IMLebanon

العقدة الرئاسيّة في عدم إيجاد إسم… أم في فقدان الثقة بين الأفرقاء؟! الخارج غير قادر على فرض أيّ مُرشح

 

تتحرّك المكوّنات السياسية في لبنان ضمن هامش إجراء الإنتخابات الرئاسية في حزيران المقبل، ووفق وجوب الدعوة الى الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية في 15 منه كحدّ أقصى، على ما سبق وأن طالب رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وانتخاب الرئيس، أكان سيحصل قبل هذا التاريخ بيوم أو بعده بيوم أو أكثر، إلا أنّه من المهم وضع تاريخ محدّد لكي تشعر جميع المكوّنات السياسية بأنّه عليها اتخاذ قرار نهائي ضمنه. كما من المهم أيضاً التوصّل الى إنتاج رئيس بتوافق أو تسوية داخلية، يجد البعض أنّها أصبحت في خبر كان، فيما تؤكد أوساط كلَ من «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» أن لا عودة الى الوراء في التفاهم بينهما على إسم المرشح للرئاسة، وإن لم يتمّ التوافق على إسم الوزير السابق جهاد أزعور، لأنّ الخارج ليس بصدد فرض أي مرشح على المسؤولين اللبنانيين، ليس لأنه لا يريد بل لأنه غير قادر على تحقيق ذلك حتى الآن.

 

تقول مصادر سياسية مطلعة بأنّه في الوقت الذي يُحكى فيه عن أن شخص الرئيس ليس هو الذي يجري التفتيش عنه، إنما عن رؤيته للبنان وللملفات التي سيعمل عليها طوال عهده، أظهرت المفاوضات الأخيرة التي اصطدمت بحائط مسدود بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» على إسم أزعور، أن النقاش يحصل على إسم الرئيس، وأنّ ثمة صعوبة بالتالي في إيجاده. فغربلة الأسماء أفضت الى إسم أزعور، لتنتهي فيما بعد بعدم التوافق عليه. وتؤكد أوساط الحزبين أنّ صفحة أزعور قد طُويت، وأن اسمه لم يعد موجوداً ضمن السباق الرئاسي.

 

وهذا الأمر أدّى الى إقفال الباب على أي تفاهم بينهما، على ما ألمح البعض، ليعود البعض الآخر ليجزم أن لا عودة الى الوراء فيما يتعلّق بالتوافق بين الحزبين على إسم رئيس الجمهورية المقبل. ولأنّ هناك توافقا مبدئيا على إسم الوزير السابق زياد بارود، فإنّ التواصل بين الحزبين على إسمه أو أي إسم آخر لا يجب أن يتوقف، بل أن يستمر توصلاً الى إيجاد الاسم التوافقي الذي يمكن أن يقبل به «الثنائي الشيعي».

 

ومن هنا، يبدو أن المشكلة المطروحة حالياً هي مشكلة إسم، على ما أضافت المصادر، أي على إسم شخصية يمكن التوافق عليها بين جميع المكونات السياسية، كون «الوطني الحر» ليس بصدد الاتفاق مع قوى المعارضة على إسم معيّن للوقوف الى جانبها ومواجهة حزب الله به، إنما بهدف الى توسيع مروحة التفاهم عليه من خلال حمل هذا الإسم إلى الحزب، والتوافق مع «الثنائي الشيعي» عليه لتأمين النصاب القانوني له، مقابل التخلّي عن دعم مرشحه للرئاسة. غير أنّ الحزب لم يقبل بأزعور لاعتبارات عدة، ولهذا سقطت التسوية. ولكن في المقابل، لا تزال القوى «التغييرية» تتمسّك بإسمه من بين الأسماء التي تتداول بها، رغم معرفتها بأنّها لن تتمكن من أن تحصّل له مع حلفائها أصواتاً أكثر من تلك التي حصل عليها مرشحها النائب ميشال معوض خلال جلسات الانتخاب الـ ١١ السابقة، والتي وصلت في حدها الأقصى الى ما بين 44 و 49 صوتاً.

