IMLebanon

وقائع من الانقلاب التركي الى حوادث لبنان العام ١٩٧٥

 

وقائع من الانقلاب التركي الى حوادث لبنان العام ١٩٧٥

جمهورية محاصَرة بالفساد والرشوات والعيوب

وبري وسلام والحريري بين المغرب وموريتانيا

عندما وقف رجب الطيب اردوغان، في وداع ضحايا الانقلاب التركي، وشاهد الناس الى جانبه، الرئيس السابق للدولة عبدالله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، أدركوا أن الرئيس الجديد للبلاد، يتكئ على أصدقائه السابقين في السلطة، وان شبقه الى السلطة اكتملت مفاعيله، ذلك أن الرجل الذي رضخ سنوات لقرار يحول دون صعوده الى المواقع الأولى، تحرر من تلك الموانع، وتخلص من صديقه القديم عبدالله غول، وتحرر من نفوذ وزير خارجيته سابقاً، ورئيس وزرائه فيما بعد السيد أوغلو، وراح يعزز أحلامه وطموحاته بأن يرئس الجمهورية التركية، والى جانب رئيس وزراء جديد.

والسؤال الذي يتردد الآن: هل تقف طموحات اردوغان، عند تصفية ضباط الجيش والقضاة، والموظفين، أم أنه سيستغل ما حدث لانشاء دولته؟

لا أحد يدرك حدود طموحات رائد الحكم الاسلامي الجديد في اسطمبول وأنقره، أم انه يخطط لما هو أبعد من ذلك.

في العام ١٤٥٣، قاد محمد الفاتح جحافل الجيش التركي، واقتحم أجمل مدينة في التاريخ، ومن قلب اسطمبول أعلنت بداية التاريخ الحديث.

وعندما اعتلى السلطة القائد التاريخي لتركيا اتاتورك أخذ يراود الأتراك الحلم الكبير بسيادة النظام العلماني في طول البلاد وعرضها، وأخذت العلمانية دستوراً جديداً لتركيا، في معظم العصور، وأضحى اردوغان قائداً لا يشار اليه الا بالتعظيم والجلال والتقدير.

الا ان الجيش التركي، لم يستطع، على الرغم من قوته وهيمنته على البلاد، كبح جماح السياسيين من استشراء الفساد في البلاد، وبلغ الاطناب حدوداً لا تقف عند مديح.

ظهرت بعد حين أحزاب اسلامية في البلاد، لكنها غابت بسرعة عن المسرح السياسي، الى أن ظهر حزب التنمية الاسلامي بزعامة رجب الطيب اردوغان، في عصر راج فيه الاسلام السياسي في معظم بلدان الشرق، وفي الشرق الأوسط خصوصاً.

هل يكتفي السيد اردوغان ب نظام الاسلام الملطف أم يتجه اي حلمه ب الغاء العلمانية الصارمة مع ان العلمانية لا تشكل بديلاً من الاردوغانية؟

وهذا السؤال يراود الحكم التركي الجديد الذي يبسط سيطرته على البلاد، ويعمل على تصفية نظم العسكر سواء الذي يدغدغ أحلام الحزب المشغول بسعيه الى القضاء على الحزب الكردي، قبل التفرغ لمحاربة النظام العلماني، الذي زرعه كمال أتاتورك في تركيا، وجعله حلماً كبيراً لدخول تركيا الى العالم الأوروبي، الا أن الحرص الأوروبي على الديمقراطية، يتلاقى مع الحرص الأميركي على مقاومة الارهاب الداعشي خصوصاً، ومقاومة طلب اردوغان من الولايات المتحدة تسليمه جنرال تركي مقيم في أميركا، في وقت يجتاح فيه الارهاب فرنسا، ويقتل العشرات من الفرنسيين، ولا سيما أخيراً في مدينة نيس الفرنسية الواقعة على الشاطئ المتوسطي.

