IMLebanon

إعلان حرب

عوّدنا السيّد حسن نصر الله في كل مرّة يطل بها على جمهوره خطيباً على إثارة أزمة داخلية، تستدعي ردود فعل من الجانب الآخر تستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تهدأ النفوس، وتهدأ معها الساحة الداخلية بانتظار أن يعلن موقفاً تصعيدياً جديداً، يُلهب الأجواء من جديد، ويبدّد كل أمل عند اللبنانيين بإعادة الأمور إلى أوضاعها.

أما في إطلالته أمس فقد تجاوز كل السقوف وما هو مسموح به بين الجماعات والدول من الحفاظ على شعرة معاوية، فهو لم يكتف بتضامنه مع الحوثيين الذين انقلبوا على الشرعية في اليمن وأطاحوا بالنظام، وهو حرّ في اتخاذ هذا الموقف عملاً بنظرية الإعتراف بالآخر، بل ذهب بعيداً جداً في مواقفه الى حدود التشكيك في إسلام الشعب وحكام المملكة العربية السعودية حرّاس بيت الله الحرام، وحجة المسلمين، مما سيثير ردود فعل قوية في لبنان وفي كل العالم العربي والإسلامي على مثل هذا التطاول على المملكة وعلى شعبها وحكامها، وسوف تبرز هذه الردود خلال الساعات القليلة المقبلة بما لا يخدم الحوار القائم، بقدر ما يعيد الأجواء الداخلية الى الالتهاب، وإلى الاقتراب من حافة الفتنة الداخلية التي من المفترض أن يتعاون الجميع على درئها وإبعادها حتى لا يتحول هذا البلد الى قنبلة تفجّر المنطقة العربية والعالم الاسلامي برمّته.

لا أحد يفترض على تضامن حزب الله وجمهوره مع الحوثيين، حتى ولو كانوا هم المعتدين الذين أججوا الصراع المذهبي بين شعب اليمن الواحد وصاروا يهددون أمن المملكة العربية السعودية والأمن القومي والإسلامي نتيجة الدعم الإيراني غير المحدود لهم في الحرب التي أعلنوها على الشرعية وعلى الأكثرية الساحقة من الشعب اليمني المسلم ولكن لا أحد من اللبنانيين السنّة يقبل بأن تخوّن المملكة العربية السعودية بإسلامها لأنها اتخذت قراراً جريئاً لوقف الانقلاب الحوثي المذهبي، وإعادة الشرعية والأمن والاستقرار لهذا البلد العربي- الاسلامي وتجاوبت مع هذا القرار دول التعاون الخليجي وجمهورية مصر العربية، ومعظم الدول الاسلامية إذا لم يكن جميعها، كما تجاوب العالم وأصدر مجلس الأمن الدولي قراره الشهير حامل الرقم 2216 وتحت البند السابع، يطلب من الحوثيين تسليم أسلحتهم إلى الشرعية ووقف كل أعمال العنف في اليمن تحت طائلة اللجوء الى استخدام ما ينص عليه البند السابع من ميثاق الأمم المحدة.

يكفي استذكار هذا القرار للتأكيد على أن الجماعة الحوثية التي يتضامن معها حزب الله ويهاجم المملكة العربية السعودية بكلمات وعبارات لا يستخدمها إلا من فقد أعصابه لأنها استجابت لطلب الشرعية اليمنية، ومعها كل الدول العربية ما عدا أولئك المحكومين من النظام الإيراني مباشرة وبواسطة حزب الله تتحمّل وحدها مسؤولية الانقلاب على الشرعية وإشعال فتيل الحرب المذهبية تحت عنوان السنّي والشيعي في هذا البلد العربي الشقيق خدمة لأطماع ومآرب إيران في إقامة إمبراطورية فارسية عظمى على أساس مذهبي وعرقي، ومن هنا يصح القول أن خطاب أمين عام حزب الله أمس، تجاوز كل الخطوط الحمر ووضع البلد مجدداً أمام خطر الفتنة المذهبية.