IMLebanon

الرئاسة في زمن التحدي؟!

جاء لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل ومع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في بكركي بمستوى رد الاعتبار للقرار الماروني من غير حاجة الى ان يؤدي ذلك الى اعتباره وضع سقف للكلام المسيحي الذي من الواجب اخذه في الاعتبار الوطني والميثاقي من دون الوصول بالموقف  الى حدود التضامن على من بوسعه  ان يعبر  عن رأي الموارنة، ان لجهة تحديد السلة المطلبية او لجهة فرض سلة امر واقع على رأس السلطة الدينية قبل ان تتطور الامور الى حد اعداد العدة لرفض كل ما من شأنه ان يزيل التشنج السياسي عن وجه المطالب بتحسين اداء السلطة الواجب ان تكون من ضمن الميثاقية الوطنية قبل كل شيء اخر؟!

ان الميثاقية التي تكرر الكلام عليها اخيرا لا يعقل ان يكون مجرد تطفل سياسي ازاءها في حال كانت رغبة بالتفاهم على اعطاء كل ذي حق حقه، وليس من بوسعه كسر شوكة المسيحيين عموما، والموارنة خصوصا عند تفاهم الحد الادنى بينهم، فيما كانت الامور تجري في السابق على اساس كسر رغبة المسيحية، حيث لا يرغبون في ذلك، لان الميثاقية تعني التفاهم السياسي على كل شيء والا لن تكون ميثاقية من غير حاجة الى اعطاء الموارنة حقهم في الوجود الوطني الذي لا يزال يتنازعه غير المسيحيين لعدة اعتبارات في مقدمة فرض الرأي على الموارنة اولا، ومن ثم اخذ الامور بالاتجاه الذي يخدم المصلحة العامة، وكي لا يقال ان المسيحيين هم ما يجب ان يسألوا عن التفريط بحقوقهم الوطنية والسيادية؟!

هذه الصورة لا تشكل وجهة نظـر بقدر ما تعني التعامل مع الواقع السياسي الذي يحدد الاطار الوطني للعمل السياسي هذا في حال كانت رغبة بالوصول الى حل لجهة الانتخابات الرئاسية التي بلغت ذروة التراجع الوطني جراء مرور سنتين واربعة اشهر من دون ان يبدو ان الشغور مرشح لان يملأ بطريقة دستورية من شأنها وصول كل شريحة وطنية الى ما تسعى اليه من مشاركة في حكم البلد بحسب نصوص ديموقراطية لم يعرف احد كيف يضعها في مستوى راق من العمل السياسي الذي لا يسير في الاتجاه الصحيح والسليم منذ تكررت الدعوات الى عقد جلسات لانتخاب الرئيس من غير ان تتكرس الرئاسة، ربما لان الحوار لم يحترم، او لان اللغة السياسية التي يحاول البعض فرضها على الفريق المسيحي اجبرته على تجاهل المشاركة في شكلها الدستوري – القانوني.

ان فشل السياسة في المشاركة الجماعية كعرف وكدستور لم تعد واردة لان بعضهم يحاول احتكار السلطة كما سبق القول منذ اكثر من سنتين تكرر خلالها البذخ السياسي ليس لان بعضهم لا يريد انتخابات رئاسية بل لانه يريدها على قياس مصلحته الخاصة، والا فان الفراغ الرئاسي سيتكرر شاء من شاء وابى من ابى، طالما ان الحسابات الخارجية تتحكم بمصالح البعض وبقرارهم، اضف الى ذلك ان القرار يكاد يفلت من بين ايدي اللبنانيين ليس فيه مصالح ما يعزز الوحدة الوطنية (…)

من حيث المبدأ، ظهر بوضوح ان مجالات العمل السياسي لم تعد محسوبة ميثاقيا على  رغم الكثير من الاخطاء في الممارسة وفي التعبير عن وجهة نظر. لقد قيل ان رئيس مجلس النواب نبيه بري هو الاساس في الحوار، لكن الحوار الذي بدأ من خلال القادة السياسيين خرج من دائرة التحكم بما هو مطلوب، لاسيما ان وراء كل عقدة مطلبا سياسيا ومصالح خاصة يفهم منها ان لا مجال للتحكم بالقرار السياسي المعقد اصلا حيث لا اعتبارات تتحكم بالامور السياسية التي بلغت ذروة الكلام في العموميات من غير حاجة ان تكون فيها دلالة على رمي الكرة في ملعب الاخرين غير المتفقين اساسا على البقاء في دائرة التباين، حيث ثمة من يحاول فرض رأيه على الاخرين، الى ان صدر موقف عن بكركي لوح فيه البطريرك الراعي باتخاذ ما يفرضه الواقع لتصحيح الخلل من بين الجهتين الاساسيتين في الملعب الماروني التيار الوطني وحزب القوات اللبنانية.

ان اجتماع بكركي لم يحصل لجس نبض سياسي ماروني، بل لافهام من لم يفهم بعد ضرورة تخطي التباينات الشخصية وصولا الى تفاهم اصولي على كل ما من شأنه ان يعزز الموقف الماروني – الوطني والميثاقي، الا من الذي جعل القرار الماروني الذي سيصدر غدا عن اجتماع مجلس المطارنة حدا فاصلا بين من يريد السير قدما بانتخاب رئيس جمهورية وبين من يخاف ان يصل الى هذا الحد الفاصل الذي يسمح بالقول ان لا مجال للعب على الواقع المسيحي بحسب من هو مرشح الصدور عن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري قبل ان تتطور الامور نحو الاسوأ؟!