IMLebanon

رئاسة المجلس خلال أسبوعين .. والحكومة في المجهول

 

 

كنا نظن أنّ هذه الانتخابات ستعطي حزب الله أكثرية مريحة، تمكّنه من مدّ سيطرته على البلد بطريقة شرعية… لكن حسابات الحقل لم تنطبق على حسابات البيدر، إذ تمكّنت «القوات اللبنانية» من فرض نفسها، كممثل حقيقي للمسيحيين… وانّ التيار الوطني الحر، ولولا الأصوات الشيعية الرافدة له بسخاء، تراجع الى مستويات تكاد شعبيته تكون شبه معدومة.. والأمثلة واضحة للعيان بدءاً بجزين، مروراً ببعبدا وغيرها من المناطق. والأغرب من هذا كله، ان ثلاثة أشخاص ممّن كانوا تولوا شؤون وزارة الطاقة فأهدروا ما يزيد على الـ65 مليار دولار أميركي من أجل الكهرباء ولا كهرباء ولا معامل.. هؤلاء انتخبهم مناصرو «التيار» نواباً في المجلس الجديد… وهذا بحد ذاته عارٌ على جبين كل لبناني ساهم في انتخابهم، بل هي جريمة كبرى في حق الوطن… ولا أعلم حقاً من انتخبهم، ولا أريد هنا أن أؤيّد أو أعارض ما جرى من تأخير لبعض النتائج… والمصيبة الكبرى ان عدداً كبيراً من المرشحين سقطوا ثم نجحوا، ولا أعرف كيف تمّ ذلك، وعدداً آخر نجحوا ثم سقطوا… وهذه تثير شكوكاً بالتزوير.

 

على كل حال، لا يمكن في بلد مثل لبنان أن تُـجرى انتخابات نظيفة، بوجود أمراض مزمنة ومعروفة، وأبرزها الطائفية والمذهبية والعائلية. وأشير الى ان عنصراً جديداً برز أيضاً هو عنصر المال، إذ ان عدداً كبيراً من رجال الأعمال صاروا يرغبون بأن يكونوا زعماء سياسيين.. وللأسف فإنّ عنصر المال يمكن أن يوصلهم الى النيابة.

 

بعد الانتخابات… يأتي دور انتخاب رئيس لمجلس النواب الجديد مع انتخاب هيئة المجلس ومكتبه. فحسب المادة الأولى من النظام الداخلي للمجلس وعطفاً على المادة 44 من الدستور يكون رئيس المجلس الجديد هو أكبر النواب سنّاً بصورة موقتة، وبما أنّ الرئيس نبيه بري هو الأكبر سناً، لذلك فإنّ موضوع رئاسة المجلس شبه محسومة، أما بالنسبة لنائب رئيس المجلس فإنّ هناك مشكلة بين التيار والقوات، لأنّ التيار سوف يرشّح الياس بوصعب في حين سترشح القوات غسّان حاصباني.

 

صحيح أنّ لا بديل للرئيس نبيه بري، ولكن أتمنى أن يتصرّف النواب الجدد بعقلانية وحكمة، لأنهم سوف يجدون، ان دولته هو صمّام الامان للبلد وللمجلس النيابي… وللتذكير هنا لا بد من العودة الى الماضي، يوم احتدم الصراع أيام «داعش»، إذ لجأ الرئيس بري الى إنشاء لجنة مؤلفة من تيار المستقبل وكان يمثلهم يومذاك وزير الداخلية الزميل نهاد المشنوق ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري.

 

وهذه الطاولة نقلت الصراع القائم بين مؤيدين للنظام السوري ومعارضين له، مع وجود جماعة على الحياد. وللتذكير فإنّ السيّد نصرالله صرّح في تلك الفترة انه سيرسل المقاتلين للدفاع عن الأماكن المقدسة وعن النظام ولا أحد يستطيع أن يمنعه…

 

على كل حال، موضوع انتخاب رئيس للمجلس ونائب له وهيئة المكتب، تبقى مشكلة صغيرة أمام المشكلة الأكبر وهي مشكلة تشكيل الحكومة.. إذ ان هناك عدة أسئلة مطروحة في هذا الموضوع:

 

السؤال الأول: هل يمكن الاتفاق على اسم رئيس للحكومة؟ أظن انه من الصعب جداً، أن يُصار الى الاتفاق على رئيس للحكومة… وعلى كل حال، حتى لو افترضنا اننا استطعنا أن نتفق على اسم رئيس الحكومة فإنّ مرحلة أكثر صعوبة ستأتي وهي التشكيل. وهنا الطامة الكبرى. فبالعودة الى تاريخ تشكيل الحكومات بعد وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد، وخاصة بعد خروج السوريين من لبنان بعد اغتيال شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري صارت عملية تشكيل الحكومات أصعب.

 

إذ كان لكل حكومة ستشكل مدة طويلة تحتاجها لإتمام اتفاق بين جميع الاطراف في لبنان، وقد يأخذ الامر عاماً على الاقل.

 

والسؤال اليوم: ما هي المدة التي تحتاجها لتشكيل حكومة؟

 

كذلك فإنّ وضعنا اليوم يشبه الى حد كبير وضع العراق بعد الانتخابات النيابية هناك، لقد مرّت الأوقات وليس هناك أي أمل بتشكيل حكومة قريباً..

 

المصيبة الكبرى أنّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحياتية كلها أصبحت في حالة كارثية، لذلك يتساءل اللبنانيون وبمرارة… ما هو الحلّ؟!!