IMLebanon

«بيرقصو من دون دفّ»  

 

لم يكن ينقص المشهد السياسي الداخلي الإنتخابات النيابية العامة المقرر إجراؤها في السادس من شهر أيار المقبل كي تتكشف النيات وتظهر «عواطف» الصف السياسي تجاه بعضهم البعض… فلقد تحوّل القوم الى من يصح فيهم القول «ناطرين ع الكوع». ذلك أن كلاً منهم ينتظر الآخر على منعطف خطأ هنا، وتعثر هناك أو ثغرة هنالك ليتناوله تعميماً فتشهيراً فاصطناع البطولة. وهي بطولات فارغة من أي مضمون. حتى إذا كان موقف الطرف الآخر إيجابياً فعلاً جرى تحوير الوقائع وربما تزويرها. تلك حالهم قبل الإنتخابات فكم بالحري في صراعهم المحموم على الطريق اليها.

 

وهذا المشهد أبعد ما يكون عن الديموقراطية. إن الإنتخابات هي أسطع تعبير عن الديموقراطية. إنما القوم، عندنا، يقبلون على هذا الإستحقاق المهم بروحية قبلية، وبأحقاد تدميرية. حتى لو قُدِّر لأي منهم أن يلغي الآخر من الوجود السياسي لما تلكأ لحظة واحدة…

و«الإرهاصات» تنذر بأننا مقبلون على «معركة كسر عظم». ومن حسن التقادير أن هناك قانوناً قائماً على النسبية، بالرغم من الثغرات العديدة فيه. وإلاّ لكنا رأينا كثيراً من الرؤوس التي ستتدحرج في أيار المقبل.

والبعض يأذن لنفسه أن يلجأ الى الكذب، والبعض الآخر الى النفاق، والبعض الثالث الى التزوير (…) وكلّ شيء مباح في سبيل الهدف الذي يبرّر الأسلوب، في نظرهم.

إنها حال من الإنحطاط السياسي غير مسبوقة، وهي أسوأ مثال يُطرح أمام الرأي العام، ويعطي الأجيال الطالعة ما يراكم عندها القرف وحتى الكفر… خصوصاً أنّ الشباب وبالذات خريجو الجامعات وأصحاب الكفاءات يتوافدون أفواجاً إلى السفارات بحثاً عن تأشيرات الدخول في سبيل إيجاد الوظائف التي توفر لهم اللقمة بكرامة.

إن ما نستمع إليه ونقرأه من بيانات وتصريحات ومواقف في مقابلات ومناسبات ومؤتمرات صحافية يكشف إنحطاطاً مروّعاً حتى ليصح فيه القول المأثور للصحافي الكبير المرحوم رشدي المعلوف الذي كثيراً ما نقتبسه في هذه الزاوية، وهو: «ما عدنا نخشى السقوط لأنه لم يعد تحتنا تحت».

وفي تقديرنا أنّ الإصرار على إجراء الإنتخابات في موعدها، بعد طول تأجيل مكرّر، هو إنجاز ليس فقط لأنّ إجراءها هو واجب وطني ودستوري، إنما كذلك لأنه يعرّي بعض السياسيين وبعض الدخلاء على العمل الوطني والسياسي وبعض منتهزي الفرص من أي ورقة تين… على أمل أن يتحلّى المواطنون (الناخبون تحديداً) بالوعي المطلوب ليميزوا بين الغث والثمين، بين الكاذب والصادق، بين الإنتهازي والأصيل، بين المستحق والمتسلّق على أكتاف الآخرين، بين الوفي ورامي الأحجار في بئر الوفاء…

لسنا ندري إلى من نتوجّه معربين عن رغبة وأمنية في أن تكون الإنتخابات الآتية مجالاً لمنافسة شريفة يخوض فرسان السياسة الغمار في مرمحها فيصل من يختاره الناس بملء الحرية والإرادة، وبتصميم على التغيير.

وليت المواطن – الناخب يدرك أنّ القرار في يده، وإنه هو (ولا أحد سواه) يملك القدرة على إيصال من يرى فيه جسر عبور الى الدولة… هذا المواطن «ينق» طويلاً، وعند الإقتراع يترك إقتناعه خارج الصندوقة! وتلك ثالثة الأثافي!