هذه التطورات القاتمة. دفعت ب حمائم المعارضة الموالية للرئيس سعد الحريري، الى البحث عن حل سياسي للأزمة الرئاسية في لبنان، وسط وجود صقور المعارضة. وهؤلاء الحمائم وجدوا أن لا مناص من حل وسط يقوده الاستاذ وليد جنبلاط وحمائم المستقبل لاقناع زعيم تيار المستقبل بتجميد تأييده لترشيح النائب سليمان فرنجيه، واقامة تحالف مع حزب الله على أساس القبول بترشيح الرئيس العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

ويبدو أن هذه المساعي اقترنت بمساعٍ بُذلت مع رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري بعد اتفاقه مع رئيس تكتل الاصلاح والتغيير جبران باسيل، على بلوكات النفط المجمدة منذ ثلاث سنوات.

الا ان الاتفاق المذكور اصطدم بمعارضة تظهر للمرة الأولى، بين رئيس مجلس النواب وبين رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، لأن الاتفاق النفطي قد جرى التوافق عليه، في منأى عن رئيس الحكومة.

الا ان الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، حفلت بمناقشات ساخنة بين وزير الاتصالات النائب الشيخ بطرس حرب ووزير الخارجية جبران باسيل، والاثنان يخوضان صراعاً سياسياً مريراً، حول زعامة منطقة البترون، حيث يحتل الأول قيادة المنطقة الجردية تنورين ويتبوأ الثاني زعامة البترون، المدينة الساحلية، التي للنائب فرنجيه زعامة تاريخية أرسى قواعدها جده الرئيس الراحل سليمان فرنجيه.

ويُروى أن الرئيس الشيخ أمين الجميل، عندما أراد في حقبة الثمانينات، الاجتماع بلسفه فرنجيه حدد له هذا الأخير منزل الزعيم البتروني الشهير يوسف ضو، ولا يزال نجله الاستاذ جورج ضو رجلاً بارزاً في عاصمة البترون، يمارس السياسة بهدوء، وبعيداً عن المهاترات السياسية.

هل يخرج الرئيس سعد الحريري من تحفظاته، ويتجاوب مع النائب وليد جنبلاط، في تأييد ترشيح العماد عون، أم ان اطلاق اسم جديد للرئاسة الأولى، خارج الأسماء الأربعة هو النائب سامي الجميل، ليكون البديل من الرؤساء أمين الجميل وميشال عون، وسليمان فرنجيه.

وعلى الرغم من أن الرئيس نبيه بري، قال الأسبوع الفائت إنه مستعد لتأييد العماد عون للرئاسة بشروط. الا ان التفاهم بين رئيس البرلمان وزعيم حزب الله قد يبدد الكثير من التحفظات، ويقلل العديد من الشروط، ذلك أن السيد حسن نصرالله متمسك بترشيح العماد عون، كما انه متمسك ب التحالف الثنائي بين حركة أمل وحزب الله.

الا ان آخر المشاورات بين الوزيرين بطرس حرب وجبران باسيل قد جمدت الى الأسبوع المقبل، لأن الحكومة الراهنة ممنوع عليها الاستقالة في غياب رئيس الجمهورية الذي وحده يملك حق القبول والتكليف.

ويبدو أن الانتخابات الرئاسية المعقدة باتت محاصرة بشروط من هنا وهناك، أبرزها الاتفاق على سيبة الحكم الثلاثية، ذلك ان اعضاء بارزين في حزب الله والتيار الوطني الحر يريدون سلة كاملة للحل بغية النزول الى البرلمان، وانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. ويبدو أن الاتفاق قائم على رئاسة الرئيس بري للبرلمان لكن العقدة الأساسية هي رئاسة الحكومة.

ويتردد في هذا المجال أن الرئيس سعد الحريري يتردد في التعاون مع العماد عون مستقبلاً، وان هناك من يرشح السيدة بهية الحريري لرئاسة الحكومة، أو الوزير نهاد المشنوق. الا ان الامور ما زالت في ضوء المقترحات لا أكثر ولا أقل.

الا ان مرجعاً في تيار المستقبل يقول إن معظم النواب والقادة لا يوافقون على ترشيح العماد عون لأسباب يعددونها، ويدعون الى مرشح ثالث تجمع البلاد على رئاسته، وفي مقدمتهم الوزير السابق جان عبيد والسفير اللبناني في الفاتيكان جورج خوري.

