IMLebanon

السارق من السارق كالوارث من أبيه

 

ينطبق هذا القول على رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد… وهنا لا بد من التساؤل: مَن هو رامي مخلوف؟ وكيف استطاع جمع هذه الثروة الكبيرة؟ وكيف أصبح صاحب السوق الحرّة في سوريا؟ ثم كيف صار مديراً عاماً لشركة «سيرياتيل» أي شبكة الاتصالات السورية، والتي تمتلكها الدولة؟

للإجابة على هذه الأسئلة، لا بد أن نبدأ أجوبتنا بحقيقتين: الأولى أنه ابن خال الرئيس بشار الأسد، وبمعنى أدق، فإنّ كل ما حصل عليه رامي، وكل ما جمعه من ثروة، كان بمعرفة وتسهيل من بشار الأسد شخصياً.

بداية الحكاية، تعود الى أنّ الرئيس بشار الأسد، اختار ابن خاله رامي ليشرف على الملف الاقتصادي الخاص بالعائلة… السبب الأول أنه كان يثق به والثاني انه ابن خاله.

إنّ كل مطّلع على مجريات الأمور في سوريا يعلم أنّ السيّد محمد مخلوف والد رامي، كان رجلاً موثوقاً به من العائلة «الحاكمة»، وخصوصاً أنّ المرحومة السيّدة أنيسة، زوجة الرئيس الراحل حافظ الأسد، كانت مقرّبة جداً من أخيها محمد، وتميّزه عن غيره من الأقارب… ولهذا السبب عيّـن محمد مخلوف مديراً عاماً لإدارة التبغ والتنباك، وهي مؤسسة حكومية، لكنها كانت في الوقت عينه امبراطورية بحدّ ذاتها… بعد ذلك عيّـن محمد مخلوف مديراً عاماً لأحد المصارف.

هذه المكانة التي وصل إليها محمد مخلوف، دفعت ببشار الى اختيار رامي، كوجه مالي بارز للعائلة… ومن غيره يستطيع تسلّم مثل هذا المنصب، ليكون محل ثقة كي يضع بشار أمواله وثروته باسمه وبين يديه؟

كانت الأمور تسير بشكل طبيعي وجيّد، وكان رامي مقرّباً من بشار الأسد، ينفذ أوامره بكل دقة.

وما إن اندلعت الثورة السورية الشعبية، وبدأت عملية فرز الطوائف، عاد رامي ومن دون تردّد الى عرينه الطائفي وارتمى في أحضان «طائفته العلوية» كما أعاده الحنين الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، لأنّ العائلة كانت تورّد للحزب زعماء وقادة… ولم يكتف رامي بذلك، بل أسّس جمعية «البستان الخيرية» حسب ادعائه، وأسّس معها جيشاً شبه نظامي من العلويين، وبسبب غناه الفاحش ارتفعت أسهمه… كيف لا وقد بلغت ثروته حداً كبيراً جناها من تجارة السلاح والمخدرات، فعادت عليه بالمال الوفير… ثم جاء «الموبايل» الهاتف الخلوي، وبدأت الثروة تتضاعف أضعافاً عدة، ليتحوّل الى رجل يضاهي ثروته ثروة اللبناني كارلوس سليم الذي تبلغ ثروته الـ80 مليار دولار.

هذه الأحداث، ساهمت في شحن رامي بأحلام كبيرة، فصار يحلم بقيادة حزب، لحاجته الى السلطة، كما في المسلسل الاميركي «داينستي» المال والسلطة. وعندما تأكد رامي أنّ إمكانياته المالية كبيرة، وعنده حزب، وعنده أكثر من ستين ألف مقاتل، يتواجدون تحت «مظلة» البستان الخيرية، عصف برأسه جنون العظمة، وتصوّر نفسه رئيس المستقبل.

هنا اصطدمت أحلامه بواقع وجود بشار الأسد الذي ضحّى بأكثر من مليون قتيل من شعبه، ودمّر نصف سوريا من مبانٍ حكومية، ومستشفيات ومساجد وكنائس ومؤسّسات تعليمية.. وأوصل وطنه الى الحضيض، فصارت سوريا اليوم بحاجة الى 500 مليار دولار لتعود كما كانت قبل الثورة.

أقول اصطدم حلم رامي بواقع وجود بشار، فوقعت الواقعة بين بشار ورامي… وبدأ بشار «بقصّ» جناحي رامي… فضم مقاتلي جمعية البستان الى الجيش النظامي… وهكذا صار رامي «من دون قوة عسكرية».

ثم بدأ الضغط المالي عليه، وبدأت الكوارث تنهال على رأسه، وطولب بدفع مئات الملايين كضرائب، كان تخلّف عن سدادها، وبات مطلوباً للقضاء، وأعفي من مناصبه في شركة الاتصالات «سيرياتيل».

وهكذا صار رامي مخلوف وحيداً، في منزل في منطقة «الصبورة» ينتظر الفرج.. وهذا الفرج إن «أتى» فلن يكون إلاّ بأمر من بشار الأسد. إشارة الى ان زوجة رامي وأولاده غادروا عن طريق مطار بيروت بطريقة مشبوهة.

أخيراً لفتني خبرٌ يفيد بأنّ رامي يريد مساعدة أهالي «منطقة الساحل» التي تقطنها أكثرية علوية، بعد الحرائق التي تعرّضت لها، وفقدت ثروة حرجية ليست بالقليلة… لكن وعد رامي هذا مرتبط بفك «أسر» أمواله، كي يصبح قادراً على تحقيق الوعد، وهذا ما دفعني الى القول:

«السارق من السارق كالوارث من أبيه».