالإسم.

 

إدعهم يا سيّدنا إلى رحابك وارفع العصا في وجه من لا يستجيب ويلتزم. واكشفه أمام الملأ.

 

أضرب الأرض بعصاك، كي لا نجد أنفسنا، مرّة جديدة، في جحيم الإقتتال الذي لا تُخفى على أحد الإستعدادات له.

 

وذكّرهم بكلام معلّمنا الإلهي في إنجيله الذي تُلي، أمس الأحد، في الكنائس: «أما أنتم فليس الأمر بينكم هكذا، بل من أرادَ أن يكون فيكم عظيماً، فليكن لكم خادماً. ومن أرادَ أن يكون الأوّل بينكم، فليكن عبداً للجميع؛ لأنّ إبن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدَم، بل ليَخدُم ويبذُل نفسه فداءً عن كثيرين» (مر 10/43-45).

 

بكلّ إحترام.