الا ان كثرة الفضائح ولا سيما فضيحة نهر الليطاني، وبحيرة القرعون جعلت الحكومة المتصدعة، امام خطر الانهيارات السياسية والمشاكل الاجتماعية، وما يتراشقه السادة الوزراء من اتهامات بحق بعضهم بعضاً.

ويقول الوزير رشيد درباس، إن العقبة الأكبر أمام الجميع، هي مشكلة النزوح السوري الكثيف الى لبنان، في غياب أي حل للوضع الغامض في سوريا، باعتبار ان النازحين الى لبنان، لن يعودوا الى بلادهم في ظل استمرار الرئيس بشار الأسد في قيادة سوريا، لأنه كما هو معروف عنه، متمسك بوجود حكومة سورية، من عناصر موالية له، أو مؤيدة لتوجهاته السياسية.

ويدعو أفرقاء بارزون في النظام السوري الى التعايش مع نظام لا يحبونه، لأنه أفضل من التعايش مع نظام لا يمالئونه تأييداً أو صمتاً أو تجاهلاً لما حدث في السابق.

وهذا ما جعل البحث قائماً عن عناصر قيادية، لا بد من أن تلعب أدواراً أساسية في ترميم مؤسسات النظام القائم.

الا ان المفاجأة غير المتوقعة، كانت سفر الرئيس نبيه بري في اجازة الى الخارج، والبلاد في أشد الحاجة الى مبادراته الانقاذية، وسفر رئيس الحكومة تمام سلام أخيراً الى نواكشوط للمشاركة في القمة العربية المنعقدة في موريتانيا.

كما ان مغادرة الرئيس سعد الحريري الى المغرب، أعطت انطباعاً بأن الحل اللبناني لم ينضج بعد، وما زال يحتاج الى كثير من الجهود لتصبح البلاد أمام تسوية ناضجة للحل السياسي، في ضوء رغبة جامحة من الجميع لطيّ الأزمات، وفتح أبواب الانفراج السياسي.

هل هذه هي مجرد أضغاث أحلام تراود الجميع، أم ان لبنان ماضٍ في المراوحة السياسية، من دون أن يعبأ أحد بالمخاطر الاقتصادية والمالية المحدقة بالبلاد والعباد؟

وهذا ما يضفي المزيد من المآسي على معظم المكونات السياسية.

ويروي وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حكايات أساسية تدين المعارضة السورية، وأبرزها توجيه الاهانات الى الرئيس بشار الأسد. ولا سيما خلال السنوات السابقة.

ويقول وليد المعلم انه في السلطة، منذ قرابة ربع قرن، ولم يشعر يوماً ان المعارضة السورية ترغب في الاصلاح أكثر من رغبتها في التخلص من النظام. إلاّ انه لا يستبعد وجود أخطاء سياسية من الجانبين الموالي والمعارض. ويؤكد ان الخطأ يعالج ولكن الحقد ليس علاجاً لأي مسألة سياسية.

ويروي وليد المعلم أيضا، انه عندما تعرّض الرئيس حافظ الأسد، لأزمة صحية سارع المعارضون الى دفنه حياً، لا الى انقاذه، وهذه مسألة تكشف سوء النظرة الى الواقع السياسي المحفوف بالمخاطر، والمهدّد بنيّات غير صادقة، وهذا جزء لا يتجزأ من النظام السياسي المطلوب ترميمه ليكون قاعدة لأي حل سياسي.

ماذا كان يحدث في غابر الأيام، يوم برز التقسيم خياراً مرفوضاً، كما هو مرفوض اليوم.

ولماذا العودة الى الفراق، من أحداث القاع الى حوادث تجري في بعض المناطق الجنوبية.

ولعل زيارة البطريرك الراعي أنعشت الآمال الذابلة في مدينة طائفة الروم الكاثوليك، الواقعة على الحدود اللبنانية – السورية شرقاً، لأن ثمة إصراراً على العيش الواحد، على الرغم مما يصدر من تصرفات سلبية، في بعض المدن الجنوبية.

وهذا ما كان يقوله وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام، محذراً من التقسيم، لأن لبنان كان جزءاً من سوريا، وسنعيده الى سوريا لدى أي محاولة للتقسيم، بما في ذلك الجبل والساحل، والأقضية الأربعة.

