IMLebanon

فلسفة الامتحانات.. لا سياستها!

يحاول تربويون وأساتذة ومعلمون فك ألغاز ما يسمى سياسة الامتحانات الرسمية الجديدة. يسعون الى معرفة ما يدور في ذهن المعنيين عن هذا الإستحقاق التربوي والتعليمي المرتبط بالشهادة الرسمية. ونحن أيضاً تابعنا خلال الأسابيع الماضية ما أعلنه وزير التربية الياس بو صعب عن سياسة جديدة للإمتحانات تقوم على التطوير عبر مشروع زيادة المراكز وخفض عدد المرشحين وزيادة أعداد المراقبين، الى إجراءات أخرى تتعلق بالأسئلة والتصحيح وقبل ذلك أسسه، من دون أن تعلن تفاصيل محددة، على الرغم من اقتراب موعد الامتحانات. وهو أمر استغربه الأساتذة والمعنيون بهذا الاستحقاق، باعتبار أن الوزارة كانت تضعهم بأي جديد يتعلق بالامتحانات وطبيعة الإجراءات المنوي اتخاذها، وذلك بهدف التحضير والإستعداد والمتابعة.

والحال أننا ندرك أن أي تغيير في سياسة الامتحانات، يبقى قراراً يتعلق بالوزير وفريقه، فيما إعادة النظر في فلسفة الإمتحانات ومفهومها ومعناها، يخضع لتقويم وقراءات ونقاش وأستفادة من أنظمة الامتحانات العديدة المتداولة عالمياً وفلسفاتها، وما إذا كان في الإمكان تطبيقها في لبنان. نبلور تصوراً للإمتحانات الرسمية يستلهم فلسفة معينة، قبل أن نعتبرها مجرد إجراء إداري أو سياسة تبقى في حدود ما يصدر من قرارات، وهذا التصور يحتاج الى استشارة الخبراء والمتابعين، وهم الأساتذة في القطاعين العام والخاص بالدرجة الأولى، الى التربويين أيضاً، إذا أردنا أن نحدث نقلة نوعية في إجراء الامتحانات وكل ما يلحق بها. أما أن نقول أن الأمر شبه منجز ولا حاجة لأحد، فتلك مكابرة، قد ترتد سلباً على الإمتحانات والشهادة، ثم مستوى التعليم وأنواعه. وإذا كان من كلام يقال في الموضوع، فإن الامتحانات تحتاج دائماً للتقويم، الى تعديلات وإجراءات ضرورية للحفاظ على هيبتها. أما إذا كان الحديث يدور حول بنيتها وهيكلها ونظامها، وفلسفتها طبعاً، فيحتاج الأمر الى نقاش مستفيض ووضع تصورات ومقارنات مع أنظمة امتحانات عالمية، خصوصاً الأوروبية والأميركية والبريطانية، خصوصاً إذا ما كنا مقتنعين بأن نظام التعليم هو الأساس وصولاً الى الإمتحانات، فالإعداد يبدأ خلال سنوات الدراسة، لتكون الامتحانات مجرد اختبار وليس حاجزاً للتطور. أما تناول الامتحانات كمجرد إجراءات وقرارات، فذلك يدل الى قصور في مقاربتها وفي إمكان تطويرها ايضاً.

التصور الذي من شأنه ان يؤدي وظيفة في تطوير الامتحانات والدفع في عملية إصلاحها، لا يأتي من السياسة، بل من الفلسفة، أي فلسفة الامتحانات، تماماً كما يمكن أن نتحدث عن فلسفة التعليم وفلسفة الجامعة، كمدخل لكل إصلاح عميق. سياسة الامتحانات والجامعة والتعليم تقدم صيغة قابلة للتطبيق والتطوير، لكن الأساس يبقى المفهوم الفلسفي لها. نتحدث هنا عن ماهية الامتحانات للإنطلاق الى الامام وتحديثها. هذا هو الموضوع، قبل ان نتخذ قرارات لا تقدم ولا تؤخر!