IMLebanon

الاستفزازات والفلتان يمهدان للفتنة ليس فقط في الجبل… والحريري يتريّث في الدعوة لعقد مجلس الوزراء

 

يُصرّ رئيس الحكومة سعد الحريري على الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل رغم أنّ حادثة قبرشمون (أو البساتين) لا تزال تفرض نفسها على «تعطيل» العمل الحكومي، في ظلّ تمسّك كلّ من فريقي النزاع الدرزي بموقفه. فالملفات الحياتية والمعيشية والإجتماعية الملحّة فضلاً عن الضغوطات الدولية من الدول المانحة في مؤتمر «سيدر» لا يُمكنها الإنتظار لوقت أطول بعد، سيما وأنّ مجلس الوزراء لم ينعقد للأسبوع الرابع على التوالي بعد الحادثة المذكورة.

 

وفي الوقت الذي كانت تجري فيه الإتصالات والمشاورات على أعلى المستويات والتي يقودها الأمين العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم لتقديم الحلول بشأن إحالة حادثة قبرشمون إمّا الى المجلس العدلي في حال حصول التوافق على ذلك، أو الى المحكمة العسكرية أو لعدم إدراجها على جدول أعمال مجلس الوزراء تسهيلاً لانعقاده ولتسيير أعماله، جاء الإستفزاز الأخير لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب. فعند الساعة 2 (من ليل الجمعة- السبت الفائت)، حاول مناصر للحزب الإشتراكي يُدعى «ر.م» افتعال إشكال أمام منزله واقتحامه أمام أعين عناصر الجيش اللبناني الذين يتمركزون أمام المنزل»، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مديرية الإعلام في الحزب الديموقراطي اللبناني، الأمر الذي زاد من طين الخلاف الدرزي بلّة، ويؤشّر الى توسيع الشرخ الحاصل بين مؤيّدي كلّ من الحزبين.

 

وإذ اعتبر البيان المذكور أنّ «هذا العمل الجبان والمفتعل يأتي استكمالاً لمخطط اغتيال الوزير الغريب»، قلّلت وكالة داخلية الغرب في الحزب التقدّمي الإشتراكي في بيان- ردّ لها من أهمية الحادثة بالقول بأنّ «المواطن ر.ه. م. كان عائداً الى منزله بشكل سلمي ومن دون أن يكون بحوزته أي قطعة سلاح، وأثناء مروره على الطريق العام بجنب منزل الوزير صالح الغريب تعرّض الى إطلاق نار من حرّاس منزل الوزير الغريب ما أدّى الى إصابته بجروح خطيرة»، مؤكّدة أنّه «غير حزبي ولا ينتمي الى صفوف الحزب الإشتراكي».

 

في ظلّ هذا التفلّت الذي يشهده الجبل، تقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّه يجب وقف التحريض والإعتداءات المتكرّرة بين الحزبين الدرزيين لأنّ ما يحصل خطير جدّاً وقد يؤدّي ليس فقط الى الإنقسام الداخلي إنّما أيضاً الى تهديد السلم الأهلي في الجبل وخارجه بفعل انقسام اللبنانيين، كما الحكومة الى فريقين، الأول مؤيّد لهذا الفريق والآخر معارض له، والعكس صحيح. وهذا الأمر الذي أظهر التعدّي على عناصر الجيش اللبناني والإصطدام معهم، يشير الى إمكانية اندلاع الفتنة في البلد بين لحظة وأخرى، رغم أنّه ليس من مصلحة أحد أن تشتعل في المرحلة الراهنة التي يُعاني منها لبنان من مشاكل جمّة قد تجعله مضطراً لمواجهة المجتمع الدولي في حال لم تستكمل الحكومة عملها وتقوم بالإصلاحات المطلوبة منها وتقرّ الموازنة العامّة للعام الحالي، كما للعام 2020. فالمطلوب وأد الفتنة في أسرع وقت ممكن بدلاً من المضي في الإستفزازات والإتهامات المتبادلة، على ما شدّدت، ولهذا على المعنيين والحلفاء وقف الخطابات المشحونة والسعي الى التوافق على الحلّ الممكن لحادثة قبرشمون.

 

وذكرت بأنّ الحلول متوافرة، فرغم أنّ الحلول المقترحة من تحويل حادثة قبرشمون الى المحكمة العسكرية، أو تحويل حادثتي الشويفات والبساتين معاً الى المجلس العدلي، أو الفصل بين اجتماع الحكومة وحادثة قبرشمون الى حين انتهاء التحقيق، قد جرى رفضها حتى الآن. إلاّ أنّه لا يزال ثمّة حلول أخرى يُمكن أن تقرّب بين وجهات النظر إذا ما قرّرت التحقيقات توجيه الحادثة الى القضاء المختصّ، أو أن يتمّ التصويت على إحالة الحادثة الى المجلس العدلي في مجلس الوزراء، وإن كانت النتيجة تشير الى إمكانية انقسام الوزراء الى 15 مع و15 ضدّ. فمن وافق على تسليم المطلوبين للقضاء عليه القبول أيضاً بنتيجة التصويت داخل مجلس الوزراء في حال لم يتمّ التوافق وبقي الخلاف سائداً بين الفريقين.

 

وفي الوقت الذي كان يُفكّر فيه الرئيس الحريري الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، على أن يتمّ «تحييد» حادثة قبرشمون عن جدول أعمالها، بات يخشى اليوم أكثر من اي يوم مضى، انفجار الحكومة من الداخل أثناء حضور وزراء كلّ من الفريقين الدرزيين المتنازعين، على ما يقول مصدر سياسي في «تيّار المستقبل»، لا سيما بعد الحادثة الأخيرة التي جرت أمام منزل الوزير الغريب، ويُحاول كلّ فريق استثمارها لصالحه، ما سيجعله يتريّث عمّا كان ماضٍ به. كما أنّ هذه الحادثة الأخيرة جعلت الحزب الديموقراطي يصرّ أكثر فأكثر على أنّ إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي التي أصبحت حاجة ملحّة، على ما ذكر الوزير الغريب خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده السبت، «فلا يُمكن حلّ الموضوع من دون إحالة الحادثة الى المجلس العدلي».. مضيفاً بأنّ «ما حصل البارحة (السبت) يؤكّد ما حصل في 30 حزيران».

 

وفي رأيها، بأنّ تصفية الحسابات لا يجب أن تحصل لا على حساب المواطنين، ولا على حساب جلسات الحكومة، فالمجتمع الدولي يُراقب أداء الحكومة. وإذا كانت مجموعة المجموعة الدولية قد رحّبت بإقرار الموزانة العامة للعام 2019، كخطوة أولى ملحّة من قبل لبنان في الإدارة المالية ونحو خفض العجز ضمن رؤية لبنان الإقتصادية والتزاماته في مؤتمر «سيدر»، غير أنّها تنتظر بالتالي أن تُحرز الحكومة تقدّماً ملحوظاً في المسائل المتعلّقة بملف إصلاح قطاع الكهرباء، بما في ذلك إنشاء هيئة تنظيمية مستقلّة وغيرها من آليات الحكم الرشيد لتعزيز الفعالية والشفافية والمساءلة. كما تشجّع الحكومة على البدء بسرعة بالإستعداد لإقرار موازنة العام 2020 لمي تستكمل العملية في الوقت المناسب وبشكب مسؤول مالياً.

 

ومن هنا، فإنّ عدم انعقاد مجلس الوزراء خلال الأسابيع المقبلة، يشير، على ما لفتت، الى عدم وجود الحدّ الأدنى من التفاهم والتوافق بين الوزراء الممثّلين لمختلف المكوّنات السياسية، والى أنّ الحال «المجمّد» سيبقى كما هو لفترة مقبلة بعد، رغم أنّ لذلك تداعيات سلبية على مختلف الأصعدة وفي كلّ المجالات.

 

وتجد بانّ ما يحصل قد أعاق بالتالي عمل الوزير الغريب الذي لم يعد يتحرّك بحرية والذي وضع خطة تتعلّق بوضع النازحين السوريين في لبنان، بهدف عرضها على مجلس الوزراء في أقرب فرصة، غير أنّه لم يقم بهذه الخطوة بسبب الأحداث الأخيرة. علماً أنّه كان يأمل بأنّ تحظى هذه الخطّة بالإجماع الوطني لما لملف النازحين من انعكاسات سلبية على الصعد كافة، وكونها ترتكز على تطبيق القانون اللبناني وتبعد كلّ البُعد عن العنصرية التي غالباً ما يتمّ اتهام لبنان بها من قبل النازحين السوريين أنفسهم، في حين لا يقومون بذلك في الدول الأوروبية التي تستضيفهم وقتما تشاء، وترحّلهم جماعات جماعات عندما ترى أنّ ذلك مناسباً لها أكثر من وجودهم في بلدانها