وهنا القول جعل المعارك حول مخيم تل الزعتر خطيرة، كما هي الحوادث الآن في مخيم عين الحلوة في مجاراة مدينة صيدا.

أبرز الأحداث السياسية في ذلك اليوم كان مبادرة اسرائيل الى التهديد بلسان وزير دفاعها بأنها لن تقف غير مبالية اذا تدخلت سوريا في لبنان. ثم مبادرة الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية الى القول بأن الولايات المتحدة تكرّر تأييدها الحفاظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وهي تؤكد ما ورد في رسالة الدكتور هنري كيسنجر الى الرئيس رشيد كرامي في الخامس من تشرين الثاني ١٩٧٥. وقال الناطق الأميركي أيضا: خلال المصاعب التي يواجهها لبنان أعلنا صراحة أن الولايات المتحدة تعارض أي تدخل خارجي في الشؤون اللبنانية، وقد أبلغنا المنطقة هذا الموقف، وإن موقف الولايات المتحدة لم يتغير وهي ضد تدخل أي دولة في لبنان، بما في ذلك سوريا واسرائيل.

وقالت المصادر الاسرائيلية تعليقا على تصريح الوزير خدام ان وزير الدفاع الاسرائيلي يعتبر أن أي تدخّل سوري في لبنان من دون اعتبار لسببه لا يمكن ان يترك اسرائيل غير مبالية، وعلى اسرائيل عند ذاك ان تدرس الخطوات الواجب اتخاذها. وقال انه يجب النظر الى التدخّل السوري كغزو بكل ما في الكلمة من معنى.

استؤنفت حرب التصريحات المتوترة بين الرئيس كرامي والرئيس شمعون وتناولت الخصوصيات، فيما استمرت المعارك في مختلف المناطق. وناصر بعض السياسيين، وبينهم الرئيس صائب سلام، الرئيس كرامي، واتهموا القصر بأنه أصبح برأسين، فرنجيه وشمعون.

أصدرت القوى الوطنية بيانا وقفت فيه الى جانب كرامي، ورفضت تدخل الجيش في القضايا الداخلية. وفي ١٠ كانون الثاني، عادت المعارك الى منطقة الفنادق، ودمّر مدخل فندق فينيسيا بعد ان تم احتلاله من قبل المسلحين واخراج النزلاء وقوى الأمن منه.

قام الرئيس كامل الأسعد بزيارة الى دمشق في حلقة من سلسلة المساعي التي يبذلها المسؤولون السوريون مع المسؤولين اللبنانيين للبحث في كيفية الخروج من الأزمة. ولعل دمشق تجد في كامل الأسعد كرئيس لمجلس النواب محاورا مقبولا من معظم الأطراف بخلاف باقي الشخصيات، بمن فيهم رئيس الحكومة، الذين يمثلون أطرافاً معينة من الفئات المتنازعة.

كشفت المحادثات التي أجراها الأسعد مع الرئيس الأسد والمسؤولين السوريين رغبة دمشق في اعادة مدّ الجسور مع رئيس الجمهورية، مقابل عملية فك ارتباط بينه وبين الرئيس كميل شمعون الذي بدا أن دمشق متضايقة من حملته الأخيرة عليها. وقد شنّ المسؤولون السوريون حرباً على وزير الداخلية باتهامه أنه يخوض معركة تقسيم لبنان، وذهبوا الى حد القول ان أحد أبنائه أجرى اتصالات بالاسرائيليين وعقد معهم اجتماعا في البحر، وان السلاح يتدفّق على لبنان من اسرائيل الى الأحرار. وقال خدام:

أبلغت الرئيس شمعون وجهاً لوجه ما قلته عن رأي سوريا في ضم لبنان اليها منذ شهرين في القصر الجمهوري، ولم يب يومذاك أي اعتراض على هذا الكلام. زارنا منذ شهرين ونصف تقريبا وبصورة سرية النائب كاظم الخليل وعرض علينا باسم الرئيس شمعون اقامة وحدة كونفدرالية بين لبنان وسوريا، على أساس ان يكون شمعون هو المحاور، ويكون له مكان بارز في الدولة العتيدة. وكان جوابنا للخليل ان الحديث عن هذا الموضوع في هذا الجو يبدو مستحيلا. ونرجو ان يكون كل شيء بعلم الرئيس فرنجيه واطلاعه.