 

وترى المصادر نفسها بأنّ اسم بارود يُشكّل استحساناً لدى شريحة واسعة من الشعب اللبناني، في حال جرى التوافق على اسمه كرئيس إنقاذي يحمل مشروعاً، كما أنّه لا يُمثّل أي إحراج للفريق الآخر. غير أنّ التوافق على اسمه أو أي إسم آخر لم يحصل حتى الآن. ولعلّ السبب الرئيسي في ذلك هو عدم وجود الثقة بين المكوّنات السياسية المتحاورة، فكلّ منها يبحث عن مصلحته الشخصية من الإسم الذي يطرحه قبل التفكير بمصلحة الوطن. علماً بأنّ الرئيس، أياً يكن، لن يتمكن من إحداث أي تغيير كبير في ظل النظام القائم حالياً.

 

وعن تدخّل الخارج في الملف الرئاسي وامكانية فرض إسم الرئيس، في حال وصل البلد الى مرحلة الشغور على مستوى حاكمية مصرف لبنان في تموز المقبل من دون انتخاب الرئيس قبل هذا التاريخ، أكّدت المصادر أنّ الخارج لا يعمل على الضغط من أجل إيصال مرشح معين الى قصر بعبدا، لأنّه يعلم بأنّ فرض الرئيس على الفريق الآخر، أياً يكن، لن يؤدي الى نجاح العهد. كما يدرك بأنّ ليس بإمكانه القيام بهذه الخطوة لأنّ تأمين النصاب القانوني لجلسة الإنتخاب أي الـ 86 صوتاً ليس بالأمر السهل، في ظل عدم وجود أكثرية مطلقة أو حاكمة في المجلس النيابي لدى أي من الفريقين.

 

من هنا، فإن ايجاد شخصية لا تشكل إحراجاً أو استفزازاً لكلّ من الفريقين هي العقدة، على ما شدّدت المصادر عينها، رغم حديث الكثيرين عن أنّ الإسم غير مؤثر ويمكن أن يتم اسقاطه فور الاتفاق على البرنامج. والبرنامج، مهما كان جيداً، لا يمكن لرئيس الجمهورية تنفيذه بمفرده، بل يحتاج الى جانبه حكومة قادرة على الانقاذ وداعمة لمواقفه وليس العكس. ولهذا يُخشى من أن يتم انتخاب الرئيس من دون تسوية شاملة، ما قد يعيد تكرار القصة نفسها في كل مرة، وهي تكليف رئيس الحكومة، ومن ثم احتفاظه بورقة التكليف في جيبه لأشهر طويلة قد تمتد الى سنة من دون تشكيل الحكومة. الأمر الذي من شأنه اعاقة عهد أي رئيس وشلّه وتعطيله، على غرار ما حصل في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي جرى هدر نصف عمره في انتظار تشكيل الحكومات، أو في ظل حكومة مستقيلة غير منتجة تقوم بتصريف الاعمال فقط.

 

وصحيح بأنّ الغاية هي انتظام البلد وليس فقط انتخاب الرئيس، على ما عقّبت المصادر، غير أنّ التوافق على إسم من شأنه تسهيل عملية الانتخاب، كما عهد الرئيس المقبل وتشكيل الحكومة. فيما استمرار المناكفات لن يُفضي الى عهد هادىء ومستقر ومزدهر. ولهذا لا بدّ من استكمال التفتيش عن إسم مشترك يحوز على موافقة الكتل المسيحية و»الثنائي الشيعي» معاً، لأنّه في ما عدا ذلك، فإنّ الشغور الرئاسي في لبنان سيستمرّ الى ما بعد بعد تموز المقبل، وإن جرى حلّ إشكالية تعيين خلف الحاكم من دون وجود رئيس للجمهورية.