IMLebanon

الرّئاسة والوكالة الفرنسيّة

 

 

كأنّه يتوجّب على الجميع في لبنان أن ينخرط في أوهام تصديق سيناريو الوكالة الأميركيّة للرئاسة الفرنسيّة الماكرونيّة لحلّ عقدة انتخاب الرّئيس، كأنّنا عشيّة أيلول العام 1989 عندما أقفلت السفارة الأميركيّة أبوابها في عوكر واستمرّت غائبة عن لبنان حتى تشرين الثاني من العام 1990، تاركة البلاد ساحة دمار وخراب ومرتعاً للسّفير الفرنسي سيّئ الذّكر رينيه أللّا ومغامرة فرنسوا ميتران الغبيّة في المراهنة على جنرال أنهى مغامرته المدمّره بالهروب بملالة عسكريّة خوفاً على حياته من قصف الطيران السوري إلى السفارة الفرنسيّة في مار تقلا ـ الحازميّة.

 

لن تختلف إدارة فرنسا أيمانويل ماكرون ـ الذي استوقفتني إجابته بالأمس عن سبب زواجه من معلّمته بريجيت بأنّها كانت تعلّمه المسرح ولم تكن تعلّمه الرياضيّات ـ عن الإدارة الفرنسيّة الفاشلة للملف اللبنانيّة ما بين الرؤساء فرنسوا ميتران أو نيكولا ساركوزي أو أيمانويل ماكرون، راجعوا إدارة الثلاثة لحلحلة العُقد اللبنانيّة منذ العام 1989 كلّها باءت بالفشل الذّريع، على الأقلّ أيّ تقييم فعلي لتجربة أيمانويل ماكرون في لبنان منذ تفجير مرفأ بيروت ومسارعته إلى تصدّر الصّورة الرّسمية اللبنانيّة وإعلانه مهلة الخمسة عشر يوماً لتشكيل حكومة باءت محاولة تشكيلها بالفشل مرتيّن واستغرقت العمليّة عاماً كاملاً، ترك الفرقاء اللبنانيّون الرّئيس الفرنسي في وضع محرج جدّاً أمام المجتمع الدّولي بعدما تيقّن أنّه عاجز عن الحلّ والرّبط في لبنان، وأنّ الفاعل والمتحكّم الوحيد في المشهد هو حزب الله الذي نجح في فرض المشهد الأخير على الجميع بفعل المرونة الفرنسيّة مع الحزب من وراء ظهر الفرقاء اللبنانيّين الآخرين،ألم يرتكب نيكولا ساركوزي المتكبّر أخطاء مميتة بحقّ لبنان عندما عوّم بشّار الأسد في قمّة دول البحر المتوسط مقابل صفقة طائرات قطريّة، ثمّ أرسل إلينا وزير خارجيته (مع طبليّته) برنار كوشنير يلقي علينا دروس الديبلوماسية الفرنسية الفاشلة فجرجر النّواب ممثّلي الفرقاء اللبنانيّين إلى مؤتمر سان كلو وعندما نزل الجميع من الباص وارتفع صوت إيران في طلب وطرح المثالثة نفض الجميع يده وتبرّأ من الرّغبة في عقد اجتماعي جديد، فاستناداً إلى ماذا علينا أن نثق بمحاولات الرئيس الفرنسي الذي لعّبه فرقاء لبنان “عالشّكَر بَكَر”!

 

مجدّداً علينا أن لا نعلّق الكثير من الأهميّة على الوكالة الأميركيّة للرّئيس الفرنسي للعب دور ما يُسرّع عمليّة انتخاب رئيس للجمهوريّة، الفراغ الأميركي يعمّ منطقتي الشّرق الأوسط والخليج العربي، وحده لبنان يُعهد به إلى فرنسا في أوقات الإنشغال الأميركي تحت وطأة ما كان في سالف العصر والأوان وباعتبار رعايتها لتأسيس لبنان الكبير، من دون التنبّه إلى أنّ فرنسا اليوم غير تلك التي كانت قبل مئة عام!

 

وحدهم اللبنانيّون لم يعلّقوا آمالاً على مبادرة الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون لسببين: الأوّل قدرات الرئيس الفرنسي على التأثير الفعلي على الفرقاء اللبنانيين، والآخر أنّهم -أي الفقهاء- خير من يعرف مصير المبادرات الكثيرة التي مرّت على رؤوس اللبنانيين خلال الحرب الأهليّة وباءت بالفشل، فما الذي قد ينتظرونه مجدّداً على مستوى انتخاب رئيس للبلاد يعرفون أنّ حزب الله يراهن على الموت البطيء لجميع مسارات الدولة ومؤسساتها وحالة الاستسلام التي انخرط فيها الشّعب اللبناني إلى حدّ الانتحار الذّاتي وحال المنطقة وكلّ قضاياها والحلول المؤجّلة، وبطاريّات الباتريوت الأميركية التي سبق وسحبتها أميركا من السعوديّة وها هي اليوم تستعجل إرسالها إلى أوكرانيا، ما يحدث بين دول الغرب وروسيا أهمّ بكثير من انتخاب رئيس للبنان لن يقدّم ولن يؤخّر في حلّ مشاكل لبنان وكائناً من كان هذا الرئيس فإنّ العصيّ الإيرانيّة الكثيرة تن تظر لتعرقل دواليبه بواسطة حزب الله!