لقد أكدنا لجميع الوسطاء وللموفدين اللبنانيين أننا مستعدون للمساعدة للوصول الى أي حلّ… ومستعدون أيضا للتفاهم الجدّي مع رئيس الجمهورية، لكن اذا استمرت الاشتباكات واستمر التصعيد والعمل على تقسيم لبنان، فإن الموقف السوري واضح برفض قيام اسرائيل ثانية في المنطقة، وستحارب سوريا التقسيم بكل الوسائل بما فيها القتال.

عاد الرئيس الأسعد من دمشق بتفاؤل على أمل ان يستمر هذا التفاؤل خلال الأيام القليلة المقبلة ويسفر عن اجتماع ثنائي بين الرئيسين فرنجيه والأسد، أو عن اجتماع رباعي يضم الأسد وفرنجيه والملك خالد وياسر عرفات.

بدا بوضوح ان الرئيس فرنجيه يقصد من هذا التشديد على استعمال القوة والقسوة مع عرفات أفضل من أسلوب الحوار والمفاوضة. وكان الرئيس فرنجيه مستاء أيضا من وقائع المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس أنور السادات في القاهرة لأنه استعمل ألفاظاً اعتبرها هجوما عنيفا على النظام في لبنان وقال: أستغرب ان يقول الرئيس السادات ان النظام اللبناني منذ عام ١٩٤٣ أصبح فاسداً ويجب تغييره واستبداله بنظام جديد… ثم يجري الاتفاق مع الفلسطينيين.

وتوقف قليلا، واستطرد: غريب أمر الحكام العرب… هل يخضعون للارهاب والتخويف الى هذا القدر، أم أن سفراءهم المعتمدين هنا لا يبعثون اليهم بالمعلومات الحقيقية عن واقع الأمور.

من جديد تحركت الوساطة السورية. ووصل الى بيروت رئيس الأركان السوري اللواء حكمت الشهابي واجتمع مع الرئيس فرنجيه حوالى أربع ساعات، ثم عاد الى العاصمة السورية، بعد ان تبادل حديثاً هاتفياً مع المجتمعين في عرمون واعتذر عن عدم تمكنه من اللقاء بهم، بسبب الحالة الأمنية.

رفض الرئيس سليمان فرنجيه ان يسكت على بيان عرمون وعلى اعتبار عملية اشتراك الطيران بمثابة تمرّد من الجيش على القيادة السياسية، واستدعى أحد كبار ضباط القيادة للمشاركة في إعداد بيان ضد بيان عرمون، ووجه رسالة الى قائد الجيش قصد بها بوضوح ردّ الاتهامات التي وجهت الى المؤسسة العسكرية. وجاء في رسالة رئيس الجمهورية الى قائد الجيش ما يلي:

في غمرة الأحداث الدامية المؤلمة التي تعصف بلبنان العزيز وأمام استمرار الحملات التي تحاول النيل من لبنان بمختلف الوسائل والأساليب يطيب لي ان أوجه تحية تقدير واعتزاز الى جيشنا الباسل وان أسجل له ما برهن عنه دوماً من انضباط فرض احترامه على الجميع ومن صمود في وجه كل التجارب التي مرّت وتمرّ بها هذه المؤسسة التي غدت من كيان هذا الوطن وحجر الزاوية في سياج السيادة.

ان الروح الوطنية الواحدة التي يتحلّى بها أبناء جيش لبنان تجعل منه القدوة التي يجب ان يستنير بها جميع أبناء لبنان، فالسياسات تتبدل ورجال السياسة يزولون لكن لبنان باق وباقية معه مؤسسة الجيش ذلك ان دين الجيش كان ويجب ان يبقى بعد الله لبنان وإن طائفة الجيش كانت ويجب ان تبقى لبنان، وعندما يحافظ الجيش على وحدته وتماسكه ويعززهما يحافظ في الوقت نفسه على وحدة اللبنانيين وتماسكهم ويجنّبهم خطر الانقسام.