IMLebanon

اعادة تكوين السلطة وقانون السلطة الثابتة

 

مبروك للناخبين خيارهم وبدء المجلس الجديد العمل البرلماني. مبروك للنواب القدامى والجدد، مهما يكن عدد الأصوات التي نالها كل منهم في اقتراع مارسه أقلّ من نصف الناخبين. مبروك لرئيس المجلس ونائبه وأعضاء هيئة المكتب. وكل انتخابات واللبنانيون بخير في منطقة تغلي، وعلى موعد مع استحقاق ديمقراطي عسى أن يأتي في موعده الدستوري فلا يتم تأخيره خمس سنوات بالتمديد للمجلس.

ذلك ان الانتخابات التي قال ألكسيس دوتوكفيل انها ثورات دستورية، هي في لبنان حروب وقائية لمنع الثورات وأي تغيير أو حتى تطور في النظام. واعادة تكوين السلطة نظريا عبر ممرّ الانتخابات هي عمليا عندنا على مدى عقود اعادة انتاج السلطة لنفسها، بصرف النظر عن بقاء أسماء وتبدّل أسماء بفعل التبدّل في موازين القوى أو بقوة البيولوجيا وتقاليد الوراثة. فالقديم يتجدّد، والجديد يتقادم.

أمس كان التجديد السادس للرئيس نبيه بري. واليوم التجديد الثاني للرئيس سعد الحريري. وغدا نسخة منقّحة من تركيبة الحكومة المستقيلة تسمّى حكومة جديدة. وأمس واليوم وغدا، لا مهرب من كون السلطة في أيدي سبعة أمراء بعضهم ليس في المجلس ولا يقبل الترشح للنيابة وليس في الحكومة ولا يقبل التوزير. والبقية من ضرورات المشهد الديمقراطي على المسرح. ولا مهرب بالطبع من التسليم بالعامل الاقليمي والدولي المؤثر في المواقف والسياسات الداخلية، لا الخارجية فقط.

 

ولا بأس في الحفاظ على الطقوس الديمقراطية وشكلية الإنتخاب حيث لا تنافس على المنصب. لكن الوقت حان للخروج من واقع المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة، والعودة الى ما كانت عليه الإنتخابات من تنافس بين مرشحين قبل الحرب والطائف وما كرّسته الوصاية السورية واستمر بعدها عبر وصايات جديدة وقديمة.

وفي كل إنتخابات أو تطورات دراماتيكية أو انتصارات في معارك يقال ان ما بعدها لن يكون كما كان قبلها. غير أن الكل يصطدم في النهاية بالواقع الذي يقدم البرهان على أنه ليس في لبنان فاصل حقيقي بين ما قبل وما بعد بل استمرار بالوسائل نفسها أو بوسائل أخرى. وما كان الإستثناء اللبناني من القاعدة السلطوية الدائمة في العالم العربي يقترب بقوة الأشياء من الإندماج في القاعدة. ولا أحد يعرف إن كنّا نستطيع التخلص من ان تنطبق على واقعنا نظرية اللورد كراكبورن التي خلاصتها: السياسة هي حول الخداع والإستمرارية، وأحياناً حول خداع الإستمرارية.

وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل كما قال شاعر قديم.