IMLebanon

الحاضر والغائب في سيدر: هل نتعلم درس كاغان؟

 

مؤتمر سيدر الدولي الذي تنظمه فرنسا من أجل لبنان يحتاج الى ما هو أكثر من العدّة التي يحملها الوفد اللبناني. والاحتجاج بضيق الوقت في زحام الحملات الانتخابية ليس عذرا مقنعا لمستثمرين نطلب مساهماتهم. فمن السهل على الخبراء الاقتصاديين والماليين وضع ٢٥٠ مشروعا تحت عنوان: البرنامج الاستثماري الوطني للبنى التحتية. ومن السهل أيضا على مجلس الوزراء أن يقرّ البرنامج بعد نقاش لساعات ويبشّر اللبنانيين بالأمل في الحصول على التزامات تصل الى ٢٣ مليار دولار للاستثمار في مشاريع على مدى ١٢ سنة. ولا بأس في ترك أسئلة من دون أجوبة. بعضها عن رؤية اقتصادية للبرنامج. وبعضها الآخر عن المنسي من المشاريع في مجالات الصحة والتعليم وأمور أخرى.

لكن من الصعب في النقاش الذي يشهده المؤتمر تجاهل الدرس الذي قدّمه في مؤتمر آخر البروفسور دانيال كاغان الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد على دوره في فهم الحوافز الانسانية في القرارات الاقتصادية. موجز الدرس انه لا أحد يتخذ قرارا بناء على رقم، فالكل في حاجة الى قصة. ومن المبكر القول ان التسليم باشراف البنك الدولي على الانفاق وانجاز المشاريع يكفي كقصة مشجعة للمستثمرين من بين عشرات القصص عن الفساد والرشوات والهدر في انفاق المال العام ومعظمه بالقروض.

 

ذلك ان علينا تدبير أجوبة عن أسئلة الحاضرين في المؤتمر. فماذا لو سألوا، ونحن نطلب مليارات الدولارات لتحسين البنية التحتية من كهرباء وماء وطرق، عن التقصير في مشاريع البنية التحتية على مدى ربع قرن وصل الدين العام فيه الى ثمانين مليار دولار؟ ماذا لو سألوا عن اصلاح المالية العامة وموازنة العام ٢٠١٨ التي عمل مجلس الوزراء ويعمل المجلس النيابي على سلقها لتكون جاهزة عشيّة المؤتمر؟ أية موازنة واستثمارات حين يكون في مشروع الموازنة ٢١ مليار دولار لخدمة الدين العام والرواتب والأجور وعجز الكهرباء من أصل الانفاق العام المقدّر ب ٢٣،٨٥٤ مليار دولار؟ ومتى يمكن، لا بدء خفض الدين العام بل مجرد وقف عدّاد التصاعد في الدين العام الذي سيصل الى ٨٥ مليار دولار في نهاية العام الحالي؟

فرنسا المتحمّسة لانقاذ لبنان واقتصاده على الرغم منّا ومن التراشق بالفساد والفضائح بين أهل السلطة من دون تقديم أي فاسد كبير الى القضاء، هي فرنسا التي يحقق قضاؤها مع الرئيس السابق نيقولا ساركوزي بتهمة تلقيه ملايين الدولارات من القذافي للانفاق على معركته الانتخابية؟ فماذا لو سأل الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يفتتح مؤتمر سيدر عن تمويل الحملات الانتخابية في لبنان والأحاديث المعلنة عن الدعم المالي من هذه الدولة العربية وتلك الدولة الشرق أوسطية؟