IMLebanon

تواطؤ مصري وصمت قطري على تبنّي مطالب إسرائيل | وقائع مناورة باريس: الأسرى مقابل الغذاء

 

تكشف تفاصيل ما يجري من مفاوضات بين الأطراف الإقليمية والدولية وقوى المقاومة، أن من يُطلق عليهم اسم «الوسطاء» ليسوا سوى أدوات ضغط تستخدم «معركة التجويع» بصورة مباشرة ضد المقاومة في غزة. ولم يعد خافياً على أحد أن الجانبين المصري والقطري لا يلعبان دور الوسيط الساعي إلى جسر الهوة بين متنازعين، بل يتصرفان بما يرضي الولايات المتحدة الأميركية التي غطّت كل مطالب العدو.وفي مراجعة لتفاصيل المفاوضات التي جرت منذ نحو ثلاثة أسابيع، يتبين أن المماطلة الإسرائيلية تمّت بغطاء أميركي وتواطؤ مصري وعربي، وكان الهدف الوحيد الذي قاله مدير الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز أمام مشاركين في الاجتماعات، أن الوضع المأساوي في قطاع غزة، يحتّم على أهل القطاع أولاً، الضغط على قياداتهم لأجل السير باتفاق. ونُقل عن أحد هؤلاء قوله: «قال الأميركيون صراحة ومن دون مواربة، على غزة مقايضة الأسرى بالغذاء».

وإذا كان الجانب القطري يظهر تعاطفاً مع الجانب الفلسطيني، ويحاول إضفاء الطابع الإنساني على مهمته، فإن الجانب المصري يتصرف بصلافة كبيرة، منطلقاً من أنه لا حول ولا قوة لأي طرف في مواجهة ما تريده أميركا وإسرائيل. وما يحصل عملياً، هو أن الأميركيين والإسرائيليين، يعرفون أن الجانب القطري لن يمارس الضغط الذي يريده الأميركيون، ولذلك طُلب إلى المصريين ممارسة أعلى مستوى من الضغوط على المقاومة، واتهامها بأنها «غير مسؤولة، لا في يوم قامت بعملية طوفان الأقصى ولا في إدارة المعركة العسكرية غير المتكافئة»، وأنها «تضع شروطاً غير آبهة بأحوال أبناء القطاع» وأن المقاومة «تتجاهل الحقائق القوية التي تقول بأنه لا يوجد في العالم اليوم من يقف إلى جانب الفلسطينيين حتى يطلبوا ما يطلبونه».

تخلّى الأميركيون عن «التهدئة المستدامة» وثبّتوا مواقع قوات الاحتلال وأفسحوا المجال لتحضيرات معركة رفح

 

وبحسب معلومات «الأخبار» فإن الجواب الرسمي والنهائي لم يصدر بعد عن حركة «حماس»، وإن الاتصالات جارية بين قيادة الحركة في الخارج وقيادة الحركة في الداخل، كذلك الاتصالات مع بقية الفصائل الفلسطينية. وبرغم أن المناخ يشير إلى مناخ سلبي سائد لدى المقاومة حتى اللحظة، إلا أن هناك «إشارات» ظهرت في مداولات بعيدة عن الإعلام، توحي بأن الوسيطين المصري والقطري تعهّدا للولايات المتحدة بأن الاتفاق سيكون ناجزاً قبل بداية شهر رمضان، وتفيد المعلومات، بأن ما أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن عن موعد قريب جداً، إنما هدفه وضع سقف لجميع الأطراف، وإنه يريد إلزام إسرائيل بإنجاز الاتفاق، لكنه يريد إلزام الوسيطين المصري والقطري بضرورة «إرغام» المقاومة على السير في الاتفاق.

أما في ما يتعلق بالمفاوضات والاتصالات الجارية حول الملف، فيمكن إيجازه بالآتي:

أولاً: إن ورقة إطار الاتفاق المعدّلة والتي أُقرت في 22 شباط الجاري وسُلّمت إلى حركة حماس، أطاحت بالورقة الأساسية التي سبق أن قُدّمت في 28 كانون الثاني الماضي، كما أطاحت بفكرة الهدنة الطويلة أو التهدئة المستدامة التي عُرض إنجازها على 3 مراحل. وقد تبيّن أن الولايات المتحدة ومصر وقطر تراجعت ووافقت على مسعى العدو إلى جعل الهدنة مقتصرة على هدنة تخصّ المرحلة الأولى فقط.

