IMLebanon

التجديد للسلطة… والعبرة في الإنجازات

 

الإختبار النيابي الأول في ساحة النجمة أمس، أفضى إلى المؤشِّرات التالية:

المؤشِّر الأول أنَّ موازين القوى لم تتبدَّل كثيراً، على رغم أنَّ الإنتخابات تمت وفق القانون النسبي وليس وفق القانون الأكثري كما كان يحدث في السابق.

موازين القوى هذه حملت الوقائع التالية:

إنَّه تحالف الأقوياء، فمن جهة هناك الرئيس نبيه بري الذي يكون على رأس مجلس النواب للمرة السادسة على التوالي، ويملك أكبر كتلة شيعية بالتوافق مع حزب الله، ومن جهة أخرى هناك الرئيس سعد الحريري الذي يملك أكبر كتلة من النواب السنّة، ما يصل إلى ثلثي عدد النواب السنّة في مجلس النواب. وهناك النائب جبران باسيل الذي يملك أكبر كتلة نواب مسيحيين من مختلف المذاهب المسيحية، وهناك النائب وليد جنبلاط الذي حاز على كل عدد النواب الدروز باستثناء نائب واحد.

تحالف الأقوياء هذا أعطى الرئيس نبيه بري عند الإنطلاق ثمانين نائباً تقريباً، ثم أتى دور الكتل الأقل حجماً أي كتلة التوافق بين المردة وفيصل كرامي وفريد الخازن، ثم يأتي دور نواب كتلة العزم المؤلفة من أربعة نواب وكتلة القومي المؤلفة من 3 نواب، ثم يأتي النواب المنفردون الذين يبلغ عددهم أربعة نواب، فيصل العدد إلى ٩٨ صوتاً.

يعرف رئيس المجلس أنَّ العدد الذي ناله ليس قليلاً، وسيكون واحداً من الأقوياء الثلاثة أي مع الرئيس عون والرئيس الحريري.

هنا يُطرَح السؤال الكبير:

هل تكون الديمقراطية بخير إذا كان الأقوياء هم الأكثرية فيما لا وجود للمعارضة؟

الداعي إلى هذا السؤال هو المعادلة التالية:

الكتل الكبيرة التي حسمت انتخابات رئاسة مجلس النواب هي نفسها الكتل التي ستُشكِّل الحكومة. هذا يعني أنَّ السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية منبثقتان من القوى نفسها، فكيف سيكون فصل السلطات؟

وكيف ستراقب السلطة التشريعية السلطة التنفيذية فيما هما من كتل واحدة؟

***

أكثر من ذلك، إذا كانت الحكومة هي حكومة العهد الأولى كما يُطلق عليها رئيس الجمهورية، وإذا كان رئيس الجمهورية يملك أكبر كتلة نيابية من خلال كتلة لبنان القوي، فكيف ستكون التجربة الجديدة حين تتجمَّع أكثرية نيابية وأكثرية وزارية في مكان واحد؟

أيُّ تأثيرٍ للمعارضة في هذه الحالة؟

وأين هي المعارضة بعد موازين القوى هذه؟

ربما الإيجابية في هذا الواقع الجديد، أنَّ يد رئيس الجمهوية ستكون طليقةً في أن يلبّي للناس ما وعدهم به على مستوى مكافحة الفساد، وهذا ما سيظهر في اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة، بحيث أنَّ كل المؤشرات تدلُّ على أنَّ رئيس الجمهورية لن يتساهل في هذا الملف على الإطلاق، لأنَّ لا مبرر بعد اليوم للتساهل.

***

أمس الرئيس بري لأربع سنوات جدد.

اليوم تبدأ الإستشارات النيابية المُلزمة من قِبَل الرئيس العماد ميشال عون ليوم واحد فقط والتي ستؤدي إلى تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة.

إنَّه تجديدٌ للسلطة من داخل السلطة… والعبرة في الإنجازات.