IMLebanon

البابا يُشعل ثورة الإيمان

ثَبُتَ بالعين المجرّدة، ولشعوب الأرض بمختلف انتماءاتها وأديانها أن البابا فرنسيس ليس بابا الفاتيكان، بل بابا العالم.

وأقولها اليوم بالفم الملآن كأرثوذكسي مستقيم الرأي: على مثال هذا الراعي المعمّد بالإيمان والوداعة والمحبّة والانفتاح والتسامح يكون الرعاة، ويكون الذين أوصاهم السيد المسيح أن يعاملوا خرافهم، ويعتنوا بها، فالمحبة النقيّة هي مفتاح الإيمان.

وهي بالذات تملأ روح البابا فرنسيس. تملأ وجهه. تملأ ابتسامته الراعوية النقيّة. تملأ تواضعه وبساطته التي تغطّيه. وتملأ ثوبه الخالي من كل ما يزيّن عادة أثواب الأحبار ورجال الدين مع أثقال من الذهب، وربما الألماس.

ثوب عادي وشبه سيارة بلا سقف ولا زجاج ليتيح للمؤمنين أن يأتوا إليه، وللمتعبين وللمرضى، وللأطفال. ألَم يَقُل المعلّم دعوا الأطفال يأتون إليّ؟

إنه البابا الذي جاء في وقته، في اللحظة المناسبة، وقبل فوات الأوان. البابا الذي يفتقر العالم إلى أمثاله فتشبّهوا به على الأقل، والكلام موجّه إلى الرعاة الذين ضيّعوا جوهر المهمة التي أوكلت إليهم… مثلما ضيّعوا أو نسوا جوهر دور الراعي.

أوّلُ بابا يخطب أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس. أوّلُ بابا يخطب في افتتاح دورة الجمعيّة العموميّة للأمم المتحدة. أوّلُ بابا يفتح فصلاً جديداً في تاريخ البابويّة والكنيسة الغربيّة، اقتداءً بشفيعه القدّيس فرنسيس الأسيزي.

ذهب إلى الناس، إلى المتعبين، إلى الفقراء، إلى المضطهدين، إلى المحزونين، إلى الخائفين والقلقين، عوض أن تأتي الناس إليه.

في زمن الهجرة والمهاجرين والباحثين عن الأمان ولقمة العيش، ذكّر العالم بأنه هو من أبناء مهاجرين أيضاً. كما ذكّر الأميركيّين في خطابه على تلّة الكابيتول بأنهم جميعهم أبناء مهاجرين…

شعَر العالم أنه بقيادة البابا فرنسيس تستعيد الكنيسة دورها التبشيري والرسالي، في عالم قلّ فيه الإيمان وندرت المحبة، وسادت الماديّة الجامحة.

من الصعب، هنا في هذه العجالة، إنصاف رجل بهذه القامة، بهذا القدر من الندرة والشجاعة والفضيلة والإيمان.

فهو، باعتراف كبار في الفكر والمكانة، قبَس في ظلام، نفحة أمل ورجاء في عالم حائر ويائس، ضاعت فيه القيم وامحت القواعد والأخلاق، وطغت البدع، وعمّت الانحرافات.

هذا هو الراعي الذي يحاول بكل ما يملك من إيمان وصدق وإخلاص أن يعيد إلى البشرية التائهة خلف اللاشيء، اللاأحد، بعضاً من الأمل والإيمان.

هذا هو الراعي الذي يفتقر إليه العالم في هذا العصر البائس.