ثانياً: إن العدو تراجع، وبموافقة وتغطية الأطراف الثلاثة على إزالة كل البنود التي تفتح الباب أمام وقف مستدام لإطلاق النار كما وعدت المقاومة سابقاً. كما تراجع العدو عن فكرة الانسحاب التدريجي خلال تنفيذ المراحل الثلاث باتجاه حدود القطاع، وأعطت الورقة الجديدة قوات الاحتلال الحق باستمرار احتلالها مناطق واسعة من شمال وجنوب القطاع والإمساك بكل المنطقة الوسطى على جانبي وادي غزة.

ثالثاً: وافق الوسطاء الثلاثة على طلب العدو تحديد عودة سكان شمالي القطاع إلى منازلهم، وقبل الوسطاء بشرط العدو فصل أفراد العائلات، بعضهم عن بعض، وتمت الموافقة على أن تكون العودة محصورة بالنساء والأطفال والعجائز فقط. وذلك بحجة أن العدو يعتبر عودة الرجال بين 18 و60 سنة، بمثابة إحياء لتشيكلات حماس المدنية والعسكرية.

 

حماس لم تتخذ موقفها النهائي بعد، وتحريض عربي لسكان في غزة للانتفاضة في وجه حماس والمقاومة

 

رابعاً: تبيّن أن الأفكار الجديدة، إنما هي تجسيد للمقترحات التي عرضها المصريون سابقاً، على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وقد تم تعديل صياغتها بما يتناسب ومطالب العدو. وتبيّن أن الأفكار المقابلة التي قدّمها هنية للمصريين في وقت لاحق، لم يؤخذ بها، وتحدّث المصريون عن أنه لا إمكانية لتحقيق المزيد.

خامساً: مارس الجانب المصري الضغوط ليس فقط على حماس، بل على فصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، وكرّر حجته بأنه لا يوجد أحد في العالم قادرٌ على لي ذراع الولايات المتحدة أو إسرائيل، ومحاولة إقناع المقاومة بالسير في الاتفاق على قاعدة «خذ وطالب».

سادساً: ترافقت المفاوضات، مع توسيع رقعة عمل قوات الاحتلال في التجريف والتدمير والسيطرة على كل المعابر بين المدن والبلدات الكبيرة داخل القطاع من جهة، وبتحريض جهات فلسطينية محلية في القطاع على خلفية الضغط الإنساني، وقد جرى استغلال احتجاجات حصلت من قبل مجموعات من الأهالي بسبب الحصار والجوع، وتم العمل على تحريك جماعات تخص المصريين والسلطة الفلسطينية لمطالبة حماس بالقبول بالصفقة من أجل توفير متطلبات الحياة، وصولاً إلى تظهير أصوات تطالب المقاومة بإطلاق سراح جميع الأسرى من أجل رفع الحصار.

سابعا: ساهمت المفاوضات، في تظهير الموقف الأميركي الفعلي، الرافض لوقف شامل لإطلاق النار، والموافق على الطلبات الإسرائيلية، بما في ذلك منح العدو سلطة الإشراف على برنامج المساعدات المفترض إدخالها. كما دلّت الاتصالات، على أن المصريين ليسوا بعيدين عن برنامج العمل في الفترة اللاحقة، وقد أبلغ المصريون الجانب الفلسطيني، بأن اتفاقاً جرى مع الأميركيين ومع قوات الاحتلال، لتسريع عمليات بناء مراكز جديدة لنقل مئات الألوف من النازحين من منطقة رفح خلال فترة الهدنة. وترافق ذلك مع المسرحية المصرية – الأردنية – الإماراتية – الفرنسية التي جرت تحت عنوان «مساعدات النشامى» والتي تمثل فضيحة لهذه الدول، والتي تسعى إلى إرضاء شعوبها بالحديث عن دورها في إيصال المساعدات. علماً أنه جرت خلال المفاوضات الإشارة بوضوح، إلى أن العدو يريد القيام بعملية عسكرية (بمعزل عن طبيعتها وحجمها) في رفح مباشرة بعد انتهاء الهدنة الخاصة بهذا الاتفاق.