IMLebanon

مطلوب توازن الصلاحيات في اتفاق الطائف

شارل أيوب

اليوم في عهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون وفي ظل القرار الدستوري بأنه اذا لم يوقع رئيس الجمهورية مرسوما اقرته الحكومة فيتم نشره خلال 15 يوما، فان هذا الامر لم يحصل مع العماد ميشال عون طالما انه رئيس للجمهورية ولم تتجرأ أي حكومة على نشر مرسوم لا يوقعه الرئيس العماد ميشال عون.

واقع لبنان الحالي ان الطوائف تفتش عن احوالها، وان زعماء الطوائف يفتشون عن تمثيل طوائفهم في المجلس النيابي القادم، وفق تمثيل صحيح ينطلق من الطائف، واذا كانت ديموقراطية لبنان هي ديموقراطية توافقية تنطلق من العيش المشترك، فان ذلك يعني توافق الطوائف فيما بينها لتأمين العيش المشترك من خلال تعديل الدستور الحالي، وتعديل الطائف، على أساس ان يكون هنالك توازن في الصلاحيات تتمتع بها الطوائف في إدارة الحكم في لبنان، هذا مع الأسف لان الطائف ترك نظام لبنان طائفيا وكرّس المذهبية وزاد على مرض الطائفية مرض المذهبية، وبعدما كان لبنان يتكلم لغة التعايش المشترك بين مسلم ومسيحي اصبح يتكلم لغة الطوائف بين المسلم والشيعي ولغة التعايش بين المسيحي والسني والشيعي ولغة التعايش بين الدرزي والسني والشيعي والمسيحي.

الرجل الذي وقف في وجه الطائف هو الرئيس العماد ميشال عون، ودفع دما من ضباط وجنود الجيش اللبناني ثمنا غاليا للوقوف في وجه الطائف وهو كل ما طلب تعديل حرف واحد في اتفاق الطائف، لم يردّ عليه أحد.

واذا نظرنا الى حالة الطوائف، وجدنا ان الطائفة الشيعية طائفة مرتاحة في تمثيلها وحزب الله وحركة أمل يمثلان الجمهور الأكبر او معظم الجمهور في الطائفة الشيعية، ولا مشكلة تمثيل عندهم لا في زمن الوصاية السورية ولا في الزمن الحالي بعدما انسحب الجيش العربي السوري من لبنان سنة 2005. اما الطائفة السنيّة، فهي تتمتع بصلاحية رئيس مجلس الوزراء الواسعة والتي تشمل مؤسسات كثيرة ويرأس السلطة التنفيذية ومعها حوالى 200 مؤسسة وهو اذا استقال استقالت الحكومة، واذا لم يحضر لا تجتمع الحكومة، وهو غير ملزم بتوقيع المراسيم خلال 15 يوما مثله مثل الوزراء، بينما رئيس الجمهورية ملزم بتوقيع المراسيم خلال 15 يوما والا فان الحكومة تنشر المرسوم غير الموقع من رئيس الجمهورية.

اما الطائفة الدرزية فيسيطر عليها الوزير وليد جنبلاط بمعظمها، ويسيطر الأمير طلال أرسلان على قسم منها، ويحاول الوزير السابق وئام وهاب تكريس حالة جديدة في الطائفة الدرزية، لكن في وجهه قوة كبرى هي الوزير وليد جنبلاط والأمير طلال أرسلان.

اما الطائفة المسيحية في ظل الطائف فان رئيس الجمهورية تم سحب الكثير من صلاحياته، ولا تعني إعادة صلاحياته اضعاف صلاحية رئيس مجلس الوزراء بل يمكن إبقاء صلاحية رئيس مجلس الوزراء وفق الطائف مع إعطاء صلاحيات لرئيس الجمهورية تتعلق بالحكومة وبالمجلس النيابي، وبعدم الزامه بالتوقيع خلال 15 يوما ومساواته بالوزراء ورئيس الحكومة.

ولقد حلت بالطائفة المسيحية كارثة بعد الطائف، فتم ابعاد العماد عون 15 سنة عن جمهوره، وابعاد الرئيس امين الجميل 12 سنة عن لبنان وعن حزبه الكتائب، وتم سجن الدكتور سمير جعجع 11 سنة و3 اشهر، وابعاده عن حزب القوات اللبنانية، ومحاولة إقامة قيادة لحزب الكتائب وحزب القوات في غياب الرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع. وتم اختراع شخصيات مسيحية وفرضها لتمثيل المسيحيين في ظل الطائف والوصاية السورية دون الاخذ في عين الاعتبار الرأي العام المسيحي.

