IMLebanon

حديث هادئ

 

لا يمكن لأي مراقب إلاّ أن يتوقف عند الفرق الكبير بين خطاب سماحة السيّد يوم أول من أمس السبت وبين خطابه السابق الذي دام غيابه بعده عشرة أسابيع، والذي هدّد فيه بأنه إذا لم تشارك المعارضة السنّية في الحكومة فلن تتشكل الحكومة لا في يوم ولا في سنة ولا في ألف سنة وإلى يوم الدين… بينما كلامه المتلفز الأخير، وبكثير من الهدوء، والايجابية تضمّن إشادة بالرئيس المكلف، وأضاف أنّ هناك عقدتين «صغيرتين» يمكن حلهما.

 

كذلك تحدّث عن الاقتصاد، وأعلن عن نيّته بمساعدة الدولة والوزراء المعنيين في الاصلاحات المطلوبة.

 

في المقابل، وكالعادة، هاجم الاميركيين وتحدّث عن الانتصارات، وهنا لا بد من أن نتوقف عند الآتي:

 

أولاً: يتحدث السيّد حسن نصرالله عن الانتصارات التي حققها هو والايرانيون وطبعاً الرئيس بشار الأسد، وهذا كلام غير دقيق، لماذا؟ وهنا نطرح سؤالين:

 

السؤال الأول: هل قتل مليون مواطن سوري وتهجير 11 مليوناً وتدمير البنية التحتية والتي أصبحت بحاجة الى 500 مليار دولار لكي تعود الى ما كانت عليه قبل بداية الثورة، هل هذا هو انتصار؟! وعلى مَن؟..

 

السؤال الثاني: وبكل تواضع لولا التدخل العسكري الروسي أين كانت وصلت الأمور في سوريا؟ وهل نسي السيّد أنه هو والنظام السوري والقوات الايرانية وجميع الميليشيات الشيعية العراقية التي تسمّى «الحشد الشعبي» وقوات الحرس الثوري الايراني وقائد «فيلق القدس» فيها اللواء قاسم سليماني، والأفغان… جميعهم كان بقي أمامهم أسبوع واحد لينتصر الثوار عليهم ويحكمون سوريا.

 

فهل انتصار روسيا هو انتصار لسوريا؟

 

ثانياً: يتحدث السيّد عن أميركا ويهاجم الاميركيين قياماً وقعوداً ويقول: علينا ألاّ نعتمد عليهم… ونحن نوافق على كلامه ولكن لدينا سؤال بسيط: هل من المصادفة أن الرئيس صدّام حسين الذي كان يهاجم الاميركيين قد دفع ثمن ذلك حياته؟

 

والزعيم الليبي معمّر القذافي الذي كان يتحدى أميركا وجميع الرؤساء في أيامه ورفع شعار «طز» في أميركا ماذا كان مصيره؟ طبعاً في القبر بطريقة بشعة.

 

في المقابل، لماذا لا نتذكر الرئيس حافظ الاسد الذي حكم سوريا 30 سنة كانت أفضل مرحلة من الاستقرار والأمن، وحقق انتصاراً حقيقياً على إسرائيل عام 1973 في حرب تشرين ولم يتهجّم طوال حكمه على أميركا ولم يهاجم أي رئيس أميركي… وهو الرئيس العربي الوحيد الذي لم يذهب الى أميركا، واجتمع مرتين مع الرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون في جنيڤ، أي في منتصف المسافة بين سوريا وأميركا.

 

نعود الى التهديدات التي أطلقها السيّد الى زعماء إسرائيل قائلاً إنّه يستطيع أن يصيب أي هدف يريده ويمكن لصواريخه أن تصل الى تل أبيب وأنّ قواته العسكرية يمكن أن تدخل الى الجليل الأعلى.

 

كلام جميل ومهم وضروري لرفع المعنويات في هذه الأيام الصعبة ولكن يجب ترك هذا السلاح الى «وقت الحشرة» فلا يكشف عن أسراره العسكرية.

 

في المقابل، إسرائيل تقوم بالتنسيق مع الروس بطلعات جوية على سوريا أصبحت شبه يومية مستهدفة القوات الايرانية وقوات «حزب الله» وضرب مستودعات الصواريخ والأسلحة التابعة للإيرانيين في أحد مقارها قرب مطار دمشق.

 

طبعاً يأتي الرد كل مرة أنّ السوريين والايرانيين سوف يردّون على الإعتداءات في الزمان والمكان الذي يختارونه ولن يعطوا إسرائيل فرصة لاستدراجهم.

 

السؤال الطبيعي لماذا لا يرد «حزب الله» وماذا ينتظر؟

 

أخيراً، هذه الإشادة بالرئيس ميشال عون وبالسوبر وزير جبران باسيل بالرغم من أنه بعد حديث الرئيس للتلفزيون بمناسبة السنة الثالثة لم يكن كما يرغب السيّد ويقال إنّه استدعى جبران ولم يكن اللقاء جيداً… على كل حال سبحان مغيّر الأحوال.

 

عوني الكعكي