مستغلاً اندفاعة الأهالي صوب قراهم المدمرة، وما رافقها من استنهاض وتحفيز وحماسة، كتب أحد الرعناء على حسابه عبر منصة إكس: “شعب جيش مقاومة غصباً عن أمريكتكم”، والإنسان هذا، برعونته الموصوفة، وجّه حقده باتجاه جميع اللبنانيين الرافضين العودة إلى تلك المعادلة المدمرة، وصوب السلطة المتماهية مع السياسة الأميركية كما يعتقد. ولتقدير عمق تفكير هذا الكائن الحيّ، ومنعاً للّبس، فالمتمسك بالثلاثية غصباً عن الأمم هو نفسه من غرّد يوم قتل لقمان سليم في الثالث من شباط 2021 بكلمات من طينته: “خسارة البعض في الحقيقة ربح غير محسوب”.
يخطئ من يعتقد أن أهالي الجنوب الطيبين، نساءً ورجالاً وأطفالاً وشيباً، تحركوا بعفوية في اتجاه قراهم المدمرة لتفقد الأرزاق ونصب الخيم أو صف الأراكيل على الطرقات العامة، لإجبار العدو على الانسحاب بعد انقضاء مهلة الستين يوماً المُتفق عليها بين الـ “boss ” وهوكستين والمكرسة بنص مكتوب وقّع عليه وزراء حكومة تصريف الأعمال، أو أن صبرهم نفد بالتزامن مع نفاد صبر الشيخ نعيم من دون تنسيق وأمر عمليات.
لا تحركات الأهالي حصلت بشكل عفوي ولا اعتداءات الأهالي على دوريات “اليونيفيل” على مرّ الأعوام كانت تحصل مصادفة. لا يتحرك ديكٌ أو ساعور أو معزاية حرون في كل الجنوب من دون إيعاز من “الحزب” بوصفه الوكيل الشرعي عن مصائر الجنوبيين.
كان حرياً بنواب “الحزب” المدنيين، كما بنواب “الحركة” تقدّم جموع المواطنين يوم الأحد لدرء أي مخاطر عنهم، والضغط على العدو للانسحاب بدلاً من دفش الناس إلى مغامرة قابلة للاستثمار في شد الحبال الداخلي. جميل ومؤثر مشهد العائدين إلى قراهم، واختلاط العسكر بالمدنيين، وما نقلته الشاشات المُرضى عنها. لكن من خطط كان يعلم علم اليقين أن المخاطر عالية بعد طلب إسرائيل من “أمريكا” تمديداً لمهلة الانسحاب وهذا ما وافق عليه الـ Boss.
أول من أمس غامر “الحزب” بالأهالي وسلامتهم وغامر بالسلم الأهلي من خلال سماحه بالتحركات المستفزة لوحدة الموستيكات المركزية في مغدوشة ( بلدة ميشال موسى العاجز عن الاعتراض) ومحاولة “اختراق “عين الرمانة والأشرفية والاستعراض في الجميزة والطريق الجديدة وبرج حمود هاتفين كالمجانين: “شيعة شيعة شيعة” ظنهم سكان الدورة، لوهلة، من الأرمن الكاثوليك قبل جلاء الإنتماء. لم يصدر بيان واحد عن الثنائي يدعو فيه صبيته إلى الكفّ عن مثل هذه العراضات والاستفزازات في مناطق آمنة. ما ينطبق على التيوس ينطبق على الموستيكات. لا يتحرّك موكب أعلام من دون إيعاز.
تُرى هل لحظت مداولات الطائف دوراً خاصاً للأهالي وشرّعت تدخل الـ “موستيكات” في كل المناطق اللبنانية كوسيلة ضغط متى دعت الحاجة الميثاقية.