وكان المسيحيون مظلومين ودفعوا ثمن تطبيق الطائف، الذي بدل ان يجعل من لبنان بلد مجتمع مدني لم يستطع الطائف إقامة مجتمع مدني سليم ولم يستطع تنفيذ الغاء الطائفية السياسية ولم يستطع إقامة مجلس الشيوخ الذي يرئسه رئيس من الطائفة الدرزية، ليكون هنالك رئيس جمهورية ماروني ورئيس مجلس شيعي ورئيس حكومة سنّي، ورئيس مجلس شيوخ درزي، ويحصل توازن في السلطات والصلاحيات.

لقد خدم الميثاق الوطني خدمته منذ عام 1943 حتى اندلاع الحرب سنة 1975وعشنا فراغا دستوريا من عام 1975 لحين إقرار اتفاق الطائف سنة 1989، وكان اتفاق الطائف ردة فعل على الحروب التي حصلت في لبنان اكثر مما هو دستور تم وضعه في ظل عقلانية وهدوء وبحث جدي في مستقبل الكيان اللبناني، وخدم الطائف خدمته 27 سنة، واظهر عن فشل كبير، والطائف يقود في تقسيم لبنان على قاعدة محافظات واجراء الانتخابات بعد تقسيم الدوائر الى محافظات، وبذلك يكون للبنان قانون انتخابي جديد، ورغم ذلك لم يتم تقسيم لبنان الى محافظات واعداد قانون انتخابي جديد مما جعل الطائف شبه مشلول والبلاد مشلولة ونحن حاليا نعيش ازمة إيجاد قانون انتخابي والاتفاق عليه لاجراء الانتخابات في 21 أيار التي نشك في اجرائها في وقتها، لانه مضى 5 سنوات ولم يتم وضع قانون انتخاب جديد. فهل يوضع قانون انتخاب جديد خلال الأيام الباقية، بعدما تم هدر 5 سنوات ولم يتم اعداد قانون انتخابي جديد؟

العماد عون لن يوقع على دعوة الهيئات الانتخابية للانتخاب على أساس قانون 1960، ومن الصعب على الحكومة ان تنشر مرسوم دعوة الهيئات الانتخابية اذا لم يوقع ذلك العماد ميشال عون، أولا، لان لا احد يتجرأ على كسر هيبة العماد ميشال عون كرئيس جمهورية جديد، وثانيا لان الشارع المسيحي سيتحرك في ظل التحالف الثنائي بين العماد عون والقوات اللبنانية ولن يشترك المسيحيون في الانتخابات النيابية. ويكون ميثاق العيش المشترك قد تعرض للاهتزاز، وسيسحب العماد عون والقوات اللبنانية الوزراء المسيحيين من الحكومة، وتصبح الحكومة حكومة غير ميثاق وطني.

ثم عندما يتم تأجيل الانتخابات سيتم طرح قانون للتمديد للمجلس النيابي، ومرسوم التمديد للمجلس النيابي لن يوقعه العماد ميشال عون، وبالتالي هنالك تحدٍ امام الحكومة، هل تنشر مرسوم التمديد للمجلس النيابي في ظل رفض العماد عون التوقيع على المرسوم؟ واغلب الظن ان الحكومة لن تتجرأ على نشر مرسوم التمديد للمجلس النيابي. وهنا سنكون امام ازمة دستورية حقيقية، وعندئذٍ سنصل الى البحث في تعديل الطائف. والرجل الذي انتظر حتى وصل الى سن الـ 81 سنة، وهو العماد ميشال عون ليصبح رئيسا للجمهورية، لن يقبل أن يكون رئيس جمهورية باش كاتب، بل يريد إعادة للمسيحيين صلاحياتهم في المركز الماروني الرئاسي، وعندئذٍ يحصل التوازن بين السلطات، سواء رئيس الجمهورية ام السلطة التنفيذية ام السلطة التشريعية.

انا اكتب ولا اعرف فكرة الرئيس العماد ميشال عون، لكن اعرف ان الشخص الذي دفع دما وتمت استباحة الساحة المسيحية بالتمثيل النيابي والوزاري واعتقالات بالجملة لشبان مسيحيين وبالالاف، لن يقبل هذا الرجل الذي هو العماد عون الذي طلب تعديل حرف في اتفاق الطائف عام 1989، الا ان يعدّل في اتفاق الطائف وهذا من باب التحليل والتقدير، وليس من باب المعلومات، اذ انني لم اجتمع بفخامة الرئيس العماد ميشال عون منذ انتخابه رئيسا للجمهورية، ولا اعرف رأيه في الموضوع، اما انا فأتكلم كرئيس تحرير لصحيفة يراقب الأوضاع، ويرى في الأفق غيوم ازمة دستورية كبيرة آتية الى لبنان. ويرى ان المسيحيين قد ظلموا، ولحق بهم ظلم كبير، بينما بقية الطوائف في الوصاية السورية كانت كلها معززة باستثناء المسيحيين، والطائف سلب صلاحيات رئيس الجمهورية، ولذلك سنصل الى ازمة دستورية تكون المدخل لتعديل الطائف وتعزيز صلاحية رئيس الجمهورية.