IMLebanon

الشغور حتى نهاية السنة أو مطلع الربيع!

 

اي مدى زمني يمكن ان يبلغ #الشغور الرئاسي ؟ هل سيكون لاسابيع او لاشهر او لسنين على غرار ما سبق وصول الرئيس السابق #ميشال عون في 2016 ؟

 

في حمأة الغرق في تفاصيل نهاية الولاية الرئاسية العونية فورا بعد احتفال التوقيع على ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل فان قلة اولت اهتماما لتطورات اقليمية بدت لافتة في توقيتها وفي التساؤلات التي تفرضها. هذه التطورات تتصل بالعراق الذي شهد انتخاب رئيس للجمهورية في يوم الاعلان عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين #لبنان واسرائيل وشهد الاعلان عن تأليف حكومة جديدة في يوم التوقيع على الاتفاق في الناقورة . قد يكون الامر مجرد مصادفة ولكن الحدث العراقي لافت من زاويتين على الاقل : حصوله في ذروة تصاعد الاحتجاجات في ايران والمستمرة على خلفية مقتل الشابة مهسا اميني اثناء اعتقالها لدى شرطة الاخلاق بسبب عدم ارتداء الحجاب على نحو مناسب . وهو امر يفترض عدم حصول التطور العراقي وفق ما حصل بناء على تصاعد الوضع داخل ايران . والزاوية الثانية تتصل بواقع انه في الوقت كان الانتظار قائما بقوة في الاشهر الماضية لنتائج مفاوضات العودة الى العمل بالاتفاق النووي والمخاوف الكثيرة التي كانت ترافق ذلك خشية انعكاسه على تقوية نفوذ ايران في دول تقول انها تسيطر عليها كلبنان والعراق الى جانب سوريا واليمن ،كان هناك انقلاب في المشهد. فالعراق انتقل حيث المبدأ الى عودة الانتظام الى مؤسساته الدستورية مع اكتمال عام كامل على التعطيل الذي جعله مشابها للبنان الى حد كبير . ولبنان شهد توقيعا على اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل في ظل اعلان ” حزب الله” هذا التوقيع بانه انتصار كبير ، ايا تكن الاعتبارات الاقليمية او الدولية وحتى المحلية المتصلة بمدى ما بلغه الانهيار التي ادت الى الاتفاق. وحصل هذان التطوران على نحو استباقي لاستكمال المفاوضات على الاتفاق النووي وفي ظل منطق ايراني رافض لمناقشة النفوذ الايراني في المنطقة . وتسارع التطورات لم يسمح بعد بالتقاط كل العوامل التي ادت الى ذلك او باستكشاف المعطيات حولها ، ولكن الامر لافت في تفاصيله وابعاده المحتملة كذلك . اما موقف “حزب الله” من الترسيم فهو ليس مفاجئا في حد ذاته ما دام لبنان الرسمي لم يكن ليصل الى توقيع الاتفاق لولا موافقة الحزب ، ولكن المدى في التعبير الايجابي عنه من جانب الحزب مفاجىء على طريق ازالة كل التحفظات التي تظهر من هنا او هناك . وكان لافتا على نحو خاص حض الامين العام للحزب على العمل من اجل وضع الاتفاق موضع التنفيذ سريعا .

 

لا يحتمل الوضع الراهن شغورا طويلا مماثلا لما ادى الى انتخاب عون في حال كان الذهاب الى الترسيم يطوي رغبة في الذهاب الى امر ايجابي ومن اجل وضع البلد على طريق استعانته بثرواته وعدم القدرة على تحصيل اموال مجانية كما في السابق. ثمة حاجة ماسة للشغور لدى اطراف عدة يرغب البعض في استخدامه عامل ضغط على الاخرين فيما يرغب بعض اخر في ترتيب اوراقه لا سيما مع مغادرة عون قصر بعبدا والعرقلة المتمادية من جانبه في شكل خاص لكل الاستحقاقات الدستورية ما لم تلب مطالبه وفريقه ، وهي مطالب غير قابلة للتسييل لا سيما لرئيس يغادر مارس الكيدية على نحو اجبر عواصم عدة على عدم الضغط على الاخرين في الاونة الاخيرة لقبول شروطه . الدينامية السياسية من الان فصاعدا ستكون مختلفة لانه كان يصعب تجنب عون في موقعه كرئيس للجمهورية وهو غدا بعد ذلك فريقا كسائر الافرقاء له مواقفه فحسب. لا توقعات باطالة حال الشغور بناء على جملة عوامل منطقية، ولو ان الامور في لبنان لا تقاس دوما بالمنطق لان لكل طرف منطقه الخاص. ولكن مصادر ديبلوماسية غربية ضغطت ، ولو على نحو غير كاف حتى الان في انتظار انتهاء ولاية عون ، من اجل انتخاب رئيس جديد سريعا بعدما لم تضغط فعلا من اجل تأليف حكومة في نهاية الولاية العونية . وهي اخذت في الاعتبار ان عدم تأليف الحكومة هو في حد ذاته عامل ضاغط بامتياز . اذ سرعان ما سيشعر الاطراف السياسيون بوطأة ازدياد الانهيار وسيضطرون الى تحمل مسؤوليته . وهناك الواقع الضاغط للذهاب الى بدء اتفاق الترسيم البحري موضع التنفيذ وكذلك طلبات صندوق النقد الدولي. فالبلد في حال يرثى لها ولا يحتمل ترف اشهر من المناكفات قد تمتد الى ابعد من نهاية هذه السنة او مطلع السنة الجديدة على ابعد تقدير .

 

وللمفارقة تسري هذه المقاربة على نحو واسع لدى اطراف سياسيين عديدين في ظل اعتقاد ان الشغور سيتيح الفرصة امام انضاج ظروف تؤدي الى انتخاب رئيس جديد ليست متوافرة حتى الساعة . وهي تنسحب على تقويم مواقف الحزب ازاء الاستحقاق الرئاسي من زاوية انه لا يظهر نية تصادمية ، اقله في مقاربته حتى الان والتي يردها البعض الى واقع ان الحزب يحاذر تكرار تجربة عون فيما حصد الاخير ، وبحكم موقعه كرئيس للجمهورية ، كل السلبيات والكوارث التي حفلت بها ولايته على رغم ان له شركاء ولا سيما الحزب، اذا اخذت في الاعتبار السنوات الثلاث الاخيرة التي حفلت بعد انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 بقرارات عشوائية ادت الى انهيار مالي غير مسبوق. فيما لم تصل الانتقادات المباشرة الى حليفه الشيعي على رغم ان الجزء الاساسي من سلبيات الولاية العونية انه ترك البلد لنفوذ الحزب وقراره حتى لو كان عون او فريقه في الواجهة . والحزب كان ذكيا في تلقف الرسالة ولا يستطيع وفق ما يرى كثر تحمل مسؤولية ايصال رئيس يكرر تجربة عون لان ذلك يعني ببساطة استمرار الانهيار وتعميقه . وهو سيتحمل المسؤولية عن ذلك فيما ظهرت اخيرا مقاربات تظهره اكثر ايجابية، انما الامور ستكون رهنا بخواتيمها .