IMLebanon

معادلة بوتين من أوكرانيا إلى سوريا

في سياق حديثه عن الوضع في سوريا قال فلاديمير بوتين على هامش المؤتمر الصحافي بعد انتهاء محادثاته مع بنيامين نتنياهو قبل عشرة أيام: “ان الأسد مستميت في المحافظة على نظام حكمه”، وقد رافقت هذا الكلام ضحكة مكتومة لكنها مفاجئة ولها مغزاها العميق.

هذه الضحكة بدت بالنسبة الى المراقبين في واشنطن كأنها تنم عن عدم اقتناع ضمني لدى بوتين بأنه من غير الممكن ان يستعيد الأسد سيطرته على سوريا، وان أقصى ما يأمل فيه الاحتفاظ بحكمه في دولة الساحل العلوية التي يمكن ان تشكل قاعدة روسية حيوية وممراً ايرانياً الى لبنان عبر العراق.

كل ما قاله بوتين عن الأسد ودوره في محاربة “داعش” قبل خطابه في الامم المتحدة، يناقض هذه الإستنتاجات الأميركية التي بدت سطحية بالنسبة الى المراقبين، لكنه لا يلغي حقيقة موضوعية هي ان سوريا في حسابات الكرملين ليست نسخة من الشيشان التي أمكن السيطرة عليها، بل هي نسخة من أفغانستان التي مرغت الجيش الروسي.

وعلى هذا فإن بوتين لن يندفع كما يتوهم البعض الى حرب طويلة وشاملة لتدمير الإرهابيين الذين باتوا يسيطرون على ٨٠٪ من مساحة سوريا، وإعادة سلطة رئيس يتهمه العالم بتدمير سوريا والتسبب بقتل أكثر من ربع مليون وتشريد الملايين الذين تضيق بهم أوروبا، فمن الناحية الميدانية تبدو المسألة مكلفة في مواجهة المتطرفين الذين سيتضاعفون على خلفية مذهبية لأن روسيا تحالف ايران في هذا الصراع، اما من الناحية الأخلاقية فتبدو المسألة مكلفة أكثر لأنه اذا كان دعم هياكل الدولة السورية مطلوباً من الجميع فإن دعم الأسد مرفوض تقريباً لدى الجميع وأولهم معظم الشعب السوري.

هذا ليس خافياً على بوتين الثعلب الذي يريد إرساء معادلة تؤسس لمقايضة سياسية معقدة بين أوكرانيا التي يعتبرها الحديقة الخلفية للكرملين وسوريا التي يعرف جيداً انها حلبة للصراع على النفوذ مع اميركا والغرب وبين دول اقليمية وازنة.

بنيامين نتنياهو الذي زار بوتين لتنظيم قواعد الإشتباك في الفضاء السوري بعد هبوط المقاتلات الروسية في سوريا، التقط خيوط اللعبة جيداً، ولهذا تعمّد قبل ان يلقي بوتين خطابه في الأمم المتحدة ان يلقي قنابله على مواقع للجيش السوري في منطقة القنيطرة!

زيادة في الإيحاء الوقح أعلن الجيش الإسرائيلي ان الغارة جاءت رداً على سقوط صاروخ عشوائي نتيجة المعارك الدائرة في سوريا على منطقة الجولان “من غير ان يتسبب بأي إصابات أو أضرار”، وفي هذا رسالة واضحة أُريد لها ان تسبق خطاب بوتين، مفادها ان موسكو لا تعترض كما توهم البعض على مواصلة اسرائيل نشاطها الجوي فوق الأراضي السورية وبالتنسيق مع الروس